molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الاستعاذة - عاصم بن لقمان يونس الحكيم الأربعاء 23 نوفمبر - 5:16:33 | |
|
الاستعاذة
ععاصم بن لقمان يونس الحكيم
الخطبة الأولى
إن القارئ لكتاب الله يجد فيه الأمر بالاستعاذة بالله تعالى عند قراءة القرآن، كقوله عز وجل: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، ولقد أنزل الله تعالى سورتين بدأهما بالأمر بالتعوذ به عز وجل من شر ما خلق ومن شر الليل والسحرة والحسدة ومن شر الشيطان الرجيم.
ومن السنة عباد الله أن يقرأ المسلم سورة الإخلاص : قل هو الله أحد وسورة الفلق والناس في اليوم والليلة اثنتا عشرة مرة، يقرأها مرة بعد كل صلاة، إلا أنه يقرأها ثلاثا بعد صلاة الفجر والمغرب أو العصر لقوله صلى الله عليه وسلم-مخاطباً إياك أيها المسلم- بأنك إن قرأت: ((قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء))، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السور الثلاث قبل نومه وينفث في يديه ويمسح بهما ما استطاع من جسده الطاهر، ويفعل نحو ذلك إذا مرض فيمسح موضع مرضه، ولم يكن يمسح جسده بيديه بعد الصلاة كما يفعله البعض، مخالفين سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
والاستعاذة عباد الله هي الالتجاء إلى الله والالتصاق بجنابه تعالى من شر كل ذي شر، ولقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر الاستعاذة بالله تعالى، لأنها مظهر من مظاهر العبودية، فصرف الاستعاذة لغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر- كأن يستعيذ الرجل عند سكنه بيتا جديدا- بأن يذبح شاة ويلطخ عتبة منزله بدمها أو أن يلطخ أساس بيته أثناء البناء بالدم، استرضاء للجن وتعوذا بهم من شرورهم.
ولقد كان نبينا يتعوذ من أربع: من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ودعاء لا يسمع ونفس لا تشبع، فالعلم الذي لا ينفع كالعلوم المحرمة مثل السحر وعلم النجوم وغيرها.
أو كالذي يتعلم العلم الشرعي لا لينتفع به، بل ليماري به السفهاء وليباهي به العلماء وليقال عنه عالم.
والقلب الذي لا يخشع هو القلب القاسي لكثرة الذنوب التي غلفت ذلك القلب، فهو لا ينصاع إلى أوامر الله ولا يلين لذكره، فترى صاحبه تدمع عيناه لأغنية فاجرة أو لمشهد حزين في فيلم مؤثر، ولكنه لا يتحرك له ساكن إذا سمع آيات الله تتلى أو تذكر وذُكِّر بذنوبه، قال تعالى: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا ي+بون .
وأما الدعاء الذي لا يسمع، فهو الدعاء الذي لا يُستجاب لصاحبه، وهذا كقولنا في الصلاة سمع الله لمن حمده أي استجاب الله دعاء من حمده، وعدم استجابة الدعاء لها أسباب عديدة، فمنها:-
غفلة قلب الداعي، فأكثر الناس اليوم يدعون وقلوبهم غافلة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه))، وقد يكون المانع من الاستجابة المال الحرام كما جاء في صحيح الإمام مسلم: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب. يا رب. ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك))، فكل من ماله حرام- كالذي يعمل أو يتعامل مع البنوك، والذي يبيع الحرام كالأفلام والدشوش والدخان والأغاني ونحوها، أو يأخذ الرشوة، ويأكل أموال الناس بالباطل، أو الذي لا يُتقن عمله الذي يأخذ مرتبه مقابلا له- فكل أولئك لا يُستجاب لهم والعياذ بالله.
وأما النفس التي لا تشبع فهي نفس الحريص على الدنيا، فهو يبتغي منها المزيد، ولا ينفق منها شيئا، وهي التي تُسخطه وتُرضيه، فهو يقدمها على الصلاة ومجالس الذكر وقراءة القرآن، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم)).
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد)).
هذا عباد الله دعاءٌ كان يداوم عليه نبينا صلى الله عليه وسلم، فينبغي لأهل الأسفار أن يقتدوا بالنبي عليه الصلاة والسلام ويداوموا عليه، فأما وعثاء السفر فهي شدته ومشقته، اللتان تمنعان القلب من ذكر الله والتفكر في آياته، وكآبة المنقلب هو ما يصيب النفس من الكآبة والحزن عند الرجوع، لما يلقاه من أمور حصلت في غيابه، أو طرأت بسبب سفره، وأما الحور بعد الكور، فهو النقصان بعد الزيادة، والتفرق بعد الاجتماع، وهو الرجوع من الإيمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية.
ومما هو معلوم عباد الله أن السفر من أعظم أسباب انتكاس الصالحين، وزيادة فسق الفاسقين، فكم نرى من الناس من كان يحافظ على الصلاة في المسجد ثم إذا هو ينقطع عن المسجد ويهجره، فهذا حور بعد كور، وكم من فتاة هداها الله فغطت وجهها وسترت جسدها عن أعين الناظرين، واستمسكت بدين رب العالمين، فكانت جوهرة بيتها، وفخرا لعائلتها، لفترة من الزمان، ثم عاد الكتان كما كان، إما بسبب رحلة إلى الخارج في الإجازة، أو بسبب رفاق السوء، فهذا حور بعد كور.
فاكثروا عباد الله من التعوذ بالله من الحور بعد الكور، وقولوا يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
| |
|