molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الشياطين - عاصم بن لقمان يونس الحكيم الأربعاء 23 نوفمبر - 5:58:00 | |
|
الشياطين
ععاصم بن لقمان يونس الحكيم
الخطبة الأولى
أما بعد: لقد أرسل الله تعالى نبيه إلى الثقلين الجن والإنس، فالجن خلق من خلق الله، خُلقوا من نار، منهم المؤمنون ومنهم الكافرون، يفضلون الأماكن الخالية من الناس كالصحراء، ومنهم من يسكن مع الإنس في البيوت، ومنهم من يسكن المزابل والقمامات؛ لأنهم يأكلون فضلات طعام الإنس، قال عليه الصلاة والسلام: ((لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم)).
والشياطين تنفر من البيوت التي يُذكر الله فيه ويُقرأ القرآن، قال عليه الصلاة والسلام: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي يُقرأ فيه سورة البقرة)). والبيت الذي خرجت منه الملائكة فإن الشياطين تدخله وتستقر فيه، وقد تؤذي أهله بشتى أنواع الأذية، بالصرع والحزن والوسوسة، وما من أحد يحب أن يدخل بيته الشياطين وتخرج منه الملائكة، ولكن هذه هي حال أكثر البيوت اليوم، يقول النبي : ((قال لي جبريل: إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تصاوير)). وكم من بيوت المسلمين اليوم لا تدخلها الملائكة لوجود الكلاب والصور والتماثيل فيها. لقد أخبرنا نبينا بأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه جرس، وقال أيضا كما في صحيح مسلم: ((الجرس مزامير الشيطان)). والجرس المقصود في الحديث هو الذي يكون على شكل ناقوس النصارى، وكم من بيوت المسلمين اليوم يوجد فيها ما هو أخطر من الجرس، كآلات الطرب والموسيقى وغيرها من الأمور التي تطرد الملائكة طردا، فيحل مكانها الشياطين والعياذ بالله.
فمثل هذه البيوت لا شك أن الشياطين تستولي وتستحوذ على أهلها بدون أن يشعروا هم بذلك، خاصة إن كانوا من المبذرين، وإن من التبذير تلك البيوت الفارهة التي تزيد بكثير عن حاجة الإنسان الطبيعية، قال نبينا : ((فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان)). بل إن من المسلمين من لم يكتف بتواجد الشياطين في بيته، فقام بإدخالهم معه في سيارته، قال نبينا : ((ما من راكب يخلو في مسيره بالله وذكره إلا كان رَدِفه ملك، ولا يخلو بشعر ونحوه إلا كان ردفه شيطان)). ولعل هذه الأغاني التي يسمعها الناس في سياراتهم ويرفعون الصوت بها، لعلها هي من أهم أسباب حوادث السيارات، حيث إنها تزيد من حماس السائق وتجعل فيه قوة وعدوانية وطيشا، فتكون المحصلة النهائية حادثًا مروعًا نسأل الله العافية، ولعل هذا مصداق قول الله تعالى مخاطبا إبليس: وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ [الإسراء:64]، فصوته المزامير والمعازف.
عباد الله، سوف أقرأ عليكم حديثا رواه البخاري ومسلم يجهله الكثيرون منا، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إذا كان جُنحُ الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم، وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا، وأوكئوا قربكم واذكروا اسم الله، وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله، ولو أن تَعرُضوا عليها شيئا، وأطفئوا مصابيحكم)).
في هذا الحديث جملة من الأوامر والآداب التي تعين على إبعاد الشياطين، فمن ذلك حبس الأطفال ما بين غروب الشمس إلى أذان العشاء؛ والسبب ـ كما جاء في رواية ـ أن للشياطين في ذلك الوقت خطفة وانتشارا، ومن المؤسف أننا نرى الأطفال يلعبون في الشارع في هذا الوقت، وربما لبس أحدهم ثيابا عليها تصاوير ورسومات، فيكون هدفًا سهلاً لتلبس الشياطين والعياذ بالله.
ولقد أمرنا نبينا بأن نغلق الأبواب وأن نربط القرب وأن نخمر الآنية مع ذكر اسم الله مع كل تلك الأفعال، فيجب تغطية الآنية ولو بوضع عود عليها كما جاء في الحديث؛ لأن النبي قال والحديث في مسلم: ((إن في السنة ليلة ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاءٌ أو سقاءٍ ليس عليه وكاءٌ إلا نزل فيه من ذلك الوباء)).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
أما بعد: إن الشيطان يحاول جاهدًا أن يمنع المسلم من فعل ما يقربه من ربه ويبعده عن النار، جاء في صحيح البخاري أن النبي قال: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس +لان)).
فانظروا ـ رحمكم الله ـ كيف يثبط الشيطان المسلم عن الصلاة وذكر الله، وهذا الحديث فيمن نام عن قيام الليل فلم يستيقظ للتهجد، أما من نام عن صلاة الفجر فقد أورد البخاري أيضا أنه ذُكر عند رسول الله رجلٌ، فقيل: ما زال نائمًا حتى أصبح ما قام إلى الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: ((بال الشيطان في أُذنه)). قال الحسن البصري رحمه الله: "إن بوله والله لثقيل". قال الطيبي رحمه الله: "وخص الأذن بالذكر لأن المسامع هي موارد الانتباه، وخص البول لأنه أسهل مدخلا في التجاويف وأسرع نفوذا في العروق، فيورث ال+ل في جميع الأعضاء".
وكم من المسلمين اليوم من يضبط المنبه على دوام العمل أو المدرسة، ويأبى أن يضبطه على وقت صلاة الفجر، فلا شك أن هذا وأمثاله ـ كما أخبرنا الصادق المصدوق ـ أصبح كالمرحاض يبول الشيطان في أذنه كل صباح، فأي خير يُرتجى من هذا الشاب وقد استحوذ الشيطان عليه في بيته وسيارته بل وفي نومه أيضا؟! لذلك تجد القلق والتوتر والاكتئاب وجميع الأمراض النفسية لدى من اجتمعت عندهم أسباب السعادة الظاهرية من صحة ومال ومنصب، ولكنهم لا يجدون طعم السعادة لاستحواذ الشيطان عليهم وهم لا يشعرون.
فاتقوا الله عباد الله، وتجنبوا كل ما يجعل سلطان إبليس عليكم عظيما، فإن الله قد وصف كيده بقوله: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا [النساء:76]، وإياكم واتباع خطواته لأنه لا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر والبغي.
اللهم أجرنا من الشيطان ووساوسه وهمزه ولمزه ونفثه...
| |
|