molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: دروس من السيرة النبوية - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الإثنين 19 ديسمبر - 5:42:08 | |
|
دروس من السيرة النبوية
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى
أما بعد:
فبعدما نزل جبريل عليه السلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآيات من صدر سورة العلق وهي قوله تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم [العلق:1-5]. بعد ذلك أنزل الله تعالى عليه: يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر [المدثر:1-7]. فنبئ صلى الله عليه وسلم باقرأ وأرسل بالمدثر وذلك لأن اقرأ فيها الأمر له صلى الله عليه وسلم بالعلم في ذات نفسه ولم يؤمر فيها بالتبليغ, وفي اقرأ الأمر له صلى الله عليه وسلم بالجمع بين فعل السبب والتوكل على الله, اقرأ هذا أمر بفعل السبب, باسم ربك هذا أمر بالتوكل على الله تبارك وتعالى ولما أمر بذلك نبه إلى الربوبية التي تقتضي التوكل فالله تعالى رب العالمين هو الذي خلق ودبر وربى خلقه بالنعم فعلى العبد أن يعتمد عليه ويتوكل عليه ويفوض أمره إليه وفي هذه الآيات أيضا من صدر سورة العلق ذكر حقيقة الإنسان وحقيقة أصله وأنه خلق من علق ذكر بذلك ليتواضع لربه ويحقق العبودية له سبحانه وتعالى, فالنبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بالتعلم أمر بأن يجعل ذلك باسم ربه لا باسم غيره بل يخلص في ذلك لله تعالى وحده, وفيها أيضا الدلالة على النبوة فان أعظم علم علمه الله تعالى خلقه هو النبوة الذي أنزله على رسله فذلك من أعظم المنة في قوله سبحانه وتعالى: علم الإنسان ما لم يعلم وهكذا تلقى النبي صلى الله عليه وسلم من العلم في ذات نفسه تهيئة له, تلقى كل هذه الصنوف البديعة العظيمة من العلم ولكن في ذات نفسه هذا تهيئة له صلى الله عليه وسلم لحمل الرسالة وتلقي التكليف الذي جاء في قوله بعد ذلك يا أيها المدثر قم فأنذر ففي يا أيها المدثر تنبيه له صلى الله عليه وسلم بأن مهمته لا تقتصر على نفسه بل عليه أن يبلغ رسالة ربه إلى جميع الناس فينذرهم ويحذرهم من عذاب الله تعالى, ففي اقرأ أمر صلى الله عليه وسلم بالعلم وفي يا أيها المدثر أمر بالعمل بالعلم أمر بالتبليغ أمر بأن يحمل رسالة الدعوة ولما أمر فيها بالدعوة في يا أيها المدثر تلقى صلى الله عليه وسلم فيها أهم ما يجب أن يتصف به الداعي, أهم صفات الداعي وأولها أن يعظم ربه في العلم والعمل يا أيها المدثر قم وأنذر وربك فكبر فعليه أن يعظم ربه في العلم والعمل ثم بعد ذلك يبدأ بنفسه فيصلح عيوبها ويطهرها وثيابك فطهر ثم عليه أن يفاصل الباطل وأهله فلا يكون منه أي تهاون فيما عليه قومه من شرك وفساد ووثنية بل يتبرأ من ذلك ويفاصله.
والرجز فاهجر والرجز عبادة الأصنام فأمر صلى الله عليه وسلم أن يهجرها يتبرأ منها يفاصل قومه الذين كانوا عليها ولما كان صلى الله عليه وسلم بهذه الآيات قد وضع في طريق الدعوة بأمر ربه فإن عليه أن يخلص نفسه من حب الدنيا الذي جبلت عليه النفوس البشرية فلا يستكثر صلى الله عليه وسلم من الدنيا بل عليه أن يكتفي بالقليل ولا تمنن تستكثر , ولما كانت طريق الدعوة محفوفة بالمكارة والمصاعب والعقبات فقد أمر صلى الله عليه وسلم أمر بالصبر أن يتسلح بالصبر فإنه القوة التي يكافح بها تلك الشدائد والمصاعب والعقبات وفي صدر هذه الآيات يا أيها المدثر في صدرها أمر صلى الله عليه وسلم أن يشمر عن ساعد الجد في تبليغ رسالة ربه وإنذار قومه, يا أيها المدثر أي انزع عنك دثارك واستيقظ من راحتك وبلغ رسالة ربك وعليك بالصبر والجدية في ذلك وعليك بالصبر ففي اقرأ أمر صلى الله عليه وسلم كما قلنا بطلب العلم وفي يا أيها المدثر أمر بالعمل به وفي اقرأ ذكر إنعام الله تعالى عليه وعلى الإنسان من حيث العموم ذكر تعالى منته على هذا الإنسان خلقه من علق لم يكن شيئا مذكورا خلقه فصار شيئا مذكورا ثم رعاه وأكرمه بالنعم وهو سبحانه حتى من إكرامه له علمه بالقلم وبغير القلم علمه من أنواع العلوم ما لم يكن يعلم ففي اقرأ ذكر إنعامه عليه وفي يا أيها المدثر ذكر حقه سبحانه وتعالى عليه على هذا الإنسان أن يعبده سبحانه هذا هو حقه سبحانه وتعالى عليه, وفي اقرأ ذكر الاستعانة بالله تعالى.
وفي يا أيها المدثر ذكر عبادة الله سبحانه وتعالى وهذا مصداق الآية وهذا مصداق قوله تعالى من سورة الفاتحة: إياك نعبد ووإياك نستعين حيث جمع فيها بين الاثنين الاستعانة والعبادة ففي اقرأ الاستعانة بالله وفي يا أيها المدثر عبادته سبحانه وتعالى وفي اقرأ ذكر معرفة الله تعالى ومعرفة الإنسان نفسه وفي يا أيها المدثر الأمر والنهى بعد أن يعرف الإنسان ربه ويعرف نفسه عليه أن يمتثل للأمر والنهى فجاء في يا أيها المدثر الأمر والنهي, الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك, وفي اقرأ أصل أسماء الله تعالى وصفاته مادمنا في صدد معرفة الله تعالى, أصل أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته وهما صفتا العلم والقدرة وفي يا أيها المدثر أصل الأوامر والنواهي كلها وهما الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك, في اقرأ ذكر بدء الخلق بدء خلق الإنسان وفي يا أيها المدثر ذكر الحكمة من هذا الخلق وهو عبادة الله تعالى وحده لا شريك له وهكذا تلقى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم والعمل من ربه عز وجل تلقى صنوفا بديعة من العلم لم يكن يعلمها ولذلك امتن الله تعالى عليه بما علمه من آياته بما علمه من العلم والحكمة فقال سبحانه: وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما [النساء:113].
الخطبة الثانية
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال عز من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدة صلى الله بها عليه عشرا))[1]، اللهم صل وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
[1]صحيح مسلم (408).
| |
|