الموت والحساب 1
الشيخ عاطف شمس
بسم الله الرحمن الرحيم
- بعد المقدمة:
قالت أم الصبى الذى قتل منذ أسبوعين لمن كان يزورها للعزاء بعد أن أفاقت قليلا من صدمتها - لقد جاءنى ولدى قبل أن يموت بيومين وقال لى يا أم طول الليل ناس لابسين ملابس بيضاء معايا- فضحكت الأم وقالت نايم مع الملائكة وبعدها بيومين جاءها خبره أنه مات قُتل طعن بسكين- هذا هو الموت اخوتى فى الله لن يعمر أحد- الدنيا سنغادرها جميعا.
قال رسول الله (ما الدنيا فى الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه فى اليم فلينظر بم يرجع). وقال صلى الله عليه وسلم (أكثروا من ذكر هادم اللذات).
لم؟ لنعلم أننا مهما عمرنا سنغادر الدنيا – لنعد لها عندما سأل أحد الأمراء شيخا لم نخاف من الموت ؟
فقال لأنكم خربتم أخراكم وعمرتم ديناكم – فتخافون من ترك العمران إلى الخراب.
الموت أكبر ما يقلق أهل الإيمان ويفزع أهل الإحسان يفكرون ساعة خروجهم من الدنيا إلى أين الذهاب؟
إلى رحمة أم إلى عذاب – إلى نعيم أم إلى جحيم علموا أن الدور ثلاثة لابد منها.
دار فى الدنيا – دار فى القبر – ثم دار فى الآخرة بعد الحساب وعلموا إن دار الدنيا مزرعة – تزرع خيرا فى الدنيا ستحصد خيرا فى القبر وبعد الحساب.
وإن زرعت شرا ومعصية وذنوبا فى الدنيا – فستحصد ويلا وعذابا فى القبر ثم عذابا فى الآخرة.
دخل بنات عمر بن عبد العزيز على أبيهم ليله العيد فقالوا ليس عندنا ثياب جديدة للعيد فقال الخازن (بيت المال) يا أمير المؤمنين أصرف لك مرتب شهر مقدم من بيت المال فقال عمر ويحك هل إطلعت على اللوح المحفوظ وعلمت أننى سأعيش شهرا – يا بناتى ليس العيد لمن لبس الجديد إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد قالوا له ساعة الموت ما تركت لأولادك فقال تركت لهم ما هو خير من المال تقوى الله.
(وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا) النساء 9.
نتنافس فى الدنيا على حطامها وغدا سنفارقها يتشاجر الأخ مع أخيه على قيراط أو أقل – يتشاجر الأخ مع أخيه على حجرة أو شقة فى البيت – ربما يعاديه - يحلف ألا يكلمه طوال عمره.
الأخت تختلف مع أخيها على الميراث فيحلف ألا يكلمها ثم يأتى الموت بغتة فيود الظالم لو يرجع إلى الدنيا ساعة واحدة – يفيق من سكرات الموت – ليرجع الحق إلى أهله.
يكاد يصرخ (رب إرجعون لعلى أعمل صالحا فيما تركت) رب إرجعون أعيد الحقوق الى اصحابها – أعطى أختى حقها فى الميراث - أعطى أخى حقه- هيهات (كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) اللحظة الحاسمة فى حياتك كلها هى ساعة الاحتضار- من عاش على خير وفقه الله وثبته ومن عاش على معصية لم يوفقه الله ولم يثبته. قال رسول الله (يبعث كل عبد على ما مات عليه) مسلم.
تفكر وتذكر: ليله الزفاف تلبس الأبيض وهى كذلك تتمنى لو طال الليل وزال النوم -
ليلة القبر تلبس الأبيض وتحمل على خشبه يمشون بك إما إلى حفرة من النار أو إلى روضة من رياض الجنة.
تفكر - تذكر: ساعة الموت والروح تنسل من جسدك تذكر قوله تعالى (فلولا إذا بلغت الحلقوم - وأنتم حينئذ تنظرون - ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون- فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين) الواقعة 83
تفكر- تذكر: ساعة الموت هل ستقول لا اله إلا الله أم ستموت دون أن تقولها- هل سيطاوعك لسانك أم لا يطاوعك.
تفكر – تذكر: وهم يغسلونك – ويقلبونك وأنت لا تستطيع أن تنطق ولا تتكلم.
تفكر- تذكر ساعة يمشون بالجنازة هل ستقول يا ويلها أين تذهبون بها – أم ستقول قدمونى- قدمونى.
تفكر – تذكر: ضمة القبر التى لم ينجو منها أحد حتى تختلف أضلاعه.
تفكر- تذكر: امتحان القبر نعم ينتظرك امتحان صعب هو سهل على من سهله الله عليه. أنت فى الكلية – أو الدورات التى تدخلها للترقية- وحتى فى الثانوية العامة تجتهد – تذاكر- فهل فكرت فى امتحان القبر – سيأتيك ملكان يسألانك ثلاثة أسئلة من ربك؟ ما دينك؟ من الرجل الذى بعث فيكم؟ الصالح يقول ربى الله- دينى الإسلام- الرجل هو محمد صلى الله عليه وسلم. الفاسق يقول ها لا أدرى- ها لا أدرى.
تفكر – تذكر: إن كنت ممن يقولون ها لا أدرى ستضرب ضربة على رأسك يسمعها كل شيء إلا الثقلين ولو سمعها الإنس لصعقوا.
تفكر- تذكر: القبر سيكون بالنسبة إليك إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار من حاسب نفسه فى الدنيا خف حاسبه فى القبر يجب ألا تطول غفلتك عن الموت وعن ذكر الموت أذكر الموت قبل أن يباغتك – أذكر الموت قبل أن يأتيك فجأة. اسأل نفسك كيف تكون نهايتك.
-أتموت وقد عققت أمك؟
-أتموت وقد دعا عليك أبوك؟
-أتموت وقد ظلمت جارك؟
-أتموت وقد أخذت ميراث أختك؟
-أتموت وأنت تتعامل بالربا؟
-أتموت وأنت تزنى؟
-أتموت وأنت ترتشى؟
-أتموت وأنت تغش فى بضاعتك التى تبيعها للناس؟
الموت قادم قادم قد يكون الآن قد يكون بعد ساعة تب إلى الله الآن باب التوبة مازال مفتوحا على مصراعيه.
قال أحد السلف كنت أسير فى شوارع البصرة فوجدت صبيا صغيرا تطرده أمه تقول اذهب لا أريد أن أراك ولا أريد أن أرى وجهك فتعجبت من قسوة الأم على ولدها فهام الصبى على وجهه ولما جن الليل – وبدأ جسده ينتفض من شدة البرد – رجع إلى بيت أمه ونام على عتبة الدار – سمعت الأم صوتا على الباب فخرجت فوجت ولدها نائما على عتبة الباب فأخذته واحتضنته وذهبت به إلى فراشه وقالت لولدها (ونسيت الباب مفتوحا) يا ولدى لم جعلتنى أطردك من البيت – يا ولدى لم لا تسمع ما أقوله لك – لم تناقشنى – لم تخالفنى – ألم يكن بطنى لك وعاءا – ألم يكن صدرى لك سقاءا وحجرى لك غطاءا. وظلت الأم بجور الصبى حتى نام وهنا قامت الأم إلى باب بيتها وأغلقته. أتعجبون أخوتاه من رحمة الأم بولدها، الله أرحم بعباده من الأم بولدها.
الله أرحم بنا من أمهاتنا:
رأى النبى صلى الله عليه وسلم أمراه فى السبى تبحث عن طفلها كلما وجدت طفلا احتضنته وضمته إلى صدرها – فلما وجدت ولدها احتضنته وألصقته بصدرها وأخذت تمسح على رأسه وجسده وهى تبكى فقال رسول الله أترون هذه المرأة طارحة ولدها فى النار؟ قالوا وقد فوجئوا بالسؤال لا فقال صلى الله عليه وسلم(لله أرحم بعباده من هذه بولدها).
يقول أخ لنا كنت أحب أمى حبا شديدا وكانت قد تجاوزت الثمانين من عمرها وأرادت أن تموت عند أخته الكبرى فأرسلها وكان كل يوم بعد الصلاة العشاء يذهب ويداعبها ويأخذ معه (كرواسان) أو بسكويت فيعطيه لها فتقول يا ولدى تضحك على بهذا البسكويت- وكانت تقول له أدعو الله أن أموت وأنت بعيد عنى فيقول لها لم؟ تقول أنت تحبنى أكثر من أخواتك – وساعة أموت - سيكون عليك بعدها عمل شاق – إعلان فى المساجد – كفن – غسل – خشبه – دفن – جنازة – ثم ستأخذ العزاء من المعزين-
أخوتى فى الله انظروا حتى ساعة الموت تريد راحة ولدها لا راحتها هى – وقد حدث ما أرادت هى بالضبط .
رسول الله صلى الله عليه وسلم ظل جالسا يوما بين الصحابة ثم قال استأذنت ربى أن أزور قبر أمى بعد أربعين سنة فإذن لى فذهب إلى قبرها وبكى وأبكى كل من حوله ثم قال أخذنى ما يأخذ الولد لأمه.
كان بن عمر رضى الله عنهما إذا قرأ (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) بكى وأبكى من حوله فسئل فقال أخاف إن يحال بينى وبين ما اشتهى فقالوا وما تشتهى قال أن أقول ساعة الموت لا إله إلا الله.
كم من فتى أمسى وأصبح ضاحكا
وقد نسجت أكفانه وهو لا يدرى
وكم من صحيح مات من غير عله
وكم من مريض عاش من الدهر
وكم من عروس زينوها لعرسها
وقد شيعوها فى ليلة القدر
الخطبة الثانية
رجل تجاوز السبعين من عمره ذهب إلى سيارات الأجرة ليركب سيارة بيجو إلى القاهرة لزيارة إبنته المتزوجة هناك. وجاء شاب وشابة قالا نحن فى شهر العسل ونريد أن نركب بجوار السائق.عند بركة السبع أراد أن ينزل الرجل العجوز من السيارة ليقضى حاجته وتضايق السائق والركاب لكن وقفت السيارة ونزل العجوز ليقضى حاجته فى مسجد مفتوح بجوار الطريق وجاءت سيارة نقل مسرعة فدهمت السيارة البيجو فمات كل من فى السيارة كل الركاب والسائق ماتوا وعاش الرجل العجوز – الموت يأتى بغتة.
وأنت لا تدرى متى ستموت وكيف ستموت وهل ستقول لا إله إلا الله ساعة الموت أم لا.
*** أسباب النجاة من عذاب القبر – وفتنة القبر:-
1- الدعاء (اللهم أنى أعوذ بك من عذاب القبر).
2- التوبة إلى الله.
3- الموت بداء البطن.
4- الموت يوم الجمعة ورد فى أحاديث أن من مات يوم الجمعة وقاه الله من فتنة القبر وكذلك من مات بداء البطن.