molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: قصة لوط عليه السلام - عبد الرحمن بن الصادق القايدي الخميس 1 ديسمبر - 8:26:49 | |
|
قصة لوط عليه السلام
عبد الرحمن بن الصادق القايدي
الخطبة الأولى
نواصل معكم -أيها الإخوة- حديثنا عن قصص القرآن الكريم، كان حديثنا في الجمعة الماضية عن قصة نوح عليه السلام، واخترنا لكم هذه الجمعة قصة نبي آخر من أنبياء الله؛ لنعيش معها ونأخذ منها العبرة والعظة.
قصتنا لهذه الجمعة هي قصة نبي الله لوط عليه السلام مع قومه الذين ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم، وهي إتيان الذكران من العالمين أجارنا الله وإياكم منها، فكم في ممارسة اللواط من وقاحة وانتكاس فطرة، فلقد دعاهم نبيهم لوط عليه السلام إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن عمل الفواحش، فلم يستجيبوا له، ولم يؤمن به أحد، ولا شخص واحد، بل استمروا على حالهم، ولم يرتدعوا عن غيهم وضلالهم، وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويأتون في ناديهم المنكر من الأقوال والأفعال، حتى قيل: إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم ولا يستحون، وربما فعلوا الفاحشة في المحافل والاجتماعات علنا ولا يتورعون ولا يخجلون، وكانوا كالأنعام بل هو أضل، وقالوا لنبيهم بكل وقاحة: ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ، فعند ذلك دعا عليهم نبيهم وسأل رب العالمين أن ينصره على القوم المفسدين، فغار الله لغيرته وغضب واستجاب لدعوته، وبعث رسله الكرام إليهم، ومروا على الخليل إبراهيم أثناء ذهابهم، وبشروه بغلام عليم، وأخبروه بما جاؤوا له من الأمر الجسيم والخطب العميم، قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وقال تعالى: وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ، قال المفسرون: لما فصلت الملائكة من عند إبراهيم وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل أقبلوا حتى أتوا أرض سدوم في الشام في صور شباب حسان اختبارا من الله لقوم لوط وإقامة للحجة عليهم.
معاشر المسلمين، قابل الملائكة وهم في طريقهم ابنة لوط تستقي الماء لأهلها، وكانت له ابنتان اسم الكبرى رنيا والصغرى رغرتا كما ذكر ذلك السدي، فقالوا لها: يا جارية، هل من منزل؟ فقالت لهم: نعم، مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم، خافت عليهم من قومها، فأتت أباها فقالت: يا أبتاه أرادك فتيان على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم قط هي أحسن منهم، لا يأخذهم قومك فيفضحونهم. وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا. فجاء بهم فلم يعلم أحد بهم إلا أهل البيت، فخرجت امرأته فأخبرت قومها، فقالت: إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط، وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أي: هذا مع ما سلف لهم من الذنوب العظيمة الكبيرة الكثيرة، قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ يقول لهم: هؤلاء نساؤكم خير لكم، ونساء الأمة بنات للنبي؛ لأن النبي للأمة بمنزلة الوالد كما بين الله ذلك: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ. فقال قومه -عليهم لعنة الله- مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من الأمر السديد: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ، يقولون عليهم لعائن الله: لقد علمت يا لوط بأنه لا رغبة لنا في نسائنا، وإنك لتعلم مرادنا. فواجهوا رسولهم الكريم بهذا الكلام القبيح؛ ولهذا قال عليه السلام: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، يعني: تمنى لو كان له بهم قوة أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم، فينتقم منهم، وعن أبي هريرة أن النبي قال: ((رحمة الله على لوط، إن كان يأوي إلى ركن شديد)) يعني الله عز وجل، فما بعث الله بعده نبيا إلا في ثروة من قومه.
أيها الناس، ذكر المفسرون وغيرهم أن نبي الله لوطا عليه السلام جعل يمانع قومه الدخول ويدافعهم والباب مغلق، وهو يحاولون فتحه وولوجه وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب، قالت الملائكة: يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ، وذكروا أن جبريل عليه السلام خرج عليهم، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم حتى قيل: إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر، فرجعوا يتحسسون مع الحيطان ويتوعدون رسول الرحمن، قال تعالى: وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ.
نفعني الله وإياكم بالقرآن والسنة...
الخطبة الثانية
معاشر المسلمين، وهكذا بعد أن طمست أعين الفسقة أمر الملائكة لوطا أن يسري هو وأهله آخر الليل: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يعني حين سماع صوت العذاب إذا حل بقومه، ويقال: إن امرأة لوط خرجت مع زوجها وبنتيها ولكنها لما سمعت الصيحة وسقوط البلدة التفتت إلى قومها وخالفت أمر ربها وقالت: وا قوماه! فسقط عليها حجر فدمغها وألحقها بقومها إذ كانت على دينهم، وكانت عينا لهم على من يكون عند لوط من الضيفان.
وبعد أن أمرت الملائكة لوطا بالسرى ليلا بلغوه: إِنَّ مَوْعِدَهُمْ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ، قال تعالى: فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنْ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ، قالوا: اقتلعهن جبريل عليه السلام بطرف جناحه من قرارهن -وكن سبع مدن- بمن فيهن من الأمم، فقالوا: إنهم كانوا أربعمائة، وقيل: أربعة آلاف، وقيل غير ذلك، وما معهم من الحيوانات والدواب، فرفع الجميع حتى بلغ عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، وجع مكان تلك البلاد بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بما حولها من الأراضي المتاخمة لها. ويقول بعض العلماء: إن مكانها فيما يعرف اليوم بالبحر الميت في بلاد الشام أو الأردن. وإن ديار قوم لوط -يا عباد الله- ليست ببعيدة، وكما قال تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ.
أيها المسلمون، رأينا استنكار القرآن الكريم لهذه الفاحشة وأهلها، ونرى اليوم ونسمع الإنسان الغربي المتحضر يزاول هذه الفاحشة علنا في معظم الدول الأوروبية معللا ذلك بالحرية الجنسية وأن للإنسان أن يفعل ما يشاء من الجنس برضاه دون إكراه أو إجبار من أحد ويدعو إلى هذه الرذيلة وقد أباح زواج المثلين بأن يكتفي الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة عياذا بالله، وقد تسربت هذه الظاهرة إلى بلاد المسلمين، وأصبح اللواط ينتشر بين أبناء المسلمين بشكل يهدد المجتمع. فالله الله أيها الآباء في أولادكم، تفقدوهم، وراقبوهم، ولا تتركوهم لوحدهم مع من هم أكبر منهم سنا، فكم سمعنا من الحوادث والمصائب، فالأمر خطير، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
اللهم جنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللهم احفظ علينا ولنا أولادنا وبناتنا، وطهرهم من المنكرات وسوء الأخلاق، وحبب إليهم الإيمان...
| |
|