molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أهمية الوقت - عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس الجمعة 2 ديسمبر - 5:50:12 | |
|
أهمية الوقت
عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
الخطبة الأولى
أما بعد:
عباد الله: الوقت هو الحياة أقسم به الله في غير ما آية من كتابه فقال جل وعلا: والعصر وقال سبحانه: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وقال جل شأنه: والضحى والليل إذا سجى وقال: والفجر وليال عشر وأهل العلم يقولون إن القسم بالشيء يدل على تعظيم المقسم به فوقتك هو حياتك ووقتك هو نهارك وليلك وإمساؤك وإصباحك وإظهارك: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ووقتك هو عمرك وكل شمس تغرب عليك فهو يوم ينقص من عمرك فرصيدك من العمر ما بقي من أيام حياتك فما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها العاقل من تدارك عمره فيما يقربه إلى الله زلفى والمغبون من ضيع ساعات عمره فيما لا يعود عليه بالنفع في الآخرة والأولى سهر على المحرمات ونوم عن الصلوات المفروضات وغفلة عن رب الأرض والسماوات وتضييع للحقوق والواجبات وتفريط في تحصيل الأجور والحسنات هم أحدهم قتل الوقت وما درى المسكين أنه يقتل نفسه: فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون، أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ، أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ، من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون وفي الأثر: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني))[1]، لقد شمر أقوام إلى الآخرة فتلمسوا قربات فغشوها ولابسوها وعرفوا المحارم والمنهيات فحذروا ولم يقارفوها واستمتعوا بما أحل الله من الطيبات فلم يجاوزوها قولهم طيب وعملهم طيب وطعامهم طيب وشرابهم طيب: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ، يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ، وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد ، قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ، نقاء في قلوبهم وصفاء في سرائرهم وبساطة في مظاهرهم أبعد ما يكونون عن التكلف: قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين هاديهم القرآن وقدوتهم سيد ولد عدنان وأولياؤهم أهل الصلاح والإيمان وأعداؤهم هم ح+ الشيطان أحبوا في الله وأبغضوا في الله ووالوا في الله وعادوا في الله وأعطوا لله ومنعوا لله فنالوا بذلك ولاية الله فكان الله سمعهم فعصمهم عن سماع ما يسخطه وكان بصرهم فعصمهم عن رؤية ما يسخطه وأيديهم فعصمهم عن البطش بها فيما حرم وأرجلهم فعصمهم عن السعي بها إلى ما حرم قال الله سبحانه في الحديث القدسي: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن استعاذني لأعيذنه ولئن سألني لأعطينه))[2]، فهنيئا لمن كان هذا شأنه يغدو في رضا الله ويروح في رضا الله يفرح لعز الإسلام ونصرة المسلمين ويأسى لأسى يصيب إخوانه المسلمين إن شبع حمد الله على نعمه وتذكر إخوانه الجوعى من المسلمين وإن أعجبه طعام أو شراب أو مسكن أو لباس ذكر نعيم الجنة وقوله سبحانه في الحديث القدسي عنها: ((أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)) قال صلى الله عليه وسلم: ((واقرءوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ))[3] فاجتهد أن يكون منهم وإن أصابه نفح سموم ذكر حر جهنم وقوله صلى الله عليه وسلم في وصفها: ((ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزء من نار جهنم)) قالوا: يا رسول الله إن كانت لكافيه قال: ((فإنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزء كلهن مثل حرها))[4]، فاجتهد ألا يصيبه حرها بالعمل الصالح والفرار من الوقوع في المحرمات فكل موقف وكل حدث يذكره بوعد الله وموعوده وجزائه ووعيده فهو من الدنيا في خير ومن العمر في +ب ومن الوقت في تحصيل للأجور والحسنات فصدق فيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من طال عمره وحسن عمله))[5].
اللهم اجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[1] مسند أحمد (4/124)، سنن الترمذي (2459)، سنن ابن ماجة (4260).
[2] صحيح البخاري (6502).
[3] صحيح البخاري (3244)، صحيح مسلم (2824).
[4] صحيح البخاري (3265)، صحيح مسلم (2843).
[5] مسند أحمد (4/188)، سنن الترمذي (2329).
الخطبة الثانية
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فيا عباد الله تلكم هي صفة الفريقين صفة من سعى في قتل الوقت فقتل نفسه حيث قتل وقته لأن وقته هو حياته وصفة من سعى في استغلال أيام عمره وأوقاته فيما يقربه إلى الله زلفى والعاقل الحصيف من اختار خير الطريقين فإن الله جل وعلا خلقنا ولم يتركنا هملا بل أرسل إلينا رسلا يدلوننا على طريق الجنة فالعاقل من سلك سبيل المرسلين وتلمس سننهم وتتبع آثارهم وعمل بأوامرهم وحذر ما عنه نهوا صلى الله عليهم جميعا وسلم لذلك يا عباد الله ينبغي أن نحرص الحرص كله على استغلال هذه الإجازة خير استغلال فيما يقربنا إلى الله زلفى في تلاوة كتاب الله وتدبر معانيه والعمل بما أمر الله به في كتابه سبحانه في تربية أبنائنا التربية الصالحة في تنشئة نسائنا وأولادنا وكل من له حق علينا تنشئة صالحة ترضي عنا ربنا جل وعلا نستغل هذا الوقت ونستغل هذا الفراغ ونستغل هذه الإجازة في كل ما يقربنا إلى الله زلفى إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة فليحرص المرء على تحويل هذا الشباب وتحويل هذا الفراغ الذي وجد عند كثير من الشباب اليوم يحرص على تحويله ليكون مصلحة لهم في دنياهم وأخراهم يعلمهم ما يرضي ربهم عنهم ويرفههم الترفيه الذي لا يصل بهم إلى سخط الله عز وجل عنهم يعلمهم أن الله عز وجل ما حرم شيئا إلا وجعل في الحلال ما يغني عنه فكل شيء حرمه الله جل وعلا فالخير كل الخير في المنع منه وفي تحريمه وكل شيء أمر الله عز وجل به فالخير كل الخير في العمل به والتمسك به أقول هذا القول وأسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
اللهم أعنا على تربية أنفسنا اللهم أعنا على تربية أنفسنا وذوينا وكل من له حق علينا.
اللهم أعنا على تربية كل من وليتنا رعايته يا رب العالمين.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم إنا نسألك علما نافعا وقلبا خاشعا ولسانا ذاكرا.
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا تسمع اللهم إنا نعوذ بك من هؤلاء الأربع.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك المجاهدين في سبيلك يا رب العالمين.
اللهم أقم علم الجهاد واقمع أهل الشر والشرك والفساد وانشر رحمتك على العباد يا رب العالمين.
اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين كافة ووفقهم للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء.
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
| |
|