molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: علامات حب العبد لربه - عاصم بن لقمان يونس الحكيم الأربعاء 23 نوفمبر - 5:54:03 | |
|
علامات حب العبد لربه
ععاصم بن لقمان يونس الحكيم
الخطبة الأولى
عباد الله، إن الغاية القصوى والمطلب الأسنى والمقصود الأعظم هو أن يحظى العبد بمحبة الله تعالى له؛ لأن من يحبه الله تهون عليه المشاق وتنقشع عنه سحائب الظلمات، وتنكشف عن قلبه الغموم والأحزان ويعمر قلبه بالسرور والأفراح. وكل من يحبه الله تعالى فإنه عز وجل يحفظ جوارحه عليه ويعصمه من الوقوع فيما يكره، ويصير مستجاب الدعوة لكرامته على الله تعالى، فإذا سأل الله شيئا أعطاه إياه، وإن استعاذ به من شيء أعاذه منه. وبالإضافة إلى كل ما سبق فإن الملأ الأعلى يتوجهون إليه بالمحبة والموالاة؛ لأنهم تبع لمولاهم عز وجل، فمن أحبه الله تعالى فإن أهل السماء يحبونه، ثم يحبه أهل الأرض فيوضع له القبول بينهم، وبالجملة فمن أحبه الله فقد ظفر بالخير كله.
ولكن كيف يحظى بمحبة الله من عقله مأسور في بلاد الشهوات، وآماله قاصرة على اجتناء اللذات، وسيرته جارية على أسوأ العادات، ودينه مستهلك بالمعاصي والمخالفات؟! فهو في الشهوات منغمس وفي الشبهات منت+.
إننا ـ عباد الله ـ في أمس الحاجة إلى حب الله تعالى لنا؛ لأنه لو تحققت علاقة الحب هذه فإن الله تعالى يتولانا برحمته وحفظه ورعايته، وآنذاك تنحل كل مشاكلنا وتنشرح صدورنا، فبالله تعالى يهون كل صعب ويسهل كل عسير ويقرب كل بعيد، وما من أحد إلا ويدعي محبة الله تعالى؛ لأن من نفى عن نفسه حب الله كفر.
واعلموا ـ عباد الله ـ أن لمحبة الله تعالى علامات تدل على ذلك، ينبغي للمسلم أن يعرض نفسه عليها ليعلم حقيقة حبه لله تعالى.
فمنها حب لقاء الله تعالى في الجنة، فإن من يحب الله فلا بد أن يكون متشوقا للقائه، جاء عن عبادة بن الصامت أن النبي قال: ((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)). ونحن للأسف الشديد قد تغلغلت الدنيا في قلوبنا وتمكنت منها، حتى أصبحنا نحب الدنيا أكثر من حبنا لأي شيء آخر، ولذلك عندما سأل الخليفة الأموي أبا حازم فقال له: لماذا نكره الآخرة ونحب الدنيا؟! قال له: لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم آخرتكم، فأنتم تكرهون الانتقال من العمار إلى الخراب. وكم من المسلمين اليوم عمروا دنياهم أفضل تعمير، ولكنهم قدموا من السيئات والذنوب ما الله به عليم؛ لذا هم يشغلون أنفسهم بسماع ومشاهدة الحرام وبقول وفعل الحرام، ليشغلوا أذهانهم هربا عن التفكر في أمر الآخرة وما أعد الله تعالى لمن عصاه، عوضا عن الإقلاع عن تلك الذنوب والتوجه إلى الله تائبين مستغفرين.
ومن علامات حب الله تعالى أن يكون العبد مولعا بذكر الله مواظبا عليه عن حب ورغبة فيه، لا يفتر لسانه عن ذلك ولا يخلو قلبه منه؛ لأن من أحب شيئا أكثر من ذكره، ولذلك يكثر عند الغافلين في مجالسهم ذكر الكرة والأفلام والتوافه من الأمور، فإذا ما ذكرهم أحدهم بالله انتفضوا غاضبين وأسكتوه كي لا ينغص عليهم مجلسهم، أما المحب لله تعالى فهو يذكر الله عز وجل على جميع أحواله، وفي أصعب الأماكن وأخوف الأوقات، لذلك أمر الله تعالى محبيه أن يذكروه وهم يقاتلون أعداءه في ساحات الوغى، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45]. والمسلمون اليوم انشغلوا بالأغاني والموسيقى على مدار الساعة، وأعرضوا عن ذكر الله والقرآن، فشغلهم الله بأنفسهم، فهل من متعظ أو معتبر؟!
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الخطبة الثانية
أما بعد: إن من أهم علامات محبة الله تعالى اتباعَ الرسول ، ولقد ادعى أقوام محبة الله تعالى فامتحنهم الله عز وجل بهذه الآية: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]. فكل من ادعى محبة الله عز وجل فإننا ننظر في أعماله وأقواله، فإن كان متبعا للنبي فإن ذلك دليل على صدقه في محبة الله، أما إن كان مبتدعا أو مخالفا لسنة النبي في لباسه أو مظهره أو أقواله وأفعاله فإن ذلك قدح في ادعائه محبة الله تعالى.
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يُحب مطيع
والمسلمون اليوم ـ عباد الله ـ قد خالفوا سنة النبي ، فهم قد هجروا المساجد بيوت الله، وملؤوا بيوتهم بما يغضب الله ويسخطه من وسائل الإعلام الهدامة، وتعاملوا بينهم بسوء الأخلاق، وظهرت فيهم علامات النفاق من كذب وإخلاف للوعد وخيانة للأمانة، وتشبهوا بالكفار في ملابسهم ومظهرهم وحلقهم اللحى وقصات الشعر، ومنهم من تشبه بالفتيات في إطالة الشعر، وأقبلوا على أعمال ظاهرها عبادات وباطنها عادات، وغير ذلك من الأمور التي يندى لها الجبين، وتدل بلا شك على ضعف محبة الله في قلوبهم، والمصيبة كل المصيبة كما قال بعض السلف: "ليس الشأن أن تُحِبَّ، ولكن الشأن أن تُحَبَّ"، فأنت مهما زعمت وادعيت محبة الله فإنك لن تنال محبة الله حتى تتبع النبي في أفعالك وأقوالك.
فاتقوا الله عباد الله، وأصلحوا ما بينكم وبين ربكم، وأحبوا الله بكل قلوبكم، واجعلوا أعمالكم تصدق ادعاءكم محبة ربكم، يحببكم الله تعالى ويغفر لكم ذنوبكم ويكفر عنكم سيئاتكم.
اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا لحبك...
| |
|