molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أسباب الخلافات الزوجية - عبد الكريم بن صنيتان العمري / المدينة المنورة الأحد 22 يوليو - 4:20:10 | |
|
أسباب الخلافات الزوجية
عبد الكريم بن صنيتان العمري / المدينة المنورة
الخطبة الأولى يدعو الدين الإسلامي إلى حسن المعاملة بين الزوجين وطيب العشرة ولين الكلام ولطف القول، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21]. وحذر من كل ما ينغّص الحياة الزوجية ويؤدي إلى تعكير صفو العلاقة الأسرية، أو يرمي بها في أحضان الفرقة والانقسام والتباعد والشتات. والمتأمّل لنصوص الكتاب الكريم والسنة المطهرة يجد فيها دعوة الزوجين إلى الألفة والتحلي بالشفقة، والبعد عن كافة الأسباب التي قد تعصف بحياتهما الزوجية، وتُلقي بمركبها في خضم الأمواج الهادرة والرياح العاتية التي ربما دمرت ذلك البناء الذي أسساه والعُش الذي بنياه والكيان الذي تعاهداه بالرعاية والصون سنوات طويلة. وكثيرة هي الأسباب التي قد تعصف بالأسرة وتفرّق شملها، وتُذهِب ودّها ووئامها، وتمحو تآلفها وانسجامها، سواء كان ذلك بتقصير من أحدِ الزوجين في حقوق الآخر أو منهما جميعًا، ومن تلك الأسباب: أولاً: سوء الاختيار من أول تأسيس الأسرة، فالشاب أو الفتاة والرجل أو المرأة ينبغي أن يعملا جاهدين على اختيار ذي الدّين والخلق، ومن عُرف بطيبِ العشرة وحسن المعاملة والصلاح والاستقامة، فإنّ الدين مطلب أساسيّ في الزوج والزوجة، كما قال : ((إذا أتاكم من ترضَون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)) رواه الترمذي. وأكّد على ذلك، وأمر بالبَحث والتنقيب والسؤال والتحري عن هذه الصفة العظيمة صفة الدين فقال: ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) متفق عليه. ذلك أن عمودَي الأسرة ـ وهما الزوجان ـ حين يتّصفان بالدين والصلاح والبر والتقوى يبنيان أسرة مستقيمةً بإذن الله تعالى، تقيم حدود الله، وتنفذ تعاليم الإسلام العظيمة، بعيدًا عن الانحراف والسلوك الأهوج والتصرف الأعوج، فإذا فُقدت هذه الصفة الأساسية والخصلة الذهبية كان أمر استمرارِها ودوامها متعذّرًا، إذ تتسرّب إليها المخالفات، وتضعف عن إقامة الشعائر والواجبات، فتبقى في مهبّ الريح، وتكون عرضةً للزوال عند أوّل هزّةٍ تعتريها، ومن كان بالله أعرَفَ، كان منه أخوف. ثانيًا: تقصير كلّ منهما في حقّ الآخر، فكما أنّ لهما حقوقًا، فإنّ عليهما واجباتٍ يلزم أداؤها والعناية بها، وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:228]. وعلى كل منهما مراعاة الآخر وحفظه في كل حال والعفو عن زلاته والصفح عن هفواته وتلبية حاجاته ورغباته، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]. ثالثًا: تطاول الزوجة عليه والتمرد على أوامره وعدم انصياعها لأقواله، وتلك معاملة سيئة قد تصدر من بعض الزوجات اللائي لا يُقدرن الحقوق الزوجية، ولا الواجبات الدينية التي تُحتّم عليها طاعة زوجها وتلبية أوامره، وقد قال : ((لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان أحد ينبغي أن يسجد لأحد لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها؛ لِما عظَّم الله عليها من حقّه)) رواه ابن حبان والترمذي. وبعض الزوجات يفتقِدن الفِطنة وحسنَ التقدير في كيفية التعامل مع الزوج، فحين يدخل المنزل عائدًا من عمله متعبًا مرهقًا يرغب في التماس شيء من الراحة تستقبله الزوجة بكمّ هائل من الطلبات وعبارات مليئة بالتسخط واللّوم وشكاية له بما حدث من تصرف الأولاد وسوء صنيعهم، إلى غير ذلك من الأمور التي تُقلق باله وتكدّرُ أحواله، وكان من الأجدر أن تختار الزوجة وقتًا مناسبًا لعرضها عليه. رابعًا: ومما يخطئ فيه كثير من الزوجات تعمّدها التزيّن في جسمها ولبس أحسن الملابس والظهور بأجمل مظهر عند خروجها من البيت لحضور مناسبة ما، أو عند استقبالها الزائرات والصديقات في منزلها، بينما تكون على العكس من ذلك إذا كانت في البيت وأمام زوجها، فلا تعتَني بنفسها، ولا يضيرها أن تظهر بمظهر جميلٍ أو ع+ه، فربما قابلته بمنظر باهت، بعيدًا عن الجمال والزينة، فمثل هذا التصرف يُنغِّصُ على الزوج حياته، ويُحْدِثُ في نفسه ردّة فعل من شأنِها أن تؤدّي به إلى بغض زوجتِه ونُفرته منها، لا سيما إذا تكرّر ذلك منها وداومت عليه، فإنه أولى بأن تتجمّل وتتزيّن له، وأحوج أن تتنظّف وتتطيّب عند لقائه، والمرأة التي تداوم على مثل ذلك التصرّف غير اللائق تجلب على نفسها التعاسةَ والشقاء؛ لأن صبر الزوج له حدودٌ معينة، وفي الغالب أنه لا يبقيها عنده إلا إذا كان مضطرًا لذلك، فعليها أن تكون فطِنة في تعاملها مع زوجها، أنيقة في منظرها ومظهرها أمامه. خامسًا: عدم محافظة البعض على أسرار الزوجية، فتلك أمانة عظيمة، يجب على كل واحد منهما أن يدفنها في سرّه، وقد صوّر النبيّ إفشاءَ ذلك بأقبح صورة وأبشع منظر، فقال : ((إنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانةً فغشيَها والناس ينظرون))، وقال أيضًا: ((إنّ من شرّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر أحدهما سر صاحبه)) رواه مسلم. سادسًا: استخدام الألفاظ النابية والعبارات اللاذعة والكلمات الجارحة في التخاطب بينهما، فيُسْمِعُ كلُّ واحدٍ منهما الآخر ما لا يتحمّله، ويتلفّظ بما لا يطيقه، أو يجرحه في خَلقه وخُلُقه. والزوج الفطِن والزوجة الذكيّة من يكون لبقًا أمام الآخر، يستخدم الكلمة المناسبة والعبارة اللطيفة واللفظة اللينة في الموقف المناسب، ويستطيع بحكمته وتعقّله أن يحوّل الموقف الكلامي المتأزّم إلى موقف مضادّ، ويحوّله من المشادّة والعنف إلى المفاهمة واللّطف، فيقود السفينةَ التي كادت أن تغرق في هذا البحر المتلاطم الأمواج، ويدفع بها إلى شواطئ الأمان. وما أجمل البيت الذي ترعاه زوجةٌ ديِّنةٌ مصونة فطِنةٌ لبِقةٌ مأمونة، تنتقي ألفاظها بكلّ عناية، وتختار كلماتها بأحسنِ عبارة، تعطي كلّ موقف ما يناسبه، وكلّ مقام ما يستدعيه، بعيدة عن القيل والقال والثرثرة، نائية عن الغلظة والجفاء والقسوة، تكرَه سلاطة اللسان، وتبغض كثرةَ الكلام، أنيقة في مظهرها، نقيّة في مخبرها، عذبة في منطقها، فتلك التي تملأ المنزلَ فرحةً وسعادة، وتضفي على الأسرة جوًّا من الهناء والمودّة واللطافة، وأمثالها في مجتمعنا كثير، فالحمد لله اللطيف الخبير.
الخطبة الثانية لم ترد
| |
|