molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: مفاتيح الرزق - صالح بن عبد الكريم الزيد الإثنين 14 نوفمبر - 9:30:42 | |
|
مفاتيح الرزق
صالح بن عبد الكريم الزيد
الخطبة الأولى
أيها الإخوة، لقد تكفل الله بالرزق للجميع فقال تعالى: وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ، ولكن طلب الرزق فطرة في الإنسان والحيوان، فكل يسعى في طلب الرزق، وقد جعل الله جل شأنه للرزق أسبابا حسية وأسبابا شرعية، فركز كثير من الناس على الأسباب الحسية واهتموا بها، مع أنها ليست متاحة للجميع، بل ولا ميسورة لهم كلهم على قدم المساواة، وغفل الكثير منهم عن الأسباب الشرعية التي هي ميسرة ومتاحة للجميع وكل يستطيع الحصول عليها.
وسأذكر بعض الأسباب الشرعية للرزق التي جاءت في نصوص قرآنية أو نبوية عن المصطفى ، ومنها:
أولاً: الاستغفار، قال الله تعالى: فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيكُمْ مُّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا، قال القرطبي رحمه الله: "هذه الآية دليل على أن الاستغفار يُستنزل به الرزق والأمطار"، وهذا أيضا يعني أن كثرة الذنوب لها أثر على منع الأرزاق وعلى قلة بركتها.
ثانيًا: ومن أسباب الرزق التوكل على الله، قال الله تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلّ شَىْء قَدْرًا، روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما بسند صحيح قول النبي : ((لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصًا وتروح بطانًا)).
ثالثًا: من أسباب الرزق التقوى، وهي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية؛ فلا يفقدك حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك، يقول تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2، 3].
رابعًا: من أسباب الرزق المتابعة بين الحج والعمرة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد)) رواه النسائي وغيره بسند صحيح.
خامسًا: مما يُستجلب به الرزق صلة الرحم، قال رسول الله : ((من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنْسَأ له في أثره فليصل رحمه)) رواه البخاري، وفي رواية: ((من سره أن يُعظم الله رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه)) رواه أحمد.
أين أنت ـ أيها المسلم ـ من صلة الرحم، اتَّقِ الله وصِلْ رحمك يبسط لك في رزقك، ولعلك تعجب من أن الفَجَرَة إذا تواصلوا بسط الله لهم في الرزق، اسمع لهذا الحديث الصحيح الذي رواه الطبراني من حديث أبي بكرة يقول رسول الله : ((إن أعجلَ الطاعة ثوابًا لَصِلَةُ الرحم، حتى إن أهل البيت ليكونوا فَجَرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا)).
سادسًا: من أسباب الرزق أيضًا الإنفاق في سبيل الله، قال الله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ، ويقول : ((ما نقص مال من صدقة، بل تزده بل تزده))، ويقول الله تعالى في الحديث القدسي: ((يا ابن آدم، أنفِقْ أُنفِقُ عليك)). الله أكبر، ما أعظمه من ضمان بالرزق! ((أنفقْ أُنفقُ عليك)).
سابعًا: من أسباب الرزق ومفاتيحه الإحسان إلى الضعفاء والفقراء وبذل العون لهم، فهذا سبب في زيادة الرزق وهو أحد مفاتيحه، قال رسول الله : ((هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟!)) رواه البخاري.
فمن رغب في رزق الله له وبسطه عليه فلا ينسَ الضعفاء والمساكين، فإنما بهم ترزق ويُعطى لك، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يقول: ((أبغوني في ضعفائكم، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)) رواه النسائي وأبو داود والترمذي.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً [الكهف: 46].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، ما تقدم ذكره جملة من الأسباب الشرعية للرزق وغيرها كثير، وهي متنوعة ومتعددة، فإن فاتك ـ أيها المسلم ـ هذه فلا تفتك الأخرى، اعزم على طلب الرزق وأخلص النية لله جل شأنه وسترى أثر ذلك.
لكن هناك أمر يجب التنبيه عليه في مثل هذا المقام، وهو أن هذه الأسباب الشرعية لا تكفي بمفردها، بل لا بد للإنسان أن يفعل الأسباب الحسية لكي يرزق، وهي العمل والتخطيط ودراسة الأسواق وملاحظة العرض والطلب، فلا يكفي مثلا التوكل أو الاستغفار وينتظر أن تمطر عليه السماء ذهبا وفضة؛ بل عليه أن يهتم بهذه المفاتيح الشرعية للرزق ثم يفعل الأسباب والمفاتيح الحسية، ومتى جمع بين الأمرين سيجد توفيقا للخير وبركة فيه وصرفا عن الخسائر، فمثلا من يصل رحمه ويفعل الأسباب الحسية يوفق الله إلى أبواب رزق لم تكن في حسبانه وتوقعه، ويصرف عنه أسباب خسائر لا يعرفها، ولذلك فالمشروع للمسلم أن لا يعتمد على الأسباب الحسية فقط، ولا على الأسباب الشرعية فقط، بل يجمع بينهما، فالطيور تخرج في الصباح جائعة وتعود ممتلئة البطون، فهي خرجت تبحث وتطلب الرزق، فرزقها الكريم، وكذلك ابن آدم يتوكل على الله، ويخرج في طلب الرزق، ويستغفر ويتصدق ولو من المال القليل، فسيجد العوض عند الله رزقا مباركا متناميا.
اللهم إنا نسألك رزقا حلالا طيبا مباركا فيه، واجعله عونا على طاعتك ومرضاتك يا رب العالمين.
هذا، وصلوا وسلموا على خير البرية...
| |
|