molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الجهاد - عبد الرحمن بن الصادق القايدي الأربعاء 30 نوفمبر - 9:53:53 | |
|
الجهاد
عبد الرحمن بن الصادق القايدي
الخطبة الأولى
تحدثنا ـ أيها الإخوة ـ في الجمعة السابقة عن أثر الهجرة النبوية وكيف أن الحفاظ على الدين مقدّم على الحفاظ على الأنفس والأرواح، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد: 11]. نعم، إن هذه الأمة المحمدية عزيزة بدينها منتصرة على أعدائها ما تمسكت بكتاب ربها وسنة نبيها ، وما هذه الذلة وهذا الجبن إلا بسبب بعدها عن منهج الله، وإذا أردنا أن يغير الله أحوالنا إلى الأفضل فعلينا أن نغير ما بأنفسنا ونقتدي بنينا محمد . لا حياة لأمة الإسلام إلا بالإسلام، بقاؤها واستمرارها مرهون بالمحافظة عليه، وفناؤها واندثارها بالتفريط فيه. إنه نظامها وعزها وحياتها، دين كامل لا ترى فيه عوجًا ولا أمتًا، دين نسبه الله إلى نفسه: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران: 19]، ورضيه لخلقه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة: 13].
هذا هو الدين الحق الذي نسبه الله لنفسه ورضيه للبشرية جمعاء، أيفرط فيه وتدمّر أركانه ويعتدى فيه على إخواننا ونحن ننظر من بعيد ونترقب ونحوقل ونقول: لا حول ولا قوة إلا بالله والله يقول: وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ [الأنفال: 72]؟! فهل بيننا وبين اليهود ميثاق؟! لا والله، ولكنه الضعف والخور الذي تعيشه هذه الأمة إلا من رحم الله، والسبب حبها للدنيا وكراهية الموت. والموت قادم لا مفرّ منه ولا مهرب، قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة: 8]، أنت تفر منه إلى الأمام وهو يلاقيك من قِبَل وجهك، وليس من خلفك، لا فِكاكَ، ويقول تعالى مؤكدًا بأن هذا الموت قد كتبه الله عليك وحدد وقته وزمانه: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً [آل عمران: 145].
إن دخولك لمواقع القتال لا يعني أنك ستموت، وهروبك لا يعني نجاتك من الموت، يقول تعالى مبينًا ذلك: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران: 154]، لو كنت على فراشك لأخرجك الله إلى الموت إن كان قد كتبه عليك. إذًا، لماذا الخوف من الموت وهو حق لا بد أن يلاقيه كل إنسان على وجه الأرض؟!
إن اليهود والنصارى هم أعداء المسلمين، وهذه طبيعتهم منذ أن خلق الله البشر وإلى أن تقوم الساعة، مع اختلاف فقط في درجة العداوة، وهي طبيعيه لأنها عداوة بين حزب الشيطان وح+ الرحمن، والتلاقي بينهما مستحيل، ولو نظرنا في تاريخ البشرية من خلال كتاب ربنا لوجدنا ذلك واضحًا جليًا، قال تعالى: قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج: 4-8]. هكذا يشعل الكفار النار ويقعدون قريبين من هذه النار ليتلذذوا ويستمتعوا بالضحية المسلم وهو يلقى في النار، وليس له ذنب ولا جريمة سوى أنه يؤمن بالله العزيز الحميد. وسبحان الله! تتكرر الأحداث ويعيد التاريخ نفسه، فانظروا إلى ما يحدث لإخواننا الفلسطينيين اليوم، يقتلون وتدمّر منازلهم ودورهم وزعماء اليهود والنصارى ينظرون إليهم مستمتعين، ويطالبونهم بإيقاف الإرهاب، وما يفعلونه هم ليس إرهابًا ولا تقتيلاً للأنفس البريئة، بل يدعون أنه دفاع عن النفس، والأمة المسلمة تتفرّج خائفة ذليلة إلا من رحم الله، وقد صدق النبي حين قال: ((ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا)). نعم، إنها الذلة والخوف من الموت، وقال في حديث آخر: ((تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها))، قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: ((لا، أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، قد أذهب الله المهابة من قلوب أعدائكم، وقذف في قلوبكم الوهن))، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت))، وفي رواية أخرى صريحة: ((حب الدنيا وكراهة القتال)). نعم، إننا أمة كثيرة، فقد أذهب الله المهابة التي كانت بالمسلمين سابقًا، حيث كان يقول : ((نصرت بالرعب مسيرة شهر))، كانت الأمم السابقة تشعر بالرعب من وجود مسلمين بجوارها، أما اليوم فكثير من المسلمين يشعرون بالرعب وأصابهم الوهن والخوف وهم بعيدون عن مواقع القتال والنزال.
فلا بد للمسلمين من معرفة واقع الكفار وعدائهم المتأصل لهم ومحاولاتهم الدائمة للقضاء عليهم وكتم أنفاسهم واستعمال أشد أنواع التضييق ضدّهم، ولديهم قناعة تامة باستباحة دم المسلم وماله وعرضه، وأن مهادنتهم للمسلمين أمر عرضيّ استثنائي يتغير بحسب الظروف، ومتى كانت الظروف لصالحهم نقضوا العهود والمواثيق، فانظروا ماذا فعلوا ويفعلون بإخواننا في فلسطين، عملوا معهم معاهدات كمعاهدة (أوسلو) وغيرها، وخدّروا الشعوب فترة زمنية، وفرحوهم بقيام دولة فلسطينية، وأملوا بذلك، وتركوا حمل السلاح، وفاجؤوهم بنقض كل العهود السابقة، وطعنوا فيمن فعلها من أقوامهم، وبدؤوا في تدمير كل شيء، ولكن بشكل مدروس وخطوة خطوة.
فيا أيها المسلمون، إن الله فرض الجهاد والقتال على كل مسلم ليدافع المسلمون عن دينهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم، فالقتال في الإسلام فرض من فرائض الإسلام الكثيرة، فلا بقاء لهذه الأمة ولا سلام ولا احترام لها ولا تأمين لوجودها وانتشارها إلا بالجهاد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد نزل به الأمر من عند الله وحث عليه رسول الله قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة: 216]، وسئل النبي عما يعدل الجهاد في سبيل الله قال: ((لا تستطيعونه))، فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول: ((لا تستطيعونه))، ثم قال: ((مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صلاة طوال الليل، ولا من صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل)) رواه البخاري ومسلم.
رب قائل يقول: كيف نجاهد؟! وأين الجهاد؟! ومتى؟! إلى آخر تلك التعابير التي نجح الاستعمار في بثها وزرعتها في عقول كثير من الناس، أما كيف نجاهد؟ فالجهاد أبوابه كثيرة منوعة، وكل يستطيع أن يقوم بشيء منه، وأقله الإعداد، قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال: 60]، الإعداد يرهب الأعداء، ويجعل المسلم جاهرا، ولا يخشى المباغتة، ومتى دعا الحاكم المسلم للاستنفار فهو جاهز، قال : ((من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات ميتة جاهلية))، وفي رواية أخرى: ((مات على شعبة من نفاق))، وقال يوم الفتح: ((لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا)) رواه مسلم، وقال تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة: 190].
إذًا، الجهاد الذي ننادي به هو الدفاع عن الدين والنفس والعرض والمظلوم والضعيف قتالاً مشروعًا في سبيل الله، قد أمر الله به وأذن، وليس اعتداء على الآخرين، ومن لم يفعله فهو آثم، جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: ((لا تعطه مالك))، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: ((قاتله))، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: ((فأنت شهيد))، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: ((هو في النار)) رواه مسلم. هذا الحديث يبين عزة المسلم وأنه عزيز، ولا يمكن أن يكون مستباحًا لكل غاصب أو طامع، بل يجب عليه المقاومة وعدم الاستسلام بشتى الطرق والوسائل؛ لأن نخوته وعزته توجب عليه الدفاع عن دينه ونفسه وعرضه وماله، ومكان هذه العزة هي قوة إيمانية بربه وصبره وثباته ومعرفته لدينه، والأمة تكون عزيزة حين تربي أبناءها على خلق الشجاعة وعلو الهمة والترفع عن سفاسف الأمور، وإلا ضاع الأبناء وانسلخوا عن دينهم وأصبح همهم الأول الحصول على وظيفة وزوجة بعد التخرج وسكن مناسب، وهذا حق لا جدال فيه، ولكن يجب أن لا يكون هو الهم الأكبر والمطلب الوحيد، فالجهاد هو السبيل الوحيد لاستعادة المقدسات والأراضي المغتصبة من الأعداء، سواء كانوا يهودًا أو نصارى، ولا سبيل غيره أبدًا أبدًا.
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفره إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله القاهر فوق عباده عزًا وسلطانًا، تعالى مجده وتعاظم ملكه وقسم الخلق بعدله ورحمته فمنهم كافر ومنهم مؤمن، أحمده سبحانه وأشكره وأسأله المزيد من فضله وكرمه والإعانة على ذكره وشكره وحسن عبادته، فطوبى لمن ذكروا بآيات ربهم فزادتهم إيمانًا، وويل ثم ويل لمن ذكروا بآيات ربهم فخروا عليها صمًا وعميانًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، دعا إلى الحق سرًا وإعلانا، و+ر للشرك أصنامًا وهدم أوثانًا، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة، إن الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام، وكان نبيكم محمد يتمنى الشهادة في سبيل الله وهو النبي الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ففي الحديث الذي رواه مسلم يقول النبي : ((لولا رجال من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل، والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل)) أو كما قال . فهذا صفوة خلق الله يتمنى أن يغزو في سبيل الله لنشر الدين وإرهاب الأعداء، وليس للدفاع عن بيضة الدين وعن الأنفس والأموال كما هو حالنا اليوم. وقال فيما رواه مسلم: ((من سأل الله الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)). فنسأل الله أن يحيينا سعداء ويميتنا شهداء ويحشرنا في زمرة المصطفى .
ثم صلوا وسلموا على من أرسله الله رحمة للعالمين حيث قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
لبيك اللهم صلّ على عبدك ورسولك سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر من نصر الدين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين والمستضعفين في كل مكان...
| |
|