molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: احفظ الله يحفظك - عاصم بن لقمان يونس الحكيم الأربعاء 23 نوفمبر - 5:17:43 | |
|
احفظ الله يحفظك
ععاصم بن لقمان يونس الحكيم
الخطبة الأولى
عن عبد الله بن عباس قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا غلام إني أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف)).
عباد الله، إن هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو وصيته إلى ابن عمه الصغير خاصة وللمسلمين عامة، وكم صغارنا اليوم في حاجة إلى من يتعاهدهم بالنصيحة والموعظة والتربية، عوضا عن ترك تلك المهمة العظيمة لوسائل الإعلام الفاسدة والرفقة السيئة والخادمة والسائق، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: ((احفظ الله يحفظك))، احفظ الله، وذلك يكون بحفظ حدود الله وحقوقه وأوامره ونواهيه، فالحافظون لحدود الله هم الذين يمتثلون أوامره ويجتنبون نواهيه، وهم يفعلون ذلك علانية أمام الناس أوإذا استتروا عن أعينهم في بيوتهم، ولذلك مدحهم الله تعالى بقوله: هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ، ومن أعظم ما يحافظ عليه العبد من أوامر الله تعالى: الصلاة، لأمره عز وجل: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ، ومن الأمور التي يكثر الناس في هذه الأيام من إضاعتها وعدم حفظها، الرأس والبطن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى))، فحفظ الرأس يكون بحفظ حواسه، فلا يسمع الحرام ولا ينظر إلى حرام ولا يقول الحرام، وحفظ البطن يدخل فيه حفظ القلب من الآفات المهلكة كالحقد والحسد والكبر والعجب والغضب، وأيضا حفظ البطن يدخل فيه أن لا يأكل من الحرام، كالربا والرشوة والسرقة والاختلاس.
واعلموا عباد الله أن مِنْ حِفْظِ الله تعالى أن يحفظ العبد لسانه وفرجه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من حَفِظ ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة))، فهذه بعض أنواع حفظ العبد ربَّه، أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((احفظ الله يحفظك))، فهي بمعنى أن من حفِظ حدود الله وراعى حقوقه تعالى حفظه الله، لأن الجزاء من جنس العمل، وحفظ الله تعالى نوعان: أحدهما: حفظ الله عبده في مصالحه الدنيوية، كحفظه في بدنه وولده وماله، ولذلك كان نبينا صلى الله عليه وسلم يدعو كلما أصبح وأمسى بدعاء طويل جاء في آخره: ((اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي))، جاء في سيرة القاضي أبي الطاهر الطبري – وكان قد جاوز المائة وما يزال محتفظا بعقله وصحته – أنه وثب يوما من المركب إلى الساحل وثبة شديدة، فعاتبه من كان معه في ذلك فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.
بل إن الله تعالى قد يحفظ على العبد ذريته ولو بعد موته لأنه كان في حياته حافظا لله تعالى، كما قال الله عز وجل في سورة الكهف:وكان أبوهما صالحاً، وهذا سعيد بن المسيِّب كان يزيد في عبادته وصلاته وقيامه بالليل، ويقول لولده: لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أُحفظ فيك، وقال ابن المنكدر:إن الله تعالى ليحفظ بالرجل الصالح ولده، وولد ولده، والدويرات التي حوله، فما يزالون في حفظٍ من الله وستر، فهذا هو النوع الأول من حفظ الله تعالى لنا، فمن حفظ اللهَ حفظه اللهُ من كل أذى.
أما النوع الثاني وهو أشرف النوعين: حفظ الله للعبد في دينه وإيمانه وقلبه، فيحفظه الله في حياته من الشبهات المضلة ومن الشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته فيختم له بخير، ويتوفاه على الإيمان، ولذلك كان نبينا صلى الله عليه وسلم يدعو عند النوم بقوله: ((اللهم إن قبضت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين))، وكان إذا ودع مسافرا قال له:"أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك"، وكان يقول: ((إن الله إذا استودع شيئا حفظه)).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
إننا عباد الله اليوم، في أمس الحاجة إلى حفظ الله تعالى لنا من فتن الدنيا وعذاب الآخرة، لأن من حفظه الله تعالى نجا، ومن وكله إلى نفسه ولو طرفة عين، خسر وهلك، ونحن في زمن نرى فيه تقلب قلوب العباد من الإيمان إلى الكفر، ومن العبادة والطاعة إلى الغفلة والمعصية، وذلك لأنهم لم يحفظوا الله تعالى، فنحن في زمن الكل فيه يحاربك، إما حربا عسكرية جسدية، وإما حربا معنوية نفسية، فالأغنية الفاجرة والتمثيلية الخبيثة والمجلة المغرضة تدعو إلى الفاحشة.
وأبغض بقاع الأرض إلى الله وهي الأسواق غدت أحب البقاع إلى الفساق وعبدة الشهوات، وذلك التفلت الديني الواضح في كل مكان تقريبا، مع ترك المسلمين واجب إنكار المنكر.
ثم هنالك الاختلاط في الفنادق والمطاعم وعلى شواطئ البحر والمستشفيات، حيث أصبحنا نرى كثرة النساء العاملات في الاستقبال وتزينهن وتبرجهن واختلاطهن مع العاملين والمراجعين، وكأن الشاب السعودي ليس في حاجة إلى تلك الوظائف، أو كأنه لا يوجد رجال لذا اضطرت تلك المستشفيات لتوظيف هذه النوعية من النساء، وكل ذلك عباد الله نذير سوء يوجب على المسلمين التيقظ والحذر، لأن الله تعالى يقول: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً ، وإن نحن حَفِظْنا الله بإنكارنا للمنكر ودعوتنا إلى الله وإلى السنة المطهرة حَفِظَنا الله، وإن نحن نسيناه أنسانا أنفسنا، فراجع نفسك يا عبد الله أأنت ممن حفظوا الله، أم أنت ممن أنساهم الله أنفسهم؟
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم.
| |
|