molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: في المسارعة إلى الخيرات والمنافسة في الأعمال الصالحات - عبد الله بن صالح القصير / الرياض الخميس 26 يوليو - 6:04:07 | |
|
في المسارعة إلى الخيرات والمنافسة في الأعمال الصالحات
عبد الله بن صالح القصير / الرياض
الخطبة الأولى أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى وسارعوا إلى مرضاته بجليل الطاعات، وعظيم القربات، واغتنام الفرص والأوقات، اغتنموا حياتكم قبل فنائها، وأعماركم قبل انقضائها، ونعمكم قبل زوالها، وعافيتكم قبل تحولها، ويسر أموركم قبل عسرها، بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا و((بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر؟)).
أيها الناس: إن الله تعالى قد حثنا على المسارعة إلى مغفرته وجنته، فقال سبحانه: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين [سورة آل عمران:133]. وأوضح ربنا سبحانه أن المسارعة إلى مغفرته وجنته ليست بالدعوى ولا بالتمني، وإنما تتحقق بفعل جليل الأعمال الصالحات، التي يحبها ويرضاها رب الأرض والسماوات، من الإحسان إلى الخلق ابتغاء وجهه، وكف الأذى عنهم، وتحمل أذاهم طمعاً في عفوه وإحسانه، ومنها البعد عن اقتراف المعاصي والسيئات، واجتناب الفواحش، وظلم النفس في سائر الأوقات، والمبادرة إلى ذكر الله وطلب مغفرته عند الوقوع في شيء من ذلك جهلاً؛ لعدم علم أو غلبة هوى، والحذر من الإصرار على ما يعلم من الزلات، فقال جل شأنه: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون [سورة آل عمران:135].
فحين ذكروا ربهم علموا خطيئتهم فبادروا إلى الاستغفار، وتجنبوا الإصرار، ولهذا تكرم الله عليهم فوعدهم بالمغفرة والجنة بقوله: أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين [سورة آل عمران:136].
أيها المسلمون: إن المسارعة في الخيرات صفة جامعة لفنون المحاسن المتعلقة بالنفس وبالغير، وهي من فرط الرغبة في الخير، فإن من رغب في أمر سارع في توليه والقيام به، وآثر الفور على التراخي فيه، ولذلك يسابق إليه إحرازاً لقصب السبق، وحذاراُ من الفوات، ولهذا أمر الله تعالى به حيث يقول: فاستبقوا الخيرات [سورة المائدة:48].
واستباق الخيرات يتضمن المبادرة إليها وفعلها على أحسن الوجوه، وتكميلها بإيقاعها على أكمل الأحوال، والخيرات تشمل جميع الفرائض والنوافل من صلاة وصيام، و+اة وحج وعمرة، وجهاد، وبر الوالدين وصلة الارحام، ونفع خاص أو عام. والمسارع والمستبق في الدنيا إلى الخيرات هو السابق في الآخرة إلى الجنات، قال تعالى: إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون اولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون [سورة المؤمنون:57-61]. فهذه شهادة من الله للمسارعين في الخيرات أنهم سابقون إلى الجنات، كما قال تبارك اسمه: والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً [سورة الواقعة:10-26].
فالسابقون إلى الخيرات هم أعلى أهل الجنة درجات، وهم أقربهم إلى الله تعالى وأعظمهم منهم كرامات: إن المتقين في جنات ونَهَر في مقعد صدق عند مليك مقتدر [سورة القمر:54-55].
وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن أهل الجنة صفوف، وأنهم مائة وعشرون صفاً، وأن أقربهم من الله تعالى أعظمهم في الدنيا مسارعة إلى الخيرات، وأسبقهم إلى صفوف الصلاة، وفي الحديث الصحيح يقول : ((لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول – أي من الخير – ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه – أي يقترعوا – لاستهموا)). وفي الحديث الذي رواه مسلم أيضاً يقول : ((خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها)).
فسارعوا رحمني الله وإياكم إلى المغفرة والجنات في استباق الخيرات، واغتنام الأوقات، فإن في ذلكم التجارة الرابحة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور [سورة فاطر:29-30]. وقال ربكم في وصف هؤلاء: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء ال+اة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب [سورة النور:37-38].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا جميعا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية لم ترد.
| |
|