molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: المبادرة إلى امتثال النصوص الشرعية - زيد بن عبد الكريم الزيد الأحد 6 نوفمبر - 4:05:43 | |
|
المبادرة إلى امتثال النصوص الشرعية
زيد بن عبد الكريم الزيد
الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها المسلمون، إن الكثير منا لا ينقصه العلم الشرعي، ولكن الذي ينقصنا حقاً هو العمل بهذا النص، نعلم الحكم الشرعي، نعرف الحديث النبوي، ولا نمتثل لهذا ولا لذاك ، والله جل شأنه جعل الفلاح باتباع أمر الله جل شأنه وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول الله عز وجل: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ [النور:51]، فنصيبك من الفلاح على قدر نصيبك من السمع والطاعة لله جل شأنه .
عباد الله، من منا هزه سماع النص الشرعي فبادر مسرعاً لإخراج منكر من منزله؟ من منا سمع آية تتلى فبادر إلى تطبيقها والعمل بها وغير سلوكه بسببها؟.
إن الذين شهد الله لهم بالفلاح كانوا يمتثلون النص ، كانوا يتأثرون به فور سماعه فيتخذوا قرار التطبيق الفوري، وهاكم يا عباد الله نماذج من مواقف الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين مع النصوص :
- عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة)) قال عبد الله بن عمر: (ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله قال ذلك إلا وعندي وصيتي). ففور سماعه للحديث طبقه، من منا كذلك يفعل ؟؟؟. ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ذهب في يد رجل نزعه وطرحه فقال: ((يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده)) فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله: خذ خاتمك فانتفع به، قال: لا والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله.
- وهذا عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى جاء إلى المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فسمعه يقول: اجلسوا فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ من خطبته. فبلغ ذلك النبي فقال: ((زادك الله حرصاً على طواعية الله ورسوله)). فانظروا أيها الاخوة: فبمجرد أن سمع الصحابي الأمر بالجلوس وهو لم يعلم من المقصود جلس قبل أن يدخل المسجد.
مبادرة دقيقة وتوقير عظيم لأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم ينقصنا نحن منه الكثير.
- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بينما نحن مع رسول الله إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً، فقال رسول الله: ((من القائل كلمة كذا وكذا))، قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله قال: ((عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء)) قال ابن عمر: (فما تركتهن منذ سمعت رسول الله يقول ذلك)[1]. - وعن أنس بن مالك قال: كان أبو طلحة أكثر أنصار بالمدينة نخلاً، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما أنزلت لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله إن الله يقول هذه الآية، وإن أحب أموالي بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله: ((بخ ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين))، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة رضي الله تعالى عنه بين أقاربه وبني عمه.
مزرعة بكاملها هي أحب أمواله إليه رخصت عنده وبذلها في سبيل الله لآية واحدة من كتاب الله .
- وهذا صحابي آخر مثله ، فعن عبد الله رضي الله عنه قال: لما نزلت مَّن ذَا ٱلَّذِى يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [الحديد:11]، قال أبو الدحداح: يا رسول الله إن الله يريد منا القرض قال: ((نعم يا أبا الدحداح)) قال: أرني يدك، قال: فناوله يده، قال: قد أقرضت حائطي، وحائطه فيه ستمائة نخلة، فجاء يمشي حتى أتى الحائط وأم الدحداح فيه، فنادى: يا أم الدحداح، قالت: لبيك، قال: اخرجي فقد أقرضته ربي. وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى على أبي الدحداح وقال: ((كم من عذق معلق أو مدلى في الجنة لأبي الدحداح)).
- وعن جابر بن سليم أنه قال لرسول الله : اعهد إلي، قال: ((لا تسبنّ أحداً))، قال: فما سببت بعدها حراً ولا عبداً ولا بعيراً ولا شاة[2].
من منا يا عباد الله اتخذ هذا القرار في ترك منكر فقاطعه مقاطعة فورية تامة دائمة .
السؤال المحير الذي يطرح في مجتمعاتنا الإسلامية: لماذا نشاهد بعض المسلمين يعرفون ما حرم الله ولا يجتنبونه ، يعرفون مكانة الصلاة ، يعرفون الوعيد على تارك الجماعة! الوعيد على تارك صلاة العصر! والوعيد على تارك صلاتي الجماعة في العشاء والفجر! إنها الغفلة عن يوم الحسرات والشدائد والويلات ، الغفلة عن يوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، يوم يتمنى الواحد الحسنة الواحدة، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه. بادروا إلى امتثال أمر الله، عظموا النصوص بالعمل بها وَمَن يُعَظّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ [الحج:32].
بارك الله لي ولكم...
[1] رواه الإمام مسلم (1/420).
[2] رواه أبو داود (4/56).
الخطبة الثانية
أما بعد:
أيها المسلمون، يقول الله جل شأنه: إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَـٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمٰوٰت وَٱلأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ [التوبة:36]، هذه الأشهر الحرم التي نستقبلها يغفل عنها كثير من الناس، وهي شهور معظمة، ومكانتها في النصوص الشرعية محفوظة قال تعالى عنها: فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ يقول بعض العلماء الحسنات في الأشهر الحرم أعظم أجراً، والسيئات في الأشهر الحرم أعظم وزراً وقال بعض المفسرين (الرازي): "ومعنى الحُرُم: أن المعصية أشد عقاباً والطاعة أكثر ثواباً" حتى ذهب فريق من الفقهاء إلى تغليظ الدية على القاتل بسبب وقوع القتل في الأشهر الحرم.
وكثير من الناس غافل عن هذه الأشهر وهي شهر ذي القعدة وذي الحجة ومحرم ورجب.
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ عظموا هذه الأشهر باجتناب المعاصي وفعل الطاعات. واعرفوا مكانتها في سائر أشهر العام.
هذا وصلوا...
| |
|