molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: معجزة القرآن - زياد بن محمد الصغير الأحد 6 نوفمبر - 3:49:11 | |
|
معجزة القرآن
زياد بن محمد الصغير
الخطبة الأولى
أما بعد:
فإن الإيمان يزيد وينقص، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإيمان يزيد بطاعة الله تعالى، وينقص بمعصية الله عز وجل.
يزيد عند الذين إذا ما خلوا بأنفسهم تذكروا شهود الله عز وجل لأعمالهم فيتقونه سبحانه سراً وعلانية وينقص عند من يحسبون أن الله لا يراهم إذا استخفوا بالمعاصي.
وإن من الأمور التي تزيد الإيمان لدى المؤمن هو موضوعنا اليوم، معجزة القرآن الكريم.
إن معجزة القرآن الكريم هي معجزة خالدة باقية إلى يوم القيامة، والقرآن خاتم الكتب السماوية ليس له عصر معين في إعجازه، ولا زمن محدد في تحديه للبشرية كلها، إنه سيظل معجزة خالدة باقية فيه إعجاز لكل العصور، لمن عاشوا قبلنا ولعصرنا ولمن سيأتون من بعدنا، حتى تنتهي الدنيا وما فيها.
لقد أيد الله رسله بالمعجزات حتى يصدقهم الناس، هذه المعجزات كانت مما لا يستطيع أحد أن يأتي به، وأن تكون أيضاً مما نبغَ فيه قومه. .. لماذا؟ وذلك حتى لا يقال إن الرسول قد تحدى قومه بأمر لا يعرفونه ولا موهبة لهم فيه، فالتحدي يجب أن يكون في أمر نبغ فيه القوم حتى يكون للتحدي قيمة.
فمثلاً معجزة سيدنا إبراهيم عليه السلام جاءت في قوم يعبدون الأصنام، ويسجدون لها، ويقدسونها، ولذلك عندما أرادوا إحراق إبراهيم جاءوا به أمام آلهتهم ليلقوه في النار، وكان من المفروض أن هذه الآلهة تنتقم لنفسها ممن حطمها إذا كانت تستطيع لنفسها نفعاً أو ضراً، ولكنهم حين ألقوا بإبراهيم الذي سفه معتقداتهم في النار لم تحرقه النار، وخذلتهم آلهتهم.
ولكن معجزة إبراهيم ليست أن ينجو من النار، فلو أراد الله سبحانه أن ينجيه من النار ما مكنهم من إلقاء القبض عليه، أو لنزلت الأمطار لتطفئ النار مثلاً، ولكن شاء الله أن تظل النار متأججة محرقة مدمرة، وأن يؤخذ إبراهيم عياناً أمام الناس ويرمى في النار، وهنا يبطل ناموس إحراقها، قُلْنَا يٰنَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلَـٰمَا عَلَىٰ إِبْرٰهِيمَ وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَـٰهُمُ ٱلاْخْسَرِينَ [الأنبياء:70,69].
فكل شيء في الكون خاضع لإرادة الله.
لو نجا بأن هرب مثلاً، قالوا: كذاب، ولو نزلت الأمطار فأطفأت النار، لقالوا: لولا أطفئت، وهكذا.
أما معجزة سيدنا عيسى عليه السلام فقد جاء في قوم يعلمون الطب، فجاء لهم بمعجزة من جنس ما نبغوا فيه فأبرأ الأكمه (الأعمى) والأبرص وأحيا الموتى.
ومعجزة موسى عليه السلام هي العصا، فقد جاء في قوم يعلمون السحر، فهزمهم فيما نبغوا فيه.
إذن، فمعجزات الرسل هي خرق لنواميس الكون، فالنار مع إبراهيم تتعطل خاصية إحراقها، والماء مع موسى يفقد قوانينه، فقانون الماء هو الاستطراق، لا يكون عالياً في مكان ومنخفضاً في مكان آخر، لابد أن يتساوى سطحه، ولكن عندما ضرب موسى البحر بعصاه انشق البحر فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ [الشعراء:63] أي كالجبل العظيم.
ثم نأتي عند معجزة رسولنا الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، تلك المعجزة التي أيده بها الله عز وجل، معجزة القرآن.
فقد جاء القرآن من جنس ما نبغ فيه العرب، القوم الذي نزل فيهم، فقد عُُرفوا بالبلاغة والفصاحة وحسن الأداء وجمال المنطق وسلاسة التعبير، فتحداهم القرآن في هذا، فلما سمعوه انبهروا، ولكن العناد أوقفهم عن الاتباع.
قالوا عنه أنه ساحر، والرد هنا بسيط جداً؛ هل يملك المسحور اختياراً مع الساحر؟ إن المسحور لا يخضع للساحر بإرادته، ولا يأتي ليقول له سأصدق هذا السحر وأكذب هذا السحر، إنما المسحور مسلوب الإرادة أمام الساحر، فكونكم تقولون إنه ساحر ولا تؤمنون به دليل على أنكم كاذبون.
ثم قالوا شاعر: وهو أصلاً لم يقل الشعر في حياته وهم يعرفون ذلك جيداً، فلماذا فجأة يتهمونه بذلك.
ثم قالوا: مجنون، ولكن هل المجنون يكون على خلق؟
وهم كانوا يلقبونه قبل الرسالة بالصادق الأمين، وكانوا يودعون عنده الودائع ويأتمنونه حتى بعد البعثة وحتى يوم الهجرة، فكيف يكون مجنوناً؟ وهو الذي أنقذهم من حرب كادت تنشب عند وضع الحجر الأسود.
الذي حدث أنهم انبهروا، ذهلوا، هم ملوك البلاغة والفصاحة وأساطينِها، فجاءهم كلام أعجزهم، وجدوا أنفسهم عاجزين، فتخبطوا، قالوا ساحر، قالوا مجنون، وقالوا أشياء لا تخضع لأي منطق، لأنهم من قوة المفاجأة فقدوا الحجة والمنطق.
ولم يكن التحدي في القرآن والإعجاز بالبلاغة فقط، ولكن التحدي أيضاً كان بتمزيق حواجز الغيب الثلاثة: المكان والزمن الماضي والزمن المستقبل.
لقد تطرق القرآن إلى أمور كثيرة، وتنبأ بِأشياء كثيرة، لو لم تصح واحدة منها لكانت كفيلة بهدم الدين كله، منها كفر أبي لهب، قال تعالى: تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد:1].
لقد نزل هذا القرآن في عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان يستطيع أن يستخدم هذه الآيات +لاح يحارب به الإسلام.
لقد قالت له السورة يا أبا لهب أنت ستموت كافراً، وستعذب في النار، وكان يكفي أن يذهب أبو لهب إلى أي جماعة من المسلمين، ويقول أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، نفاقاً أو رياءً ليهدم الإسلام لا ليدخل فيه.
ولكن هذا التفكير لم يجرؤ عقل أبي لهب على الوصول إليه، بل بقي كافراً مشركاً ومات وهو كافر.
ولم يكن التنبؤ بأن أبا لهب سيموت كافراً ممكناً، لأن كثيراً من المشركين اهتدوا مثل خالد، وعمر، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم.
المعجزة هنا أن القرآن تحدى أبا لهب في أمر اختياري كان من الممكن أن يقوله، ومع ذلك هناك يقين أن ذاك لن يحدث، لماذا؟ لأن الله الذي نزل هذا القرآن يعلم أنه لن يأتي إلى عقل أبي لهب التفكير الذي يكذب به القرآن؛ فهل هناك إعجاز أكثر من هذا؟
ومن أمثلة تحدي القرآن في أمور مستقبلية انتصار الروم على الفرس.
كانت هناك أمتان، مجوس وأهل كتاب.
كان المؤمنون يميلون إلى نوع من الإيمان لدى الروم.
انتصر الفرس في معركة بالأردن وأخذوا الصليب الأعظم وسحقوا الروم حتى توقع الناس أنهم لن تقوم لهم قائمة بعد ذلك.
نزل القرآن ليواس المؤمنين على حزنهم:
الـم غُلِبَتِ ٱلرُّومُ فِى أَدْنَى ٱلأرْضِ وَهُم مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِى بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ ٱلأمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ ٱللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ [الروم:1-5].
ثم يمعن القرآن في التحدي وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [الروم:6].
هل يستطيع الرسول صلى الله عليه وسلم إن يتنبأ بمعركة حربية؟
لقد أصبحت قضية إيمانية كبرى، حتى أن أحد الصحابة راهن أحد المشركين على صحة ذلك.
ماذا كان يمكن لو لم تحدث معركة في بضع سنين؟
أو لو حدثت وهزم الروم؟ وما الذي يدعو الرسول لمخاطرة لم يطلبها منه أحد قد تهدم الدين إن كان الدين من عنده؟
إن القائل هو الله، والفاعل هو الله، ومن هنا كان هذا الأمر الذي نزل في القرآن يقينا سيحدث؛ لأن قائله عز وجل ليس عنده حجاب الزمان ولا حجاب المكان ولا أي حجاب، يقول للشيء إذا أراده سبحانه: كُن فَيَكُونُ [يس:82].
ومن هنا حدثت الحرب، فانتصر الروم على الفرس فعلاً كما أخبر القرآن.
ولم تتوقف معجزات القرآن عند الإخبار بأمور ستحدث، ولكن هناك معجزات كثيرة جداً علمية, لم يتوصل إليها العلم إلا مؤخراً.
من هذه المعجزات إخباره بعلم الأجنة، ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْماً [المؤمنون:13، 14]
كل هذه الخطوات اكتشف العلم الحديث صحتها ولا نقول أثبت ذلك.
وهكذا فإن المعجزات في القرآن الكريم كثيرة ولا حصر لها، والعلم كلما تقدم يكتشف أموراً أخبر بها القرآن الكريم قبل 1400عام.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|