molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: المقاطعة - عاصم بن لقمان يونس الحكيم الثلاثاء 22 نوفمبر - 7:40:12 | |
|
المقاطعة
عاصم بن لقمان يونس الحكيم
الخطبة الأولى
أما بعد:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما عندك يا ثمامة))، فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسل منه ما شئت.
فترك حتى كان الغد، فقال: ((ما عندك يا ثمامة))، فقال: ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر.
فتركه حتى كان بعد الغد فقال: ((ما عندك يا ثمامة))، فقال: عندي ما قلت لك فقال: ((أطلقوا ثمامة))، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب دين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر.
فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت، قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
في هذه القصة العظيمة العديد من الفوائد والوقفات التي ينبغي على المسلم أن يتأملها، منها موقف ثمامة رضي الله عنه، الذي ما أن أسلم حتى جعل ولاءه خالصاً للإسلام والمسلمين، وترجم ذلك الولاء عملياً بمقاطعة المشركين تجارياً، وذلك بمنع الحنطة عنهم حتى يرفع نبي الله صلى الله عليه وسلم بنفسه عنهم الحظر، والمقاطعة التجارية نوع من أنوع الهجران الشرعي.
فقد جاء في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه أمر الصحابة بهجران ثلاثة من أصحابه تخلفوا عن الخروج معه إلى غزوة تبوك، فأمر المسلمين بما في ذلك زوجاتهم بأن يقاطعوهم ولا يكلموهم، واستمر الأمر قرابة الخمسين يوماً حتى صار بهم الأمر إلى ما وصفه الله تعالى في كتابه:"وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه، ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم"، فمن حديث كعب بن مالك وهو أحد الثلاثة الذين خُلِّفوا استدل العلماء لمشروعية مقاطعة العصاة والقائمين على المنكرات، وذلك بعد القيام بإنكار المنكر عليهم ونصحهم، فإن لم يكفوا عن تلك المنكرات فلا فائدة من مخالطتهم، لذا تُشرع مقاطعتهم وهجرانهم لعله يكون رادعاً لهم، ونحن عباد الله لو طبقنا هذه المقاطعة في حياتنا كتعبير على إنكارنا لتغيرت أمور كثيرة، فأضعف فوائد المقاطعة الشعور بالثقة والرضا عن النفس، حيث يشعر المسلم العاجز عن مساعدة إخوانه أو تغيير منكر ما بأنه قدم شيئاً لدينه ولو القليل.
ومن فوائد المقاطعة إظهار العزة والانتصار للدين، فالذي يقاطع منتجات أعداء الله والمجاهرين بالمنكرات يُؤثر على مبيعاتهم واقتصادهم مما يجعلهم يحسبون للإسلام والمسلمين ألف حساب، وعلى سبيل المثال: لو أن المسلمين قاطعوا الصحف التي تصدر بأموال مسلمين لنشرها صور النساء وأخبار الفنانين والأفلام والأغاني الغربية الشرقية، لأفلست تلك الصحف ولانقطع عن المسلمين شرها وفسادها.
ومن فوائد هذه المقاطعة أن المسلم يقل اعتماده على بلد معين أو مكان معين، فيتحرر من ذل الرق والاستعباد والتبعية، فيكون حراً في رأيه وتصرفاته واختياره لما يريد، وكم استعبدت المرءَ شهواته حتى صارت تسيره كيفما شاءت، وانظروا إلى المدخنين عافاهم الله وهداهم، لو أنهم قاطعوا تلك العادة الآثمة المذلة لشعروا بعز الطاعة ولذة الحرية، أقول قولي واستغفر الله.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، لقد دعت الكثير من صحفنا ومجلاتنا إلى مقاطعة المنتجات الأمريكية والبريطانية لأن هاتين الدولتين هما أشد الدول دعماً لدولة اليهود في فلسطين المحتلة، ولا يخفى عليكم أن من الناس من عارض هذا النوع من المقاطعة بحجة أن تلك الأموال التي ندفعها لوجبة طعام أو لمشروب غازي أو لقطعة حلوى لا يُعتبر شيئاً مقارنة بما تدفعه تلك الدول لإسرائيل، فنقول لأولئك: إن الريال مكون من قروش، والقرش مكون من هللات، وكل ما ندفعه يصب في قناة الأموال التي تذهب إلى إسرائيل، فقطرة مني وأخرى منك تصنع نهراً يُغذِّي دولة العدوان والكفر، التي تحتل بلادنا وتستعبد إخواننا.
ولقد استجاب المسلمون ولله الحمد لنداء المقاطعة هذا، فامتنعوا بالجملة من منتجات تلك البلاد وطعامهم وثيابهم، وشعر المسلمون المكتوفو الأيدي الذين لا يتمكنون من الجهاد في سبيل الله بأنهم قد قدموا شيئاً ولو ضئيلاً لخدمة قضية الأقصى حرره الله، وما ينبغي للمسلم أن يستهين بهذا العمل الجليل، فلو أن مليونين من المسلمين في بلادنا امتنعوا عن شراء مشروب غازي بريال، فهذه مليونا ريال في اليوم، أي أن المبلغ يرتفع إلى 670 مليون ريال سنوياً من مشروب غازي واحد فقط، ونبينا صلى الله عليه وسلم قال: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))، فنحن كأفراد لا نستطيع قتالهم ولكننا نستطيع أن نجاهدهم بأموالنا فندفع ما نستطيع لكفالة يتيم أو لمعونة أرملة، ونستطيع أن نقاطع المنتجات الأمريكية والبريطانية قدر المستطاع والممكن، فالكل يستطيع الاستغناء عن منتجاتهم ومطاعمهم فالبديل موجود وبكثرة : المحلي منه والمستورد، وأما ما لا بديل له فلا حرج على المسلم أن يقتنيه للحاجة إلى حين توفر البديل، ويستطيع المسلم الغيور أن يمتنع عن السفر إلى بلادهم في الإجازة، إذ أي ولاء للكفار أعظم من قتلهم إخواننا وذهابنا نحن إلى بلادهم للتنزه والاستجمام؟
عباد الله، إن القدس والمسجد الأقصى لن يتحرر بالخطب الرنانة والمقالات الجوفاء والأماني الهشة، نريد فعلاً حقيقياً وموقفاً جاداً، كم منا يدعو في صلاته بخشوع وحضور قلب أن يعينه الله على بناء بيت أو قضاء دين أو التحصل على وظيفة أو منصب، وبالمقابل كم من المسلمين من يدعو أن يمكنه الله من الصلاة في المسجد الأقصى وهو بيد المسلمين الموحدين؟ فإذا عجز المسلمون عن الدعاء لتحرير الأقصى فهل سيأتي من هؤلاء من يقاتل لتحريره؟ ورضي الله عن ثمامة بن أثال الذي أعلنها صريحة في وجوه الكفار وقاطعهم ومنع عنهم البُر حتى يأذن به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلنقاطع منتجاتهم عباد الله ولنمتنع عن السفر إلى بلاد الكفار عامة، ولنقاطع الذين يمدون أعداء الله بالسلاح والمال ليقتلوا به إخواننا لا في فلسطين فحسب، بل وأيضا في الهند والفلبين والشيشان وغيرها، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم.
| |
|