molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: علامات محبة الله للعبد - عاصم بن لقمان يونس الحكيم الأربعاء 23 نوفمبر - 5:45:05 | |
|
علامات محبة الله للعبد
ععاصم بن لقمان يونس الحكيم
الخطبة الأولى
إن من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله تعالى يُحِبُّ ويُحَبُّ، ومن نفى أن الله تعالى يُحِب فقد كذَّب القرآن، لأن الله تعالى ذكر في مواضع كثيرة أنه يحب المتقين والتوابين والمتطهرين والمحسنين والصابرين، والله تعالى يحب الأمور الطيبة الكريمة، كما قال نبينا صلى لله عليه وسلم: ((إن الله يحب معالي الأخلاق)).
والله تعالى لا يحب من المسلم ال+ل والإهمال وعدم إتقان العمل، قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه))، والله تعالى يحب العبادات التي يتذلل بها العباد ويتقربون إليه بها، قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله يحب الوتر))، وهذا يعني أن من لم تكن أخلاقه حسنة ولا يتقن الأعمال والمهام الموكلة إليه ولا يوتر بالليل فإن الله لا يحبه المحبة الكاملة التي يحب بها عباده المتقين.
ومحبة الله تعالى لعبد من عباده مرتبة عالية سامية، فمن أحبه الله فقد فاز في الدنيا والآخرة وحظي بالخير كله.
واعلموا عباد الله أن لحب الله تعالى علاماتٍ، ينبغي لكل منا أن يعرض نفسه عليها كي يعرف قبل فوات الآوان: هل هو ممن يحبهم الله أم لا، فمن تلك العلامات ما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله ليحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعامَ والشرابَ تخافون عليه))، فمن أحبه الله حفظه من متاع الدنيا وحال بينه وبين شهواتها ونعيمها، ووقاه التلوث بزهرتها لئلا يمرض قلبه ويتعلق بها وبمحبتها.
وهذا لا يعني أن من أحبه الله أفقره ومن أبغضه أغناه، لكن المقصود أن الله يعصمه من التعلق بالدنيا ويصرف قلبه عن حبها والانشغال بها، وانظروا عباد الله على سبيل المثال في حال من ينفق مئات الألوف على رخام منزله كيف يتمزق فؤاده وتكاد أن تذهب نفسه حسرات على مائة ريال أخرجها على مضض لصالح المجاهدين الشيشان أو للمتضررين من زلزال أو فيضان أو مجاعة، فهذا قلبه متعلق بالدنيا غافل عن الآخرة.
ومن علامات حب الله تعالى لعبده أن يرزقه الرفق في تعامله مع العباد، قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((إذا أحب الله أهل بيت أدخل عليهم الرفق))، فإذا رأيت الرجل ليناً لطيفاً رفيقاً مع الناس عامة ومع زوجته وأهل بيته خاصة، فهذا من علامات حب الله له، وكم نرى ونسمع عن أناس يكثرون من إهانة زوجاتهم أمام أولادهم وأقاربهم، بل إن منهم من يتعمد إذلال زوجته ورفع صوته عليها أمام أهلها تحقيراً لها وتكديراً لخاطر أهلها الذين أكرموه وائتمنوه على فلذة كبدهم، وما هذا من أخلاق الرجال ولا من سنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
ومن العلامات الدالة على محبة الله لعبد أن يحبه أهل الخير والصالحون، وأن يرضوا عنه ويثنوا عليه خيراً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول:إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض))، فالعبرة بحب أهل الصلاح والدين، أما من يحبه الفساق والجهال فإن أولئك لا وزن ولا قيمة لحبهم، لأنهم يحبون الكفار والفساق كالممثلين والمغنيين أكثر من حبهم للعلماء والصالحين.
ومن علامات حب الله للعبد: الابتلاء، فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم)).
والمطلع على السنة المطهرة يجد جلياً كيف كان نبينا صلى الله عليه وسلم وهو خليل الرحمن كثير البلاء، ففي الصحيحين أن عبد الله بن مسعود دخل عليه في مرضه فقال له: يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً، ذلك أن لك أجرين؟ فقال: ((أجل، ذلك كذلك))، وفي رواية أخرى قال عليه الصلاة والسلام: ((أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة)).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد:
عباد الله: كل طوائف الكفر وملله على اختلافها وتنوعها وتباينها، يجمع بينها أن كل منها يدعي حب الله والعمل ابتغاء مرضاته، ولقد ادعت اليهود والنصارى أنهم أحباب الله كما قال الله تعالى: وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ نَحْنُ أَبْنَاء ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [المائدة:18]. وكثيراً ما نسمع من الناس من يقول: إن الله يحبني ولذلك أعطاني كذا أو استجاب دعائي أو حقق لي ما أتمناه، فالكل يدعي محبة الله له وكرامته عليه، إلا أن الله تعالى امتحنهم بآية عظيمة فقال: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران:31]. فمن كان منصاعاً لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم ومجتنباً لنواهيه، ومتبعاً لسنته في مظهره وملبسه وتعاملاته وأخلاقه وسريرته، فهو ممن يحبهم الله تعالى، ومن أحبه الله هانت عليه المشاق، وانقلبت مخاوفه أمناً وطمأنينة، وانقشعت عنه سحائب الظلمات، وعمر قلبه بالأفراح والسرور، فيصير مستجاب الدعوة لكرامته على الله، فإن سأل الله أعطاه وإن استعاذه من شيء أعاذه، فبالله يهون كل صعب ويسهل كل عسير.
عباد الله: كل منا يزعم أنه يحب الله محبة هي أعظم من حبه لوالده وولده والناس أجمعين، وتلك دعوى تحتمل الصدق والكذب، وحب الله أمر فطري جبلي، فالعادة جرت أن تُحب من أحسن إليك وأكرمك وأنعم عليك بنعمه السابغة، الظاهرة منها والباطنة، وليس الشأن أن تُحب الله، ولكن الشأن كل الشأن أن يُحبك الله عز وجل، وكما جاء في الحديث القدسي: ((وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه))، فهل تقربنا إلى الله بالنوافل حتى يحبنا؟ أم ضيعنا الفرائض التي أوجبها علينا؟ هل تقربنا إلى الله تعالى بما يحبه من معالي الأخلاق وإتقان الأعمال والرفق مع الأهل والأولاد والأقارب؟ هل اتبعنا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا أم أننا رددنا بعضها بحجة أنها من القشور والمظاهر عياذاً بالله من قول أهل الضلال؟ فاتقوا الله عباد الله وبادروا كي تكونوا ممن يحبهم الله ويحبونه، وإياكم والاغترار بنعم الله من مال وبنين وعافية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب، وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج))، اللهم إنا نسألك حبَّك وحبَّ من يحبك والعمل الذي يبلغنا حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا والناس أجمعين.
| |
|