molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: سر التوحيد وحقيقته (1) - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الثلاثاء 13 ديسمبر - 7:15:47 | |
|
سر التوحيد وحقيقته (1)
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى
أما بعد .. فإن الإسلام هو الاستسلام لله وحده والإيمان هو التسليم لله وحده، وهذا هو سر التوحيد هذا هو معنى لا إله إلا الله محمد رسول الله، لأنه إذا تحقق استسلامك لله وحده فأسلمت له وجهك وقلبك وجوارحك وإذا تحقق تسليمك لله وحده فخضعت لما قضى من حكم وقدر، ولما أنزل من أمر ونهى راضيًا بذلك منشرح الصدر فقد وصلت إلى سر التوحيد، وحينئذ تكون كل أمورك وأحوالك وحركاتك وسكناتك مرتبطة بهذا الاستسلام وهذا التسليم صادرة عنهما صلاتك ونسكك ومحياك ومماتك كل ذلك لله وحده، استعانتك وعبادتك كل ذلك لله وحده.
هذان يجمعان كل شيء الاستعانة والعبادة يجمعان كل شيء، والاستعانة معناها الافتقار والحاجة لله سبحانه وتعالى فمهما كنت مفتقرًا إليه محتاجًا إليه فعليك إذن أن تعلق كل حاجاتك على بابه وأن يكون لجوؤك وعياذك إلى جنابه وأن يكون توجهك له وحده وأن يكون ذُلّك وخضوعك له وحده وأن يكون تعلق قلبك به سبحانه وحده، وهو جواد كريم بحار جوده وكرمه وملكه لا تنفد لو اجتمع الخلائق أجمعون جنهم وإنسهم وأولهم وآخرهم وسأل كل واحد منهم مسألة فأعطاه سبحانه مسألته ما نقص ذلك من ملكه شيئًا.
ومن جوده وكرمه سبحانه أنه يرزق المسلم والكافر ويعطي البر والفاجر، أولئك الكفرة يجحدونه ويرزقهم، وهؤلاء الفجرة يعصونه ويحنو عليهم والكل يغترف من بحار جوده وكرمه. أما أنت يا مؤمن وقد أسلمت وجهك وقلبك وجوارحك لله وحده فاحرص أن تجمع إلى ذلك توحيده سبحانه وحده في عبادتك.
فهو وحده لا غيره الذي تصرف إليه خوفك كما تصرف إليه رجاءك وتصرف إليه ذُلّك وخضوعك وركوعك وسجودك، وحبك وتعظيمك كما تصرف إليه استعاذتك وسؤالك ودعاءك إذا حققت ذلك كله بشقيه الاستعانة والعبادة فاعلم أنك وصلت إلى سر التوحيد. وأنك كلما أوغلت في هذه الطريق ازددت قربًا من المحبوب وارتفعت درجتك عند المليك المقتدر.
وعلامة ذلك يا مؤمن علامة ذلك يا محسن أنك حينذاك لا تلتفت إلى أحد من الخلق، ما حاجتك إلى باب المخلوق وقد ولجت باب الخالق، كيف تلجأ إلى جناب المملوك وأنت في جناب المالك. ولماذا تعبأ بسلطان الضعيف الذي خُلق من ضعف وأنت في رعاية القوى القادر الكبير المتعال سبحانه وتعالى ، إذن أنت مؤمن حققت سر التوحيد في استعانتك وفي عبادتك فأنت علمت علم اليقين حينئذ أن الخلق كلهم لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك كما أنهم لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك.
فإذن يا مؤمن احرص على تحقيق سر التوحيد ولا تعبأ بعد ذلك بالعبيد.
واحرص على أن تكون من أهل إياك نعبد وإياك نستعين، احرص على أن تكون من أهل هذا المقام العظيم، مقام إياك نعبد وإياك نستعين فإنه مقام عظيم وكلما أمعنت صعودًا إلى هذا المقام ازددت قربًا إلى الملك العلام حتى إذا ما حظيت بغاية القرب وفاضت عليك نفحاته الربانية وغمرك نوره الكريم فإذا بك حينئذ وكل حركاتك وسكناتك وأقوالك وأفعالك نورانية فإن نوره الكريم سبحانه وتعالى يغمر يدك التي تبطش بها حينئذ ورجلك التي تمشي عليها وسمعك الذي تسمع به وبصرك الذي تبصر به ولئن استعذته حينئذ ليعيذنك ولئن سألته ليعطينك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فكما جرت عادتنا والحمد لله على أن نعالج في هذه الخطبة الثانية قضية من القضايا الحاضرة المتعلقة بحياتنا المعاصرة ومجتمعاتنا نحن المسلمين نطرح منذ اليوم بعض أهم قضايا التعلم والتربية انطلاقاً من قوله تعالى: فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك [محمد:19]. فقد أمر تعالى في هذه الآية بالعلم والعمل وبالتربية.
العلم في قوله تعالى: اعلم والعمل والتربية في قوله تعالى: استغفر .
ونبدأ من قضايا التعلم والتربية بأولادنا وفلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض قبل أن نسأل ماذا صنع الكبار وماذا يتعلم الكبار فلنسأل أنفسنا جميعًا ماذا صُنع بالصغار؟ يا مسلم هل علمت أولادك؟ وماذا علمتهم؟
هذا النشئ الطري العود صفحة بيضاء ناصعة لم تكدرها الشوائب بعد. فماذا نقشت فيها يا مسلم؟ وإن كنت نائمًا فماذا نقش فيها غيرك؟ هل تذهب تبحث عن النجاة لنفسك وتترك أهلك وأولادك والله تعالى يقول: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها [طه:132] ويقول: قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة [التحريم:6].
من الظواهر السيئة في مجتمعاتنا نحن المسلمين اليوم أن كثيرًا من الناس يكدون ويكدحون ليملئوا بطون أبنائهم وبناتهم وذويهم وقد تركوا عقولهم وقلوبهم ونفوسهم خاوية أو تركوها نهبة للناهبين الذين يفسدون العقول والقلوب ويخربون النفوس وما أكثرهم اليوم وما أخبث أساليبهم ووسائلهم ومخططاتهم رب الأسرة يحسب كل حساباته لتلبية المتطلبات المادية والجسمانية سواء لنفسه أو لأهله أو لأولاده وذويه، ناسيًا أو متناسيًا أن هناك متطلبات أخرى أهم من ذلك. أنت يا رب الأسرة لا تربي بقرًا بل تربي بشرًا فكيف تنسى أن تعلم أهلك وأولادك حب الله ورسوله؟
كيف تنسى أن تعرفهم بالرب جل جلاله؟ كيف تنسى أن تربيهم على روح التقوى؟
لا تخشى كثيرًا على مسألة الرزق، لا تخش على هذه المسألة كثيرًا فإنك إذا اتقيت الله عز وجل وعلمت أهلك وأولادك التقوى ففي السماء رزقك وما توعد، وفي السماء رزقكم وما توعدون [الذاريات:22]. اجعل معظم حساباتك لتعليم أولادك وأهلك الإسلام ولتعريفهم بالرب عز وجل ولتربيتهم على حب الله ورسوله، ولتربيتهم على التقوى فإن العواقب مرهونة بذلك.
قال تعالى: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى [طه:132].
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار.
يا بن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تُدان، ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين عليَّ وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
| |
|