molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: حقيقة التقدم والحضارة - إسماعيل الخطيب الأربعاء 26 أكتوبر - 5:49:06 | |
|
حقيقة التقدم والحضارة
إسماعيل الخطيب
الخطبة الأولى
أما بعد:
يقول ربنا عز وجل: كلا والقمر والليل إذا أدبر والصبح إذ أسفر إنها لإحدى الكبر نذيراً للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر.
عباد الله: استهزأ الكافرون وسخروا مما أخبرهم به الرسول من النار وعذابها، وسقر وخزنتها، ضلوا ضلالاً بعيداً، فنزل القرآن يردعهم بكلمة زاجرة هي "كلا" فليس الأمر كما يظنون، وليست الحقيقة ما يعتقدون، ثم أقسم على ذلك بالقمر الذي هو آية الليل الظاهرة الباهرة، وبالليل وسكونه وهدوئه ثم ذهابه وإقبال النهار، وبالصبح إذا أضاء وأنار، يقسم الله تعالى بهذه الأشياء للفت الأنظار إلى قدرته، فهذا التغيير من حال إلى حال دليل على جواز البعث والانتقال من الفناء بعد الموت إلى الحياة في دار الجزاء، يُقسم تعالى على أن النار التي أعدها الله للمكذبين هي إحدى الدواهي العظيمة، وهي نذير للبشر لمن شاء أن يتقدم بفعل المأمورات والطاعات، أو يتأخر بفعل الشر والمنهيات. فالتقدم يوصل صاحبه في النهاية إلى جنة الرضوان، والتأخر يوصل الضالين إلى عذاب النيران.
من هنا ينبغي لنا أن نفهم معنى التقدم والتأخر، والحضارة والرقي، فدين الله جاء يدعوا إلى التقدم والحضارة، والأوامر الشرعية في مجموعها تحقق التقدم في مختلف المجالات، ألا ترى أن النهضة الاقتصادية من عوامل التقدم، وأن النهضة الاقتصادية لا تقوم إلا إذا كان المال متحركا مشاعاً بين الناس، وليس في يد طبقة دون أخرى، لذلك جاء التوجيه في كتاب الله: كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ولتحقيق ذلك فرض الله ال+اة وحرم الإحتكار، ومنع الربا، وهما الوسيلتان لجعل المال بيد الأغنياء وحدهم. فإذا طبق هذا النظام المالي الإلهي تحققت العدالة الاجتماعية، والنهضة الاقتصادية.
والتقدم لا يتحقق إلا بتعاون جميع أفراد الأمة على البناء فإذا كان في الأمة مرضى مهملين أو عاجزين منسيين، أو شباب خاملين، فكيف يمكن للأمة أن تتقدم أو تنهض، لذلك وجدنا الإسلام يدعو إلى التعاون والعمل والتكافل، قال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض فهم شركاء في تبعة الحياة لا يتخلى بعضهم عن بعض بل يساعد بعضهم بعضاً، والغربيون لم يصلوا إلى وصلوا إليه من تقدم مادي إلا بسبب تطبيقهم لبعض ما جاء به الإسلام، لكن تقدمهم انحصر في المادة، وحضارتهم انحرفت نحو اللذة والمتعة دون قيد من خلق أو دين، بل رفضوا الدين وحاربوه وهمشوه، وقطعوا الصلة ما بين السماء والأرض، ولقد حذرنا الله تعالى من اتباعهم أو السير في طريقهم فقال سبحانه: ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون.
عباد الله: إذا كان الإسلام هو دين التقدم والحضارة، فإن حضارة الإسلام تقوم على الأخلاق والنظافة الحسية والمعنوية، فماذا في مجتمع المسلمين اليوم من أخلاق الإسلام ونظافة الإسلام: أين الصدق؟ أين الإخلاص؟ أين الصبر؟ أين الإحسان؟ بينما نجد أن الغربيين ما زالوا مستمسكين ببعض الفضائل الخلقية، من استقامة وصدق وبعد عن الغش والنصب والاحتيال، حتى ذهب البعض إلى القول: أولئك لهم أخلاق وليس لهم دين، وهؤلاء لهم دين وليس لهم أخلاق. لكننا يجب أن نسأل: هل يبقى دين إذا ضاعت الأخلاق. إن الأخلاق الكريمة هي التي تمنع صاحبها من الوقوع في المعاصي، وهي التي تدفع صاحبها إلى القيام بالطاعات، فخلق الحياء يحجز عن ارتكاب الموبقات. قال رسول الله : ((لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء))[1]، ومر رسول الله على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله : ((دعه، فإن الحياء من الإيمان)).
إذا كان الحياء من الإيمان فأين الحياء عند النساء، أين الحياء عند من يأخذ الرشوة. أين الحياء عند الكذابين والمحتالين، أين الحياء عند المجاهرين بالمعاصي. لقد ضاع الحياء عند أمة اعتبر نبيها الحياء من الإيمان، لأنه به مِلاك الأمر كله من حسن معاملة الحق ومعاشرة الخلق.
لكننا - مع ما نحن فيه من انحراف – يتمثل في تركنا لفضائل الإسلام، وتركنا لما بقي عند الغرب من فضائل، وتقليدنا لهم في الرذائل فقط، مع ذلك فالخير كامن في هذه الأمة، فعندنا القرآن وعندنا السنة، عندنا الإسلام، وعلتنا هي الانحراف عن الإسلام، فإن عدنا إليه كان التقدم والصعود والحضارة والعزة، وما ذلك على الله بعزيز.
[1] الموطأ: ما جاء في الحياء : كتاب الجامع.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|