molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: المشكلات الزوجية - إسماعيل الخطيب الثلاثاء 25 أكتوبر - 11:16:35 | |
|
المشكلات الزوجية
إسماعيل الخطيب
الخطبة الأولى
أما بعد:
يقول ربنا سبحانه: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون [ الروم:21].
عباد الله، إن من آيات الله الدالة على عظمته وحكمته خلقه للإنسان من تراب، قال تعالى: ومن آياته أن خلقكم من تراب والتراب ميت ساكن بينما الإنسان حي متحرك، فسبحان من أخرج الحي من الميت، وسبحان من جعل قوام الحياة هذه العلاقة المتينة بين الرجل والمرأة، فكلاهما يألف الآخر ويسكن إليه، ويجد في كنفه الاستقرار والأنس والاطمئنان، وجعل بينهما مودة وهي المحبة ورحمة وهي الرأفة والعلاقة بين الزوجين لا يمكنها أن تستمر إذا لم تكن بينهما مودة ورحمة.
غير أن الحياة الزوجية قد تعترضها خلافات ونزاعات تتسبب في نتائج لا تحمد عقباها، وقد تكون أسباب تلك الخلافات واهية، غير أن العناد والمكابرة وقلة التفقه في الدين، كل ذلك يدفع بالزوجين إلى تضخيم المشاكل الصغيرة، وتحمل نتائجها السيئة.
إن الخلاف والاختلاف من طبائع البشر التي فطر الله الناس عليها، والحياة بين الزوجين لا يمكن أن تكون بغير مشاكل، لكن يستطيع الإنسان أن يعالج كل المشاكل بهدي من كتاب الله وسنة رسوله، يقول ربنا سبحانه: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا إن الزوج قد يكره من زوجته أشياء كتقصيرها في خدمة بيتها، أو مخالفته في أمر طلبه منها، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون سببا في الفراق، فالآصرة الزوجية أوثق من أن تعصف بها مشكلة عابرة، فكم من امرأة كرهها وحسن معاشرته لها، فكانت أعظم أسباب هنائه وسعادته، وليتذكر الرجل أيضا أنه لا يخلو من عيب تصبر امرأته عليه فالكمال لله تعالى وحده.
والآية ترشدنا إلى أن بعض الأشياء التي نكرهها الآن، قد يكون فيها خير في المستقبل، فهذه قاعدة عامة تجعل الإنسان صابرا مترويا عاقلا.
ولما كان كل من الرجل والمرأة لا يخلو من عيب كان عليهما أن ينظرا إلى المحاسن في الوقت الذي ينظران فيه إلى المساوئ، وإلى ذلك يشير قول النبي : ((لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر))[1]. الفرك هو البغض بين الزوجين، والنبي عليه الصلاة السلام يرشد إلى أنه لابد أن يكون في الإنسان عيب أو نقص، فإذا وجد الزوج في زوجته أمرا يكرهه فعليه أن يتذكر ما فيها من المحاسن، والذي يعمى عن المحاسن ولا يلاحظ إلا المساوئ، لابد أن يقلق ويظلم ويعرّض الحياة الزوجية للخطر.
وإن كثيرا من الخلافات التي تقع بين الزوجين سببها عدم التزامهما بالتشاور فيما بينهما، وقد مدح الله تعالى المؤمنين لالتزامهم بالشورى في جميع أمورهم، قال تعالى: والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ، وقد تعتقد المرأة أن فطام الطفل من اختصاصها وحدها، لكن القرآن الحكيم يجعل الفطام مسؤولية مشتركة بين الزوجين، يقول الله تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ثم يقول سبحانه: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما والفصال هو الفطام، لأنه يفصل الولد عن أمه، فيكون مستقلا في غذائه عنها، فلما جعل الله تعالى مدة الرضاع حولين، أجاز الاقتصار على ما دون الحولين، بقوله سبحانه: لمن أراد أن يتم الرضاعة فالوالدان إن اتفقا على إرضاع الطفل مدة تقل عن سنتين جاز لهما ذلك لكن لابد من رضائهما وتشاورهما واتفاقهما على أن صحة الطفل تسمح له بالاستغناء عن حليب أمه قبل بلوغه الحولين. وفي هذا الأمر إرشاد إلى ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة الزوجية من تشاور وتفاهم يحقق السكينة والسعادة، والمودة والرحمة.
عباد الله: لا شك أن أسباب الخلاف بين الزوجين كثيرة ومتشعبة ومتغيرة، ولا شك أن الخلاف إن طال واستمر، عكّر صفو الحياة، كما أن الزوجين في بعض الحالات لا يستطيعان تحديد سبب الخلاف أو قد يكون الخلاف لسبب تافه كتأخر الزوجة عن إعداد الطعام، لذلك كان على الزوجين أن يتصارحا وأن يناقشا خلافهما بهدوء، وأن يعتذر أحدهما للآخر. فالحقوق والواجبات بينهما متساوية، قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ، فما يطلب من الزوجة كالطاعة والأمانة والعفة والإخلاص وحسن المعاشرة والاحترام يطلب أيضا من الرجل، فإذا همّ الرجل بمطالبة زوجته بأمر فليتذكر أنه يجب عليه مثله، وقد أحال ربنا سبحانه معرفة مالهن وما عليهن إلى عرف الناس المستمد من الشريعة والآداب والعادات.
وقوله تعالى: وللرجال عليهن درجة هي درجة الرئاسة، ذلك أن كل جماعة لابد لها من رئيس ينظم أمرها، وبدونه يختل النظام، وقد جعل الله تعالى هذه الرئاسة للرجال لحكم ظاهرة بينة، لكنها ليست رئاسة استبدادية بل تنبني على التشاور والتناصح وتحقيق الخير لجميع أفراد الأسرة.
إن المؤمن يسأل الله تعالى أن يجعل زوجته وأولاده موضع سروره وفرحه، فيتوجه إليه ضارعا قائلا: ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما .
[1] رواه مسلم .
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|