molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: السلام - عبد الرحمن بن الصادق القايدي الخميس 1 ديسمبر - 8:31:53 | |
|
السلام
عبد الرحمن بن الصادق القايدي
الخطبة الأولى
أيها الإخوة المؤمنون، خطبتنا اليوم تقررت في شهر رمضان الماضي حينما رأينا الناس يسلم بعضهم على بعض، ويبشون في وجوه بعضهم، فجاءت فكرة الخطبة عن السلام.
فالسلام يراد به التحية التي شرعها النبي لأمته، ومعنى السلام هو الدعاء بالسلامة من كل آفة، فإذا قلت لشخص: السلام عليكم، فهذا يعني أنك تدعو له بأن الله يسلمه من المرض ومن الجنون ومن شر الناس ومن المعاصي ومن أمراض القلوب ومن النار، فهو لفظ عام معناه الدعاء لأخيك المسلم أن يسلمه الله من كل بلاء وآفة.
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم من محبتهم لله عز وجل كانوا يقولون في صلاتهم: السلام على الله من عباده، السلام على جبريل، السلام على فلان، فنهاهم النبي أن يقولوا: السلام على الله، وقال: ((إنّ الله هو السلام)) يعني السالم من كل عيب ونقص، فلا حاجه أن تثنوا عليه بالدعاء بأن يسلم نفسه. ثم قال لهم: ((قولوا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض)).
الله أكبر! يا له من فضل عظيم وأجر كثير إذا استحضرنا هذا عندما نسلم فإننا نسلم على الأنبياء وعلى الصحابة وعلى جبريل وعلى أصحاب الأنبياء كالحواريين وعلى كل عبد صالح في السماء والأرض، فيجب أن نستحضر كل ذلك؛ لكي ننال فضل السلام عليهم.
أحبتي في الله، إن السلام مشروع بين المسلمين مأمور بإفشائه، قال : ((والله، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)) رواه مسلم.
ومعنى ((أفشوا السلام)) أي: أظهروه وأعلنوه وأكثروا منه حتى يصبح متفشيا بينكم صغيرا وكبيرا؛ لأن في ذلك خيرا وبركه.
وقال النبي لخادمه أنس بن مالك : ((يا بني، إذا دخلت على أهلك فسلم؛ يكن بركه عليك وعلى أهل بيتك)). بركة من بركات الله الكثيرة، وليس شرطا أن تعرف هذه البركة فقد تكون بركة في الرزق وقد تكون بركة في الأولاد أو الزوج، أو في حفظ بيتك من الحرائق ومن الجن، أو في كل ذلك، والمقصود أن تسلم على أهل بيتك وتجعل هذه عادة لك؛ لأن نبينا أول عمل يعمله بعدما يدخل بيته يتسوك بالسواك ثم يلقي السلام، قال تعالى: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً. وهي من عند الله سبحانه وتعالى، وذلك ((حينما نفخ في آدم الروح قال له: اذهب إلى هؤلاء النفر من الملائكة وسلم عليهم فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله)) متفق عليه.
والزيادة في التحية مطلوبة، قال تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ، فأمرنا الله سبحانه وتعالى إذا حيينا بتحية أن نحيي بأحسن منها أو نردها مثلها، فمثلا إذا قال لك إنسان: السلام عليك، فقل: وعليك السلام، ولا تنقص، ولا تقل: مرحبا، أو: أهلا، كل ذلك لا يجوز، ولكن ممكن أن ترد بأحسن منها، كأن تقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وهذا أفضل وأحسن ولكنه ليس بواجب، إنما الواجب أن ترد عليه بمثل ما سلم عليك. ومعنى قوله تعالى: بِأَحْسَنَ مِنْهَا يشمل الأحسن نوعا والأحسن كمّا والأحسن كيفية، فمثلا إذا قال: السلام عليكم، فقلت: أهلا ومرحبا حياك الله وبياك تفضل، فهذا لا يجزي وكنت آثما لأنك لم ترد بالمثل ولا بأحسن مما سلم عليك. كذلك من قال لك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقلت له: عليك السلام، فقط دون الزيادة، فهذا أيضا لا يجوز لأنك لا رددت بأحسن ولا بالمثل. فتفكروا في هذا جيدا واتبعوا.
أيها الإخوة المؤمنون، سئل الرسول : أي الإسلام خير؟ فقال: ((تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)). والشاهد في هذا الحديث قوله : ((تقرأ السلام)) يعني: تقول: السلام عليك. ويسمى قراءة السلام وإلقاء السلام، ويجب أن يكون على من عرفت وعلى من لا تعرف؛ لكي تنال الثواب الكثير والأجر العظيم.
وإن انتظرت أن تسلم فقط على من تعرف فسوف يفوتك أجر كثير؛ لأنه ربما مر بك الكثير ولا تعرف منهم إلا واحدا أو اثنين. وفي الحديث الصحيح أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يذهب إلى السوق لا ليشتري أو يبيع، إنما كان يذهب ليسلم على أصحاب الدكاكين وعلى المشاة وعلى كل من يقابله؛ لأنه في كل سلام يكتب له عشر حسنات. وهذا دليل على حرص الصحابة والسلف الصالح على +ب الحسنات، وأنهم لا يفرطون فيها كما يحدث في عصرنا هذا بعدم الاهتمام بمثل هذه الأمور.
نفعنا الله وإياكم بالقرآن والسنة...
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، إن السلام من سنن الرسل والملائكة، فالملائكة الذين جاؤوا إبراهيم عليه السلام بدؤوه بالسلام كما بين ربنا في قوله تعالى: إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ.
أما كيفية السلام فيستحب أن يقول المبتدئ بالسلام: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" وإن كان المسلَّم عليه شخصا واحدا، فيرد الآخر: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته"، فلقد ثبت من حديث عمران بن حصين أنه جاء رجل إلى النبي فقال: السلام عليكم، فرد عليه، ثم جلس فقال النبي : ((عشر))، ثم جاء رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه ثم جلس، فقال: ((عشرون))، ثم جاء رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه ثم جلس، فقال: ((ثلاثون)). فقال: الأول عشر حسنات، والثاني عشرون، وللثالث ثلاثون حسنة؛ لأن كل واحد منهم زاد.
كذلك هناك آداب للسلام، فإذا دخلت المسجد والناس تقرأ القرآن فالأولى أن تسلم بصوت خفيف لا يشوش على القارئين. كذلك إذا دخلت مكانا فيه أناس نائمون فاخفض صوتك كما كان يفعل النبي ، ففي حديث المقداد قال: كنا نرفع للنبي نصيبه من اللبن فيجيء من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان، فجاء النبي فسلم كما كان يسلم. رواه مسلم.
كذلك التسليم بالإشارة منهي عنه ما لم يجمع بين الإشارة والقول باللسان، كما جاء في حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن الرسول مر يوما وعصبة من النساء قعود فأهوى بيده بالتسليم. وهذا محمول على أنه جمع بين اللفظ والإشارة. ويؤيد ذلك حديث آخر لأبي داود وفيه: فسلم علينا.
ومن آداب السلام أيضا أن يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير، لكن لو قدر أن القليل أو الصغير كانوا في غفلة فليسلم الكثير على القليل والكبير على الصغير.
وسئل الرسول : الرجلان يلتقيان أيمها يبدأ بالسلام؟ قال: ((أولاهما بالله تعالى))، وفي حديث آخر: ((إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام)).
فاحرص -أخي المسلم- أن تكون أول من يبدأ الناس بالسلام، فرسولك وهو أشرف الخلق كان يبدأ من لقيه بالسلام وإن كانوا صغارا.
نسأل الله أن يوفقنا جميعا لاتباع سنته.
ثم صلوا وسلموا عليه...
| |
|