molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: صلة الأرحام - عادل بن عدنان النجار الثلاثاء 22 نوفمبر - 7:23:52 | |
|
صلة الأرحام
عادل بن عدنان النجار
الخطبة الأولى
أما بعد:
عباد الله، اتقوا الله تعالى وصلوا ما أمر الله به أن يوصل من حقوقه وحقوق عباده، صلوا أرحامكم، والأرحام والأنساب هم أقارب الإنسان، كأمه وأبيه وابنه وابنته، وكل من كان بينه وبينه صلة من قبل أبيه أو من قبل أمه أو من قبل ابنه أو من قبل ابنته.
صلوا أرحامكم بالزيارات والهدايا والنفقات، صلوهم بالعطف والحنان ولين الجانب وبشاشة الوجه والإكرام والاحترام وكل ما يتعارف الناس من صلة.
إن صلة الرحم ذكرى حسنة وأجر كبير، إنها سبب لدخول الجنة وصلة الله للعبد في الدنيا والآخرة، واقرؤوا إن شئتم قول الله تعالى: إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلالْبَـٰبِ ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ ٱلْمِيثَـٰقَ وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوء الحِسَابِ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيّئَةَ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ [الرعد:19-22].
وفي الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً قال: يا رسول الله أخبرني بما يدخلني الجنة ويباعدني من النار فقال النبي : ((تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي ال+اة وتصل رحمك))، فلما أدبر قال النبي : ((إن تمسك بما أمرته به دخل الجنة)).
صلة الرحم سبب لطول العمر وكثرة الرزق قال النبي : ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))، وقال النبي : ((إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتْ الرَّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ: نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَذَاكِ لَكِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : اقْرَؤوُوا إِنْ شِئْتُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءانَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:22-24])). وقال النبي :((الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ)).
أيها الناس، إن بعض الناس لا يصل أقاربه إلا إذا وصلوه، وهذا في الحقيقة ليس بصلة فإنه مكافأة، إذ أن المروءة والفطرة السليمة تقتضي مكافأة من أحسن إليك، قريباً كان أو بعيداً، يقول النبي : ((لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا))، فصلوا أرحامكم وإن قطعوكم، وستكون العاقبة لكم عليهم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ : ((لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ)).
واحذروا أيها المؤمنون من قطيعة الرحم فإنها سبب للعنة الله وعقابه كما قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَـٰرَهُمْ [محمد:22، 23]. وقد تكفل الله سبحانه للرحم بأن يقطع من قطعها حتى رضيت بذلك وأعلنته، فهي متعلقة بالعرش تقول: ((من قطعني قطعه الله)). وعن جبير بن مطعم أن النبي قال: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ)) قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي: قَاطِعَ رَحِم، وأعظم القطيعة قطيعة الوالدين ثم الأقرب فالأقرب من القرابة، ولهذا قال النبي : ((أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ)).
سبحان الله ما أعظم عقوق الوالدين وما أشد إثمه، إنه يلي الإشراك بالله، إن عقوق الوالدين قطع برهما والإحسان إليهما وأعظم من ذلك أو يتبع قطع البر والإحسان بالإساءة والعدوان.
فاتقوا الله ـ عباد الله ـ وصلوا أرحامكم، فمن كان بينه وبين رحم له عداوة فليبادر بالصلة وليعفُ وليصفح، قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ [الشورى:40] وقال أيضاً: وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النور:22].
فيا عباد الله، يا من آمنوا بالله ورسوله، انظروا في حالكم، انظروا في أقاربكم، هل قمتم بما يجب لهم عليكم من صلة؟ هل ألنتم لهم الجانب؟ هل أطلقتم الوجوه لهم؟ وهل شرحتم الصدور عند لقائهم؟ هل قمتم بما يجب لهم من محبة وتكريم واحترام؟ هل زرتموهم في صحتهم؟ وهل عدتموهم في مرضهم؟ هل بذلتم ما يجب بذله لهم من نفقة وسداد حاجة؟ فلننظر.
إن من الناس من ينظر إلى والديه اللذين أنجباه وربياه نظرة احتقار وسخرية وازدراء، يكرم امرأته ويهين أمه، ويقرب صديقه ويبعد أباه، إذا جلس عند والديه فكأنه على جمر، يستثقل الجلوس ويستطيل الزمن، اللحظة عندهما كالساعة أو أكثر، لا يخاطبهم إلا ببطء وتثاقل ولا يفضي إليهما بسر ولا أمر مهم، قد حرم نفسه لذة البر وعاقبته الحميدة، ومن الناس من لا ينظر إلى أقاربه إلا نظرة إزدراء، فيخاصمهم في أقل الأمور ويعاديهم في أتفه الأسباب.
عباد الله، اتقوا الله وصلوا أرحامكم واحذروا من قطيعتهم واستحضروا دائما ما أعد الله تعالى للواصلين من الثواب والقاطعين من العقاب.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|