molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: قنوات السحر والشعوذة - عبد الرحمن بن الصادق القايدي الخميس 1 ديسمبر - 5:32:46 | |
|
قنوات السحر والشعوذة
عبد الرحمن بن الصادق القايدي
الخطبة الأولى
أيها الإخوة المسلمون، تحدثنا في خطب سابقة عن الحروب الفكرية التي يشنها أعداء الله ورسوله علينا من يهود ونصارى وزنادقة، بالإضافة إلى الحروب العسكرية ومحاولة تغيير الأفكار والمفاهيم الإسلامية بقوة السلاح كما يحدث في الدول العربية والإسلامية المجاورة، فلقد توجهوا إلى الحرب الإعلامية واستخدام القنوات الفضائية وتلفيق التناقضات والشكوك في ديننا، فتجدهم اليوم وراء قنوات الفسوق والمجون والجنس، وتراهم وراء قنوات اللهو والغناء، وتراهم وراء قنوات المكر والسياسة، وأخيرًا نجحوا في استقطاب ملايين الجماهير وراءهم من خلال قنوات السحر والكهانة، والتي تجاوزت خمس قنوات، كلها تبث السحر والشعوذة وتمجده وتدعو إليه بواسطة سحرة رجالا ونساء، يتصل بهم مئات بل آلاف من البشر، كلٌ يحكي مشكلته ومصيبته، ويجنون من وراء هذه الاتصالات ملايين الدولارات من هؤلاء البسطاء والسذج.
إن هؤلاء السحرة الذين استطاعوا أن يقنعوا كلّ هذه الأعداد من البسطاء وأنصاف المتعلمين لم يكتفوا بذلك، بل وصلوا إلى المتعلمين والملتزمين، فترى الساحر أو الساحرة يستخدم آيات من القرآن الكريم وأحاديث النبي لكي يوهم المشاهد بأنه لا يقول بشيء من عنده، إنما يستخدم الكتاب والسنة. وبالطبع الخير كله من الكتاب والسنة، ولكن ليس عن طريق الساحر، بل عن طريق رسولنا ؛ لأنه لا يجوز إتيان الكهان والسحرة ولا تصديقهم حتى لو جاؤوا بشيء من الحق؛ لأن النبي قال: ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)). تأملوا قوله: ((من أتى كاهنًا أو ساحرًا فصدقه بما يقول)) سواء سأله أو لم يسأله، ((فقد كفر بما أنزل على محمد ))، وهو القرآن، يعني مجرد الاعتقاد بصحة ما يقول يعتبر كافرًا، وفي رواية أخرى: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)).
فإذا كانت هذه حال السائل فكيف يكون حال المسؤول وهو الساحر؟! وبالطبع فإن حاله هو الكفر البواح والضلال المبين، ورُبَّ قائل يقول: أنا لم أذهب إلى الساحر ولا إلى الكاهن ولكني شاهدته في القنوات الفضائية، فنقول لمثل هذا: ألا تفسد إيمانك وإسلامك بمتابعة تلكم القنوات الضالة التي تبعدك عن دينك وتأتي لك بالشك والظن السيئ لأن الحديث يقول: ((فصدقه بما يقول فقد كفر))؛ إذا اعتقدت بصدق ما يقول فقد كفرتَ، فليس شرطًا أن تأتي إليه.
وقد يغتر بعض الناس فيقولون: إن هؤلاء السحرة والكهان يحدثوننا بأشياء تصدق أحيانًا، فكيف نصفهم بالكفر والضلال وهم مسلمون ولا يتكلمون إلا بالقرآن والسنة؟! فنقول: نعم، هم كفار لأنهم لا يَصِلُون إلى هذا العمل إلا بعمد أن يسجدوا للجنّ من دون الله، ويذبحوا لهم ويستغيثوا بهم ويطؤون على القرآن الكريم أو يبولون عليه أو يلطخونه بالنجاسة؛ حتى يرضى عنهم مردة الجن، ويتم لهم استخدام الجن على الهواء مباشرةً لكي تعتقد فيهم وبصحة ما يقولون فتصدّقهم، فتكفر من حيث لا تعلم، فلقد أخبرنا في حديث صحيح رواه الإمام أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله ذات يوم فقال: ((أيها الناس، اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل))، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟! قال: ((قولوا: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه))، معنى ذلك أنه بمتابعتك لهذه القنوات الشركية تشرك من حيث لا تعلم، إما بموافقتك على أفعالهم أو تأييدهم أو الاعتقاد بصحتها؛ لذلك أرشد أن يقول الإنسان عن الشرك الذي لا يعلمه وهو أخفى من دبيب النمل: ((ونستغفرك لما لا نعلمه))؛ لأن انفعالك مع هذا الساحر وانبهارك بما يفعل يجعلك تنسى ذكر الله، ويدخل إلى قلبك شيء من هذا الشرك؛ لأنك عرضت نفسك لهذا الموقف.
ولقد ثبت أيضًا عن النبي والذي لا ينطق عن الهوى أنه سئل نفس هذا السؤال عن الكهان فقال: ((ليسوا بشيء))، فقالوا: يا رسول الله، إنهم يحدثون أحيانًا بالشيء يكون حقًا، فقال رسول الله : ((تلك الكلمة من الحق يخطفها الجنّ فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاج، فيخلطون معها أكثر من مائة كذبة)) رواه البخاري، بمعنى أن الجن يسرقون السمع، وقد يسمعهم الله شيئًا من الحق لكي يبتليهم ويبتلي بهم، كما روى ذلك رسولنا عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه سبحانه وتعالى حيث قال: ((خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين)) أي: أن الله خلق عباده يميلون بالفطرة إلى توحيد الله، فانحاز الشياطين بفريق منهم فحولوهم عن طريق الهدى إلى طريق الضلال، وهذا من الابتلاءات ليرى الله من يطيعه ويسمع ويتبع سنة نبيه ومن يعصاه ويوجد المبررات ويتبع السحرة والشياطين؛ لأن الله سبحانه وتعالى نفى الفلاح بجميع أحواله عن الساحر حيث قال: وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه: ٦٩]، فلا ينفى الفلاح بالكلية إلا عمن لا خير فيه مطلقًا.
ويجب أن نعلم جميعًا بأن السحر يقوم على الاتصال بالجن والمردة من شرار الخلق، وأن للسحر حقيقة موجودة، وله تأثير في واقع الناس، ولو لم يكن موجودًا وله حقيقة ما وردت النواهي عنه في الشرع والوعيد على ممتهنه والعقوبة الشرعية لفاعله، وهي بضرب عنقه بالسيف وقتله.
وقد جعل الله للشياطين وجنودهم تسلطًا على بني آدم، يزيد وينقص حسب قرب وبعد هذا الإنسان من ربه، وكلما بعد الإنسان عن ربه اجتالته الشياطين وأخذته بعيدًا، فإن مرض أو قدّر الله عليه أمرًا فرّ إلى أهل الدجل والشعوذة يطالبهم بالعلاج الحاسم السريع لما يعانيه، وكلما زاد قربًا منهم ازداد مرضا وبعدًا عن الله، وهنا يظهر عليه آثار المرض ويشعر بالضيق وانعدام الطمأنينة وعدم الراحة؛ لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وما يفعله هذا المريض بذهابه إلى الساحر والسماع له وتصديقه من أكبر المعاصي التي تؤدي في النهاية إلى الشرك والكفر بالله، كل ذلك بسبب بعده عن الله وانحرافه الأعمى مع الكهان، لا سيما ونحن نعيش حياة مادية جافة أدت إلى قسوة القلوب، وجفت منابع الخير في أرواح كثير من الناس، وانتشرت العقد والمشكلات النفسية وأكل الحرام، فكثر المرضى، وفقدوا راحة القلب وطمأنينة النفس وطعم الإيمان في قلوبهم؛ مما حملهم على اللجوء إلى الكهان والسحرة والمشعوذين، يبحثون عندهم على حل لمشاكلهم التي عَجزوا عن حلها، فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، وشر البلية الضلال بعد الهدى.
بينما علاجهم في كتاب الله وسنة رسوله ؛ لأن صلاح الأجساد مرتبط بصحة الاعتقاد والاستعانة بالله، فكلما كان الاعتقاد والإيمان بالله قويًا كان الجسم صحيحًا، والعكس بالع+، كلما كان الاعتقاد مخلخلاً والإيمان ضعيفًا مضطربًا كان الجسم ضعيفًا وعرضة للأمراض؛ لأن ضعيف الإيمان هذا يصاب بالوهم والشكوك والاضطرابات كلما خطر بباله هاجس أو أصيب بحالة نفسية ما بسبب بعده عن الله يسارع إلى الشك بأن هذا عمل سحري أو عين حاسد أو أنه كذا وكذا، بينما الإنسان المؤمن تنتابه أحيانًا حالة من الحزن أو عدم الطمأنينة بسبب معصية بسيطة فعلها؛ كنظرة محرمة أو سماع أغنية أو غيبة، فتجعله هذه المعاصي يحزن ويشعر بالقلق، فعليه والحالة كذلك أن يرجع إلى الله ويستغفر ويتوب؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]، وقال : ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجا))، فلو رجع الإنسان إلى ربه واستغفر وتاب لوجد حلاوة الإيمان تغسل همه وغمه، وتبعد عنه الكآبة والحزن دون لجوء إلى الكهنة والعرافين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب...
الخطبة الثانية
الحمد لله، أنعم علينا بدينه، واختصنا بملته، وهدانا لحمده، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها الأحبة في الله، يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم: 6].
إن الأهل والأولاد أمانة في أعناق الآباء، فيجب أن نعتني بهم ونمنعهم من مشاهدة الأفلام السيئة التي تبث في معظم القنوات الخبيثة؛ لأن هذه الأفلام تشكل أفكارهم كلما كبروا، حتى الأفلام الكرتونية لو اتبعها وراقبها الأب يجد فيها من الدسّ الشيء الكثير، فهناك أفلام تمجد السحر والسحرة وأن الساحر معه عصاه، ويستطيع أن يحول كل شيء لما يُحبّ، ويحوّل البيت الخرب إلى قصر عظيم في لحظة، ويدافع عن المظلومين ويناصر الضعيف؛ لكي يحبه هذا الطفل المشاهد له، وينطبع في ذهنه أن هذا الساحر إنسان محترم يقف ضد المجرمين والظلمة. أضف لذلك أن هناك مجلات للأطفال وجرائد تثير المتعة والتشويق للأطفال في متابعة السحر والسحرة؛ لكي يرى من العجائب ويؤمن بهذه الشعوذة ويتابع الأبراج يوميًا؛ لكي يرى حظه: إن ولدتَ في يوم كذا سوف تكون مشؤومًا، وإن كان في يوم كذا سوف تكون سعيدًا. بالإضافة إلى خطر العمالة الوافدة وأكثرها غير مسلم من الخادمات بشكل خاصّ اللائي يختلطن في البيوت ويعرفن كل أسرارها. وكذلك السائقون والعمال من الديانات الهندوسية والبوذية والنصرانية، الذين يعرفون السحر ويعلّمونه للتفريق بين صاحب الدار وأهل بيته، وإنني على يقين من أن بعضكم يعرف قصصًا تثبت ما أقول، والأمر لله من قبل ومن بعد.
ثم صلوا وسلموا على صفوة خلق الله...
| |
|