molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: حقيقة الدنيا- إسماعيل الخطيب الأربعاء 26 أكتوبر - 5:33:55 | |
|
حقيقة الدنيا
إسماعيل الخطيب
الخطبة الأولى
أما بعد:
إن واقع جل الناس اليوم يثبت أنهم غافلون لاهون عن حقيقة أمرهم، عن مبدئهم ومصيرهم بل لا يكلفون أنفسهم السؤال الذي ظلت البشرية على امتداد تاريخها تحاول الإجابة عنه، فلم تصل إلى معرفة الحقيقة إلاّ عن طريق رُسُل الله عليهم صلوات الله وسلامه.
أرسل الله الرسل فبينوا للناس أن الدنيا إنما هي متاع قليل يتمتع به الإنسان أياماً قصيرة معدودة، متاعٌ سريع الفناء لا يدوم لصاحبه، كما لا يدوم اللعب بيد الأطفال، قال تعالى: وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون واللعب هو ما لا يقصد به فاعله مقصداً صحيحاً، من تحصيل منفعة أو دفع مضرة، واللهو هو ما يشغل الإنسان عما يعنيه ويهمه، فالذي لا يفكر في هذه الدنيا إلا في لذاتها ونعيمها والمنافسة عليها خاسر بلا شك، فمتاع الدنيا قليل لأنه سريع الفناء ولا يدوم لصاحبه، مع ما يصاب به الإنسان من الهموم والأكدار والمنغصات، وقد تعدد التنبيه في القرآن الحكيم إلى هذه الحقيقة، وهي أن هذه الحياة الدنيا لعب ولهو، في سورة الأنعام، وهي الآية التي ذكرنا، وفي سورة العنكبوت يقول تعالى: وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وفي سورة محمد يقول سبحانه: إنما الحياة الدنيا لعب ولهو. وفي سورة الحديد يقول تعالى: اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولادِ.
وقد فصلت هذه الآية متاع الحياة الدنيا بحسب ترتيبه الذي تقتضيه الفطرة البشرية، فقدم اللعب لأنه أول عمل للطفل، فالطفل الصغير يقضي جل وقته في اللعب، أما اللهو فيأتي في الفترة التالية، ثم تأتي الزينة التي هي من شأن سن الصبا، ثم يأتي التفاخر الذي هو من شأن الشباب، وبعده التكاثر في الأموال والأولاد الذي هو شأن الكهول.
فاللعب وهو العبث الذي لا تقصد به فائدة لا يليق بالإنسان العاقل، الذي من المفروض أن يقصد بكل عمل من أعماله إما دفع بعض المضار وإما تحصيل بعض المنافع، خاصة إذا تقدم به السن وبلغ الستين. قال علي وابن عباس وأبو هريرة في تأويل قوله تعالى: أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير إنه ستون سنة، وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة)) والمعنى أن من عاش ستين سنة لم يبق له عذر يعتذر به، فقد أطال الله عمره، ومر بمختلف المراحل، ووعى حقيقة الحياة، ورأى النذر من شيب وعجز ومرض وموت للأقارب، فهل يليق به أن يلعب مع اللاعبين ويلهو مع اللاهين وقد دخل في معترك المنايا وسن الإنابة والخشوع وترقب المنية ولقاء الله تعالى.
عباد الله: لا نعتقد أنه مر بالبشرية عصر وقع فيه الاهتمام باللعب واللهو كما هو واقع في عصرنا، فها هو لعب الكرة يستحوذ على عقول الناس صغيرهم وكبيرهم، نسائهم ورجالهم، غنيهم وفقيرهم. ها هو لعب الكرة يتسبب في قلب حياة الناس، فيهجر الناس أعمالهم ومصالحهم للتفرج عليها ثم لا يقف الأمر عند ذلك بل يتعادى الناس لأجلها ويتح+ون ويتعصبون ويتقاتلون، فكم يسقط كل سنة من قتيل وجريح بسببها (وقد ذكرت الأخبار أن شاباً مات بالسكتة القلبية عند تسجيل إصابة (هدف) لأحد الفرق الرياضية فما هذا الجنون، ثم انظر إلى هذه الأموال الطائلة التي تصرف على هذه اللعبة، والتي اتخاذها وسيلة للمقامرة، كل ذلك وغيره، مما يطول ذكره، في سبيل لعبة من اللعب، جعل البعض منها وسيلة لإلهاء الشعوب عن واقعها المرير ليلعب بها اللاعبون كيفما شاءوا، وصدق ربنا: اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|