ففروا إلى الله
الشيخ عاطف شمس
بعد المقدمة
وأنت تسير في الشارع فجأة ظهرت سيارة مسرعة لابد انك ستهرب أو تختبئ وراء جدار
وأنت في محل اشتعلت النار لابد انك ستهرب وتختبئ
في شركة أو مصنع انفجرت ماسورة الغاز لابد انك ستهرب بسرعة فهو سريع الاشتعال
اخى / النفس البشرية جبلت بطبيعتها على الهروب مما تخاف وتخشى
يقول تعالى ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ) الجمعة
الفرار هو الهروب من شئ إلى شئ
من شئ مخيف إلى شئ أمن
من شئ مزعج إلى شئ مطمئن
أنت إذا خفت من شئ هربت منه - لكن الله إذا خفت منه فإنك تهرب إليه
لذا يقول رب العزة ( ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ) الذاريات
الفرار / الناس فيه نوعان :
فرار التعساء وفرار السعداء
فرار التعساء يكون من الله
فرار السعداء يكون إلى الله
يفر السعداء من شرك إلى توحيد
ومن بدعة إلى سنة
ومن الجهل إلى العلم
ومن ال+ل إلى التشمير
ومن الرسوم إلى الأصول
ومن الغفلة إلى اليقظة
ومن ظلمة المعصية إلى نور الطاعة
ومن ذل الشهوات إلى عز الطاعات
ومن صحبة السوء إلى صحبة الخير
ومن الخلق إلى الخالق
إليك أمثلة من فرار التعساء
الأول فرار قوم نوح ( قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا - وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ) نوح
انظر إليهم يدخلون أصابعهم في أذانهم رغم أن الأنملة كافية لكنهم من شدة رغبتهم في عدم سماع دعوة التوحيد كانوا يحاولون وضع الأصابع كلها في أذانهم ووضعوا ثيابهم على وجوههم حتى لايروا نوحا وهو يدعوهم إلى الفرار من الشرك إلى التوحيد
مثال آخر لفرار التعساء قال تعالى 0 ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ) الأحزاب 13 فرار من الجهاد
مثال آخر لفرار التعساء قال تعالى ( فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة ) يفرون من الذكر لايريدونه إذا ذكر الله فروا وإذا ذكر رسول الله فروا وإذا ذكرت الكرة تجمعوا وإذا ذكرت الأغاني تهللوا فرار - لكنه من الله
إنهم أكرمكم الله مثل الحمير تفر إذا رأت الرامي أو الأسد
أما فرار السعداء فهو من الله إلى الله
ومن الغفلة إلى اليقظة
يقول عز وجل ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) الأنبياء 1
تجئ لحظة اليقظة ومضة سريعة يقول عنها بن القيم اليقظة هي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين ) فيستيقظ فماذا يرى - نعم الله تترى نازلة عليه وشروره صاعدة إلى السماء فيصير هجيراه ( ابوء لك بنعمتك على وابوء بذنبي ) اعترف بنعمك يارب واعترف بذنوبي فاغفر لي فإنه لايغفر الذنوب إلا أنت
ومن ذل الشهوات إلى عز الطاعة
قال تعالى ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث - ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب - قل أؤنبكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها الأنهار وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ) ال عمران 14-15
قال بعض المفسرين إن الذي زين للناس حب الشهوات هو الشيطان ودليلهم قوله تعال ( وزين لهم الشيطان إعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ) النمل 24
وقال البعض بل هو الله عز وجل امتحانا واختبارا ودليلهم أن الله ذكر الاختيار الثاني وهو عز الطاعة نتيجتها جنات تجرى من تحتها الأنهار مع الخلود وأزواج مطهرة ورضوان من الله إذن أول الآية ذكر الله سبحانه الشهوات ثم بين عاقبة من ترك الشهوات تقوى لله
العاقل لا يمكن إلا أن يختار الاختيار الثاني
ومن صحبة السوء إلى صحبة الأخيار
قال تعالى ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتنى لم اتخذ فلانا خليلا ) الفرقان 27-29
فالصاحب ساحب والطبع يسرق - هاهو استيقظ ففر من الغفلة إلى اليقظة ومن ذل الشهوات إلى عز الطاعة ومن صحبة السوء إلى صحبة الخير والآن
من ال+ل إلى التشمير
لو أن في بيتك ثانوية عامة سيكون البيت لامحالة في طوارئ الكلام يهمس الكل يمشى على أطراف الأصابع لايريدون إزعاجه فإذا قال أريد أن استيقظ في الساعة العاشرة تجدهم يهرعون إلى المحمول ليضبطوه والى المنبه بل منهم من لاينام حتى يوقظه سبحان الله تشمير من أجل ثانوية عامة وهى في النهاية أحيانا لاتساوى ما انفق من اجلها فماذا عن الآخرة +ل أم تشمير قال تعالى ( وفى ذلك فليتنافس المتنافسون ) ويقول ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )
وانظر إلى التشمير - صحابي رآه النبي يوما مصفر الوجه فسأله لم ؟ فقال يارسول الله في الدنيا أنا معك منذ استيقاظك إلى نومك لكن في الآخرة ستكون المسافة بيني وبينك هائلة فكيف ألقاك وأكون بجوارك - وفى رواية قال المصطفى سلني قال مرافقتك في الجنة قال النبي أو غيرها فقال الصحابي بل هي فقال النبي أعنى على نفسك بكثرة السجود - تشمير - همة عالية - ومن منا لايريد مرافقة النبي في الجنة ومن منا لايريد أن يكحل عينيه برؤية المصطفى في الجنة - اخى - ألا تشتاق لرؤيته
ألا تشتاق لرؤية أبى بكر وعمر وعثمان وعلى - شمر إذن -فر من ال+ل إلى التشمير
ومن الجهل إلى العلم
أول كلمة نزلت على النبي هي - اقرأ –
بل العلم مقدم عل العمل قال تعالى ( فاعلم انه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ) محمد
يجب أن تعلم أن أجلك محدود وأيامك معدودة
ويجب أن تعلم لماذا خلقك الله ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )
ولاتكن مثل رجل تجاوز التسعين من عمره ويقول ( جايين الدنيا مانعرف ليه ) وآخر يقول ( جئت لا اعلم من أين ولكنى أتيت ولقد أبصرت امامى طريقا فمشيت – لست ادري ) لادريت ولاتليت
يجب أن تعلم أن أعداءك أربعة اثنان من داخلك واثنان من داخلك - من خارجك الدنيا والشيطان ومن داخلك النفس والهوى
الخطبة الثانية
من أعجب الأشياء التى حدثت الأيام السابق أن يقف الأزهر ضد النقاب - سبحان الله - الأزهر قلعة العلم الشرعي والمنارة التي ظلت تشع نورا للدنيا كلها قرون عدة بدلا من أن يحارب التفسخ والعرى والاختلاط والكليبات الخليعة والأغاني الهابطة - رأيناه يحارب النقاب
ويقف في خندق واحد مع العلمانيين والملحدين - ضد ظاهرة التدين - إنا لله وإنا إليه راجعون
وفرار من الرسوم إلى الأصول
انظر إلى مساجدنا - فخمة نعم مفروشة ومكيفة وفيها مياه باردة - لكنها لم يتخرج منها رجال بمعنى رجال -بل الذين يتخرجون هم ذكور وإناث
هل تذكر مسجد رسول الله كان من سعف النخيل وكان المطر ينزل ويسجدون فتبتل جباههم الشريفة بالطين لكنهم كانوا رجالا نفتخر بهم إلى الآن والى أن يرث الله الأرض ومن عليها
قوم فروا من الرسوم إلى الأصول
عمر بن الخطاب فر من الرسوم إلى الأصول انظر كيف دخل القدس على بغلة وقيل حمارة وترك الحصان لأنه يتبختر به فلما قال له أبو عبيدة الناس ينتظرونك يا أمير المؤمنين فكيف يروك هكذا فقال كلمة من نور وذهب كنا أذل الناس وأعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غير الإسلام أذلنا الله
وهكذا كل من فر من الرسوم إلى الأصول يركب دراجة – بل دراجة بخارية - سيارة قديمة الطراز – حديثة - بل احدث ( موديل ) - كل هذا لا يهم - المهم هو هل الله راض عنى أم لا
اسكن شقة ضيقة – بل واسعة - بل دور كامل - بل منزل – بل منزل من عدة طوابق - بل عمارة كلها ملكي - بل ( فيلا ) - كل ذلك لايهم المهم هو هل الله راض عن ام لا
قد يقول بعض الناس أنا مطيع لله فلا افر ولا أخاف قد فررت من الشرك إلى التوحيد
ومن البدعة إلى السنة ومن ال+ل إلى التشمير ومن الغفلة إلى اليقظة ومن المعصية إلى الطاعة ومن ذل الشهوات إلى عز الطاعة ومن صحبة السوء إلى صحبة الخير
نقول إياك أن تغتر بطاعتك فأشرف الخلق من ؟ واطهر الناس من ؟ وسيد ولد ادم من ؟ إنه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يقول (يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة )
ويقول بأبي هو وامى ( وإني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة )
واحذر الفتن واليك حديث حذيفة رضي الله عنه ( تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء واى قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين ابيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر اسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه )
يجب أن تخاف على نفسك الفتن والبدع وصحبة السوء والشهوات وفر من ال+ل ومن الغفلة إلى الله عز وجل حيث كل راحة بال وطمأنينة وأنس وبهجة وسرور وحبور ثم جنة إن شاء الله فقط فر إلى الله