molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الحياء - عادل بن عدنان النجار الثلاثاء 22 نوفمبر - 6:05:05 | |
|
الحياء
عادل بن عدنان النجار
الخطبة الأولى
إن الحياء خير كله، إن الحياء من اتصف به كان له شعبة من شعب الإيمان، ومن ضل عنه أو فقده تردى حتى يكون من جملة الحيوان، إن الحياء مطلب شرعي بل هو خلق الإسلام: كما روي عن النبي قال: ((إن لكل دين خلقاً وخلق الإسلام الحياء)) ابن ماجه.
وما هو إلا تغير وان+ار وانقباض يعتري النفس الإنسانية من الخوف مما يعاب به، وقيل هو ماء الوجه. وأنشد البغدادي:
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياءك فاحفظه عليك فإنما يدل على وجه الكريم حيـاؤه
والحياء خلق جميل يحول بين الإنسان وارتكاب المعاصي والآثام ويمنعه من التقصير في حق المولى جل وعلا، قال النبي : ((إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ)) البخاري. وقد أحسن من قال:
إذا رزق الفتى وجـهاً وقاحـاً تقلب في الأمور كما يشاء
ولم يـك للــدواء ولا لشيء يعالجه بـه فـيه عـنـاء
فمالك للدواء في معاتبـة الذي لا حياء لوجهه إلا العـناء
خصائص الحياء: إن الحياء هو مادة الخير والفضيلة، وبهذا وصفه النبي : ((الحياء خير كله)) وحسبك من هذه الفضائل:
الله يحب الحياء: قال النبي : ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ)) أبو داود.
الحياء خلق الإسلام، قال النبي : ((إن لكل دين خلقاً، وخلق الإسلام الحياء)).
الحياء من الإيمان، عن ابن عمر أن رسول الله مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال له: ((دعه، فإن الحياء من الإيمان)).
الحياء لا يأتي إلا بخير، عن عمران بن حصين قال: قال النبي : ((الحياء لا يأتي إلا بخير)).
الحياء يقود إلى الجنة، قال النبي : ((الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار)).
حياء صفة من صفات الله عز وجل: قال ابن القيم: "وأما حياء الرب تعالى من عبده، فذاك نوع آخر، لا تدركه الأفهام، ولا تكتفيه العقول، فإنه حياء كرم وبر وجود وجلال فإنه تبارك وتعالى حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً، ويستحي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام".
وقد اتصف به النبي والصحابة الكرام، فعن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: (كان النبي أشد حياء من العذراء في خدرها) وفي رواية أنه إذا كره شيئاً عرف ذلك من وجهه.
وعن عمران بن دينار قال سمعت جابر بن عبد الله يحدث أن رسول الله كان ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: يا ابن أخي لو أحللت إزارك فجعلته على منكبيك دون الحجارة قال: فحله فجعله على منكبيه، فسقط مغشياً عليه، وفي رواية: فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء فقال: أرني إزاري فشده عليه.
وكذلك كان الجيل الأول من صحابة النبي الذين ورثوا مكارم الأخلاق عنه كانوا أشد الناس حياء، وبرز منهم نماذج رائعة في الحياء، كانت الملائكة تستحي منهم. قال النبي : ((وأصدقهم حياء عثمان)) وكان الرسول والملائكة الكرام يستحيون من عثمان، عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ كَانَ رَسُولُ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ وَسَوَّى ثِيَابَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ: ((أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ)).
وقد كانت العرب في جاهليتها الأولى تستحي، فهذا عنترة يقول:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتـى يـواري جارتـي مـأواها
كان الحياء ديدنهم كما قال أبو موسى الأشعري لرجل من جشم عندما فر هارباً، قال: ... فلما رآني ولى عني ذاهباً، فاتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي؟ ألست عربياً؟ ألا تثبت ؟ فكف...
أبواب الحياء:
الحياء من الله: وهو طريق إلى كل طاعة واجتناب كل معصية، وقد حث الشرع على الحياء من الله حق الحياء فقال الرسول : ((استحيوا من الله حق الحياء، من استحى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وليذكر الموت والبِلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)).
والحياء من الناس: من أن تقع أعينهم على ما يعيبه، وذلك لأن الحياء خاصية بشرية حبا الله بها الإنسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي، فلا يكون كالبهيمة، ولذلك لما أكل آدم وحواء من الشجرة وبدت لهما سوآتهما ذهبا يجمعان من ورق الجنة ويشبكانه بعضه في بعض، ويضعانه على سوآتهما، مما يوحي أن الإنسان يستحي من التعري فطرة ولا يتعرى ويتكشف إلا بفساد هذه الفطرة من صنع إبليس وأعوانه.
كل هذا يدل عباد الله على أهمية الحياء، لكن هؤلاء الذين نكسوا فطرة الله وتبعوا الشيطان أولئك في منأى من ذلك، إن العري صفة بهيمية لا يميل الإنسان إليه إلا وهو ينت+ إلى حمأة الحيوانية، وإن رؤية العري عند البعض جمالاً هو فساد في الذوق الإنساني. وانحراف عن فطرة الله. التي فطر الناس عليها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم...
الخطبة الثانية
عباد الله، ماذا تفعل بيوت الأزياء ومصمموها في بيوت المسلمين اليوم، إن هذا الخبل الذي لا يفيق منه الناس رجالاً ونساء وهو تنفيذ للمكيدة الشيطانية وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ [النساء:119].
فمن صور ذهاب الحياء عند النساء اليوم ما ظهر في كثير منهن من عدم التستر والحجاب والخروج إلى الأسواق متطيبات متجملات لابسات لأنواع الحلي والزينة لا يبالين بنظر الرجال إليهن، بل ربما يفتخرن بذلك ويتنافسن على إضلال عباد الله بالتبرج والسفور ولبس ما شفّ من الثياب وضاق، لتطمع الذي في قلبه مرض.
ومن ذهاب الحياء من بعض الرجال أو النساء شغفهن باستماع الأغاني التي فيها كلمات الفسق والمجون والتعريض بالزنا والفواحش، حتى إنهم ليطلبون من الإذاعات إعادة بث هذه الأغاني ويهدونها إلى أقاربهم وأصحابهم.
وأين الحياء ممن يشتري الأفلام الخليعة ويعرضها في بيته أمام نسائه وأولاده بما فيها من مناظر الفجور وقتل الأخلاق وإثارة الشهوة والدعوة إلى الفشاء والمنكر؟
أم أين الحياء من المدخن الذي ينفث من فمه وأنفه في وجوه جلسائه ومن حوله، فيخنق أنفاسهم ويقزز نفوسهم ويملأ مشامهم من نتنه.
أم أين الحياء من الموظف الذي يستهتر بالمسؤولية، ويتعب المراجعين بحبس معاملاتهم.
أم أين الحياء من التاجر الذي يخدع الناس ويغش السلع ويكذب عليهم.
إن الذي حمل هؤلاء على النزول إلى هذه المستويات الوضيعة الهابطة هو قلة الحياء أو ذهابه عنهم بالكلية.
إذا لم تخـش عـاقبة الليالي ولم تستح فاصنع ما تشاء
فلا والله مـا في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيى بخير وبقى العود ما بقي اللحاء
وعلى ولي الأمر سدد الله خطاه ورزقه البطانة الصالحة التي تعينه على الخير، عليه زجر هؤلاء كما ثبت عن عثمان عنه قال: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) فكثير ممن قل حياؤهم لو تلوت عليه كتاب الله من الفاتحة إلى الناس ما حركت شعرة من جنبه، أما إذا جاءه وازع السلطان بالضبط والتفتيش والتحقيق والحبس انزجر وارتدع. وكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته.
| |
|