molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: غزوة بدر - إسماعيل الخطيب الثلاثاء 25 أكتوبر - 11:22:58 | |
|
غزوة بدر
إسماعيل الخطيب
الخطبة الأولى
أما بعد:
يقول ربنا سبحانه وتعالى: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم .
عباد الله، في شهر الصيام وقعت الغزوة الكبرى التي انتصر فيها الإسلام، والتي سميت في القرآن بيوم الفرقان، والتي قال النبي فيمن حضرها، ((لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة))[1]. في السنة الثانية من الهجرة فرض صيام شهر رمضان، وفي أول رمضان يصام في الإسلام وقعت غزوة بدر الكبرى في يوم الجمعة السابع عشر منه. فقد شاء الله تعالى أن تقع هذه الغزوة في شهر الصبر الذي يطلب فيه من أهل الإيمان أن يغتنموه بالعبادة وكثرة الصلاة وقراءة القرآن والذكر والصدقة والإحسان، وهكذا أضاف ذاك الجيل المبارك من صحابة رسول الله إلى كل ذلك، جهادا بالنفس والمال لإعلاء كلمة الله وقمع عصابة الشرك والطغيان.
لقد علّمهم النبي عليه الصلاة والسلام أن الصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد، وعلمهم أنه بالصبر يظهر الفرق بين أصحاب العزائم والهمم وأهل الجبن والضعف، وعلمهم أن العبادة لا تؤدي كما أمر الله إلا بالصبر، وأن المعاصي لا تجتنب إلا بالصبر، وأن على المؤمن أن يصبر على ما قدره الله وقضاه فلا يتسخط ولا يضجر عند نزول البلاء، وتلا عليهم قول الله تعالى: ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، وقوله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ، أي اصبروا على الطاعة ولازموها واصبروا عن الشهوات وامتنعوا عنها ورابطوا إما في الثغور في مواجهة العدو أو انتظار الصلاة في المساجد ثبت في الصحيح أن النبي قال : ((ألا أخبركم بما يمحوا الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط)).
وبالصبر يتحقق النصر بإذن الله، فهاهم أهل بدر عندما وقفوا في وجه أعداء الله خاطبهم النبي بقوله: ((ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين)) لقد رأى أهل بدر أن عدوهم يبلغ ثلاثة أضعاف عددهم وتتوفر معه مؤونة وسلاح وأنه جاء مستعدا متهيئا للقتال، بينما هم على الع+ من ذلك، لقد كان الموقف حرجا جدا، فقريش في عز قوتها، والمسلمون في ضعف مادي شديد، ولذلك كان من دعاء النبي في ليلة بدر: ((اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض)) فلو انهزم المسلمون في بدر لما قامت للإسلام قائمة، ولذلك بشر النبي أهل بدر بنزول ثلاثة آلاف من الملائكة، وأنهم إن صبروا على شدة الحرب وثبتوا في المعركة فإن الله تعالى يمدهم بخمسة آلاف من الملائكة، قال تعالى: بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين روى البخاري أن النبي قال يوم بدر ((هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب))، وقال في رواية أخرى: ((جاء جبريل النبي فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم، قال: من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها، قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة)).
والنبي قاد المسلمين في غزوة بدر وشارك في القتال، عن علي قال: ((لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله وهو أقربنا من العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا)) فكان يجاهد بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى ويقاتل ببدنه جمعا بين المقامين الشريفين.
وحقق الله تعالى لعباده المؤمنين الصابرين النصر على عدوهم رغم قلة عددهم وعددهم، قال تعالى: ولقد نصركم الله ببدر وأنت أذلة بسبب قلتهم ولكن الله تعالى نصرهم لصبرهم وثباتهم والله تعالى ينصر المؤمنين الصابرين الصادقين.
عباد الله، بين الله تعالى في كتابه الحكيم أن الجهاد في سبيله هو التجارة التي تنجي من عذاب أليم، قال العلماء نزل قوله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم في عثمان بن مظعون وذلك أنه قال لرسول الله : لو أذنت لي فطلقت خولة وترهبت واختصيت وحرمت اللحم ولا أنام بليل أبدا ولا أفطر بنهار أبدا، فقال رسول الله : ((إن من سنتي النكاح ولا رهبانية في الإسلام إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله وخصاء أمتي الصوم ولا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ومن سنتي أنام وأقوم وأفطر وأصوم فمن رغب عن سنتي فليس مني)). فقال عثمان فمن والله لوددت يا نبي الله أي التجارات أحب إلى الله فأتجر فيها فنزلت الآية.
فبالجهاد في سبيل الله ينجو المؤمن من عذاب الله وبالجهاد في سبيل الله انتصر المسلمون على أعداء الله وعندما ترك المسلمون الجهاد ضاعت الأندلس وغيرها من بلاد الإسلام، وهاهي اليوم فلسطين تضيع بسبب ترك الجهاد في سبيل الله والمسجد الأقصى وفلسطين لن يعودا إلى المسلمين إلا بالجهاد في سبيل الله، وغزوة بدر ستبقى درسا للمسلمين يتعلمون منها أن الله تعالى يؤيد المؤمنين الصابرين، ويمدهم بمدده الذي لا ينفد، فهو سبحانه وتعالى القائل: وكان حقا علينا نصر المؤمنين .
[1] صحيح مسلم (النووي 16:55).
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|