molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: دروس من السيرة النبوية - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الثلاثاء 20 ديسمبر - 4:37:51 | |
|
دروس من السيرة النبوية
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى أما بعد:
فقد وصلنا في سلسلة دروسنا عن السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام إلى غار حراء وانبثاق نور النبوة فيه فإن نزول اقرأ باسم ربك الذي خلق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نزولها بالنبوة عليه ثم نزول يا أيها المدثر بالرسالة عليه صلى الله عليه وسلم وما فيها من أمر له بتبليغ الدعوة والرسالة.
وكل ذلك يمثل بداية مرحلة أخرى من حياته الشريفة صلى الله عليه وسلم وقبل الشروع في بيان هذه المرحلة لنا وقفات نستجلي فيها جوانب أخرى من شخصيته صلى الله عليه وسلم. والوقفة اليوم مع أسمائه الشريفة صلى الله عليه وسلم.
وأسماؤه مشتقة من صفات قائمة به صلى الله عليه وسلم، تستوجب الحمد والمدح والكمال. إنها ليست مجرد أعلام للتعريف بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به صلى الله عليه وسلم تستوجب الحمد والمدح والكمال وهي بهذه المثابة تربو على المائتين وأسماؤه هذه على نوعين نوع مختص به صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيه غيره من إخوانه الأنبياء المرسلين. محمد أحمد والعاقب والحاشر ونبي الملحمة. والنوع الثاني يشاركه فيه غيره من الأنبياء والمرسلين ولكن له منها الكمال فهو مختص بكمالها دون أصلها كرسول الله ونبي الله وعبد الله والشاهد والبشير والنذير ونبي الرحمة ونبي التوبة فأول أسمائه صلى الله عليه وسلم وأشهرها محمد وهذا اسم مشتق من الحمد يقال في لغة العرب: حمد. محمد. حمداً. ومحمد يحمد حمداً فهو محمود.
ومحمد مضاعف للمبالغة في هذه الصفة. وهذا الاسم معناه أنه متصف بصفات الخير وخصال الخير التي يحمد عليها أي أحد من البشر. ولهذا سمي بهذا الاسم في التوراة لكثرة ما مدح في التوراة بخصاله وصفاته صلى الله عليه وسلم هو ودينه وأمته حتى تمنى موسى عليه السلام أن يكون من أمته لما سمع تلك الصفات وقرأها في التوراة صفاته صلى الله عليه وسلم وصفات دينه وصفات أمته تمنى موسى عليه السلام أن يكون من أمته فسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هو المحمود عند الله والمحمود عند ملائكته والمحمود عند إخوانه الأنبياء والمرسلين والمحمود عند العقلاء من أهل الأرض قاطبة والمحمود عند أهل الدنيا والآخرة حيث يبعثه الله تعالى المقام المحمود فاختص من صفات الحمد ما لم يجتمع لغيره. ولذلك سمي أيضا أحمد وهو الاسم الذي بشر به عيسى عليه السلام أمته قال تعالى: وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد وهذا الاسم أيضا مشتق من الحمد فهو على وزن أفعل التفضيل ومعناه أنه الأولى بالحمد أنه الأولى من غيره من الناس بالحمد والأحق بالحمد والمدح صلى الله عليه وسلم والفرق بينه وبين محمد أن محمداً معناه الذي اتصف بالصفات التي يحمد عليها. وأحمد معناه الذي يحمد أعظم مما يحمد غيره فمحمد معناه متعلق بالكثرة والكمية وأحمد معناه متعلق بالصفة والكيفية. وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: سمى لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم نفسه أسماء فقال: ((أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو به الله تعالى الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميه وأن العاقب فلا نبي بعدي)) فمن أسمائه إذن الماحي. كما فسر في الحديث معناه الذي يمحو به الله الكفر ما لم يمح بغيره. محى الله به الكفر ما لم يمح بأي أحد من الخلق بعث صلى الله عليه وسلم وأهل الأرض كلهم كفار إلا بقايا قلائل من أهل الكتاب وبعث وأهل الأرض إما عباد أوثان وإما يهود مغضوب عليهم وإما نصارى ضالون وإما خائبون جاهليون لا يعرفون رباً ولا معاداً وإما عباد كواكب وإما عباد النار وإما فلاسفة لا يعرفون شرائع الأنبياء ولا يقرون بها.
فمحى الله تبارك وتعالى بنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم من كل ذلك الكفر ما لم يمح بأي أحد من الخلق فأظهر دينه الذي أرسله به على الدين كله وبلغ به ما بلغ الليل والنهار وسار دينه مسار الشمس في الأقطار وسيتم الله هذا الدين حتى لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلا دخله بحول الله تعالى وقوته ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم الحاشر ومعناه كما فسر في الحديث الذي يحشر الناس على قدميه أي كأنما بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليسوق الناس إلى المحشر ليحشر الناس وفي هذا تنويه وإشارة إلى أن بعثته صلي الله عليه وسلم قريبة جداً من قيام الساعة. بل تكاد تكون مقترنة بقيام الساعة حتى قال صلى الله عليه وسلم: ((بعثت أنا والساعة كهاتين)) وأشار بأصبعيه صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه الشريفة أيضاً العاقب والعاقب معناه الذي جاء عقب الأنبياء والمرسلين من قبله وجاء من بعدهم متأخراً عنهم فهو بمعنى الآخر لأنه صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين فلا نبي ولا رسول من بعده ما بعده إلا قيام الساعة وأن يحشر الناس إلى رب العالمين ومن أسمائه أيضاً صلى الله عليه وسلم المقفى وهذا معناه مشتق من قفى يقفو إذا جاء على الأثر فهو صلى الله عليه وسلم جاء على أثر الأنبياء من قبله أي جاء من بعدهم متأخراً عنهم.
فمعناه قريب من معنى العاقب وهذا كما قال الله تعالى في نبيه عيسى بن مريم وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم أي جاء من بعدهم مقتفياً إياهم سائراً على آثارهم مصدقاً لهم. ومن أسمائه الشريفة صلى الله عليه وسلم التي سمي بها في التنزيل المتوكل ففي صحيح البخاري:
عن عبد الله عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قرأت صفة النبي صلي الله عليه وسلم في التوراة محمد رسول الله ورسولي سميته المتوكل وهذا معناه أنه المستحق بهذا الوصف من غيره فهو صلى الله عليه وسلم الذي قام بهذا الدين متوكلاً على رب العالمين بالغاً في التوكل من الكمال ما لم يبلغه غيره بل اختص بذلك الكمال في التوكل صلى الله عليه وسلم فكل أسمائه الشريفة وهذا منها تدل على أوصاف جليلة عظيمة قائمة بشخصيته صلى الله عليه وسلم.
أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين. والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صل على محمد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فيا أيها المؤمنون: إن علامات القبول عند الله تبارك وتعالى اتباع الحسنة بالحسنة وعلو الهمة في الطاعة والثبات على فعل الخيرات والمداومة عليها ولهذا سن لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سنة صيام الست من شوال بعد رمضان ورغب المؤمنين في ذلك وندبهم إليه فقال صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فكأنما صام الدهر)) ومعنى ذلك أن الحسنة بعشر أمثالها فصيام شهر رمضان عن صيام عشرة أشهر وصيام ستة أيام من شوال عن صيام شهرين فهذا تمام العام والله سبحانه وتعالى أكرم الأكرمين يضاعف لمن يشاء فوق ذلك.
فاعزموا هممكم أيها المؤمنون وشددوا عزائمكم في طاعة ربكم عز وجل فرمضان ذلك الموسم الكريم والشهر العظيم حل بيننا وارتحل كأنما هو يوم أو بعض يوم ولكن الله سبحانه وتعالي قد شرع لعباده من مواسم الخير ما لا ينقطع خيره أبداً فعليك أيها المؤمن أن تقبل على ربك بالعبادة والطاعة في كل وقت وفي كل حين وأن تجرد له عمرك وحياتك.
كما أمرك بذلك سبحانه وتعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين .
فالمؤمن كل حياته لله تعالى. وكل أوقاته مجردة لعبادة الله تعالى وهو يعلم أن هذه هي الحكمة التي خلق من أجلها أن يعبد ربه سبحانه وتعالى ولذلك فهو قائم بهذه المهمة وبهذا التكليف في كل وقت وفي كل حين وفي كل شهر من شهور السنة.
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن ما شئت فكما تدين تدان. صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً)) اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد. كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعلى آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن أصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
| |
|