أهمية معرفة المنهج الحق
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث بخير شريعة وأقوم سبيل، اللهم صلِّ على نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعــد:
أيها المسلمون! اتقوا الله -تبارك وتعالى- ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
عباد الله! يحتاج المسلم في هذه الحياة -حاجة ملحة- أن يعرف أسس المنهج القويم، وقواعد الصراط المستقيم الذي أمرنا الله سبحانه باتباعه وسلوكه، بقوله جلَّ وعلا: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153] ليسير بخطىً ثابتة متوازنة على نهج واضح من كتاب الله، ودليل ساطعٍ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمل سلف هذه الأمة رحمهم الله، أهل القرون الثلاثة التي شهد لها المصطفى صلى الله عليه وسلم بالخيرية، قبل تفشي العقائد الفاسدة، وانتشار الفرق الضالة المخالفة للكتاب والسنة.
وتأتي أهمية معرفة المنهج الحق، وضرورة العلم بالصراط القويم في هذا الزمن، الذي طغت فيه موجات الفتن والمحن، واستحكمت فيه الفرقة والخلاف، وتكَّتل فيه أعداء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتداعوا على الأمة الإسلامية؛ فتمزق كيانها الكبير، وتفتت العالم الإسلامي أجزاءً ودولاً، وتفرَّق شيعاً ومللاً، واختلف مذاهباً ونحلاً، وتباين غايات وسُبلاً، وفسدت العقائد وانهارت الأخلاق، وتدهورت القيم، وسادت الأهواء، وفقدت الشعوب وحدتها، وبلاد الإسلام أمنها وطمأنينتها، لبس لبوس الإسلام من هم أعداؤه وأنواؤه، تسمى بالإسلام من هو حربٌ عليه وعلى أهله.
أفلا يجدر بعد أن سقطت الأقنعة، وفتحت الأستار، وتكشفت الحقائق، أن يعي المسلمون حقيقة إسلامهم، ويعرفوا أعماقه، ويسبروا أغواره، ويتفهموا أبعاده، عقيدة وعبادة وسلوكاً ومنهاج حياة؟!
يا أمة الإسلام! آن الأوان، وحان الوقت والزمان، أن يسير المسلمون على بصيرة وعلم في أمر دينهم بعد أن ساد الجهل، واستحكم العلم، وانطلت على السذج من الناس والدهماء من الأمة الشعارات البراقة التي يرفعها من اتخذ الإسلام مطية لأغراضه المشبوهة، وسلماً للوصول إلى أهدافه المغرضة، وصدق الله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة:8-9]