molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: في التذكير - عبد الله بن صالح القصير / الرياض السبت 28 يوليو - 10:06:22 | |
|
في التذكير
عبد الله بن صالح القصير / الرياض
الخطبة الأولى أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله والزموا سنة نبيكم تهتدوا، وأخلصوا لله تعالى نياتكم تربحوا، واستبقوا الخيرات وابتعدوا عن المنكرات ،وتوبوا إلى ربكم من قريب عما أسلفتم من السيئات، تفوزوا بمغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض، وتزحزحوا عن النار يوم العرض.
عباد الله: جاهدوا أنفسكم على أداء الواجبات، وترك المحرمات، والبُعد عن المنكرات، ولزوم التوبة والاستغفار من السيئات، والتقصير في سائر الأوقات، تحشروا إلى الله تعالى في صف المهديين المحسنين، وتأمنوا مما توعد الله به الغافلين الهالكين؛ فإن مجاهدة النفس برهان الاجتباء، وصفة خاصة الأولياء.
يقول تعالى: يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج [سورة الحج:77-78]، ويقول سبحانه: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين [سورة العنكبوت :69]، وفي الحديث عن النبي قال: ((المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله)) رواه أحمد.
أيها المسلمون: ثبت في صحيح مسلم رحمه الله، عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ((يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)) الحديث، وفيه: ((يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم )).
وفيه أيضا: ((يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )). وقال : ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)). الحديث رواه مسلم. وقال : ((خيركم من طال عمره وحسن عمله)).
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ((أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا؟)) وقال : ((عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحطّ عنك بها خطيئة)) رواه مسلم.
أيها المسلمون: إن العبد إذا جاهد نفسه على طاعة ربه، وكفَّها عن معصيته، وألزمها التوبة من التقصير في حقه، وصبر على ذلك ابتغاء مرضاته؛ رغبة في الثواب، وخوفا من العقاب، وتعظيماُ لله وإجلالاً، انقادت نفسه لذلك شيئاً فشيئاً حتى تألف الطاعة، وتتلذذ بالعبادة، وتتذوق حلاوة الإيمان، وتصبح المعاصي والمخالفات من أكره الأشياء إليها، فإن الله تعالى إذا علم من عبده حسن النية وصدق القول، والرغبة في الخير، ومحبة القيام بما أوجب الله عليه، وظهر ذلك على جوارحه، أعانه الله وسدده، وهيأ له أسباب الهداية، وفتح له خزائن الخير، وحفظه في سمعه وبصره وسائر أعضائه، فبارك له فيها وأعاذه من شرها.
قال تعالى: ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم [الحجرات:7-8]. وبذلك تصبح النفس مطمئنة مبشرة بحسن الخاتمة، وهي على ظهر الأرض، يقال لها عند الموت: يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي [سورة الفجر:27-30].
فعليكم عباد الله بالحرص على الطاعات كلها، والإخلاص لله تعالى وحسن أدائها. واحذروا المنهيات جميعها صغيرها وكبيرها، وما تقرب عبد إلى ربه تعالى بأحب مما افترض عليه، ولا يزال العبد يتقرب إلى ربه بالنوافل بعد الفرائض حتى يحبه، ويقبل عليه، ويحفظه في سمعه وبصره وجوارحه، ويمن عليه باستعمالها فيما يرضيه، ويستجيب دعاءه، ويعيذه مما يؤذيه.
فأدوا عباد الله فرائض الطاعات، وكملوها بما شرع الله وحسنها من النوافل المستحبات، واجتنبوا المخالفات واتقوا الشبهات، ولازموا الاستغفار، واسألوا الثبات على الحق في الحياة وعند الممات وبعد الممات.
وعليكم بما يتعدى نفعه من الخير لعامة إخوانكم في الدين؛ كتعليم القرآن والسنة، وإرشاد الضال، وتذكير الغافل، وإطعام الطعام، وإفشاء السلام، وحسن الجوار، والحث على صحبة، الأخيار، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتذكير الناس بواجب السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين بالمعروف في العسر واليسر والمنشط والمكره، ولو على أثره حتى ولو ضرب السلطان الظهر وأخذ المال، فقد كان النبي يبايع أصحابه على إقام الصلاة، وإيتاء ال+اة، والنصح لكل مسلم.
وقال : ((الدين النصيحة)) – ثلاثاً – قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم. وقال : ((عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك)) رواه مسلم. وقال: ((اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم)).
وعليكم بإغاثة الملهوفين، وإعانة المحتاجين، والتيسير على المعسرين، والشفاعة في الخير لعامة المسلمين، ففي الصحيحين عن النبي قال: ((من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)). وفي صحيح مسلم: ((ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)) وفي الصحيحين عنه قال: ((اشفعوا تؤجروا)).
واعلموا أن من أفضل أعمالكم التذكير بعبادة الله والدعوة إلى الله، كالأذان للصلوات الخمس. قال : ((لو يعلم الناس ما في النداء – يعني الأذان – والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)) وأخبر : ((أن المؤذن يغفر له بمد صوته، ويستغفر له كل رطب ويابس سمع صوته، وله مثل أجر كل من صلى مستجيباً لدعوته)) وهو داخل في قوله تعالى: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين [فصلت:33].
وكذلك إمامة الناس بالصلاة، هو أهل لها بحسب الحال، من أفضل الأعمال، لما فيها من التأسي برسول الله ، وإعانة عباد الله على أعظم فرائض الله العملية، وأئمة المتقين في الدنيا هم أئمتهم في الآخرة، والصلاة رأس أعمال المتقين وأظهرها. وفي التنزيل: واجعلنا للمتقين إماماً [ سورة الفرقان:74]. وفيه: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون [ سورة السجدة:24].
وسأل بعض الصحابة النبي أن يجعله إمام قومه فقال: ((أنت إمامهم)). وأمر أن يؤم القوم أقرؤهم للكتاب وأعلمهم بالسنة، فلا ينبغي لمن يعلم أنه أهل للإمامة أن يتأخر عنه إذا لم يوجد من هو أفضل منه أو مثله. وفي الصحيح عن النبي : ((لا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله، ولا يحق لأحد من العامة أن يؤم الناس وفيهم من هو أفضل منه)). روى الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((من أمَّ قوما وفيهم من هو أقرأ منه لم يزل في سفال إلى يوم القيامة)). وفي المسند وغيره عن سلامة بنت الحر رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: ((إن من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد إماماً يصلي بهم)).
أيها المؤمنون: ثبت عن النبي أنه قال: ((من دل على خير فله من مثل أجر فاعله))، وقال: ((من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً))، وقال: ((من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء)).
فكونوا سباقين إلى الخيرات، أئمة لأهل الإسلام في الطاعات وترك السيئات، بادروا بالأعمال، فإنكم في زمن الإمهال؛ فإن الفرصة لا تدوم، وصححوا أعمالكم، وسددوا، وابنوها على الإخلاص للحي القيوم، ومتابعة الإمام المعصوم ، وابتعدوا عن الرياء والسمعة والمقاصد السيئة، ومجاملة الخلق، واعلموا أن الناقد بصير، وأن الله بما تعملون خبير: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبكم بما كنتم تعملون [سورة المؤمنون:105].
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الهدى والبيان.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمؤمنين من كل ذنب ن فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه يحب التوابين وهو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية لم ترد.
| |
|