حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ فَقُلْتُ لِقَتَادَةَ مَنْ قَالَ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله : ( عَبْد اللَّه )
هُوَ اِبْن الْمُبَارَك .
قَوْله : ( كَتَبَ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُب )
شَكّ مِنْ الرَّاوِي , وَنِسْبَة الْكِتَابَة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجَازِيَّة , أَيْ : كَتَبَ الْكَاتِب بِأَمْرِهِ .
قَوْله : ( لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا )
يُعْرَف مِنْ هَذَا فَائِدَة إِيرَاده هَذَا الْحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب لِيُنَبِّه عَلَى أَنَّ شَرْط الْعَمَل بِالْمُكَاتَبَةِ أَنْ يَكُون الْكِتَاب مَخْتُومًا لِيَحْصُل الْأَمْن مِنْ تَوَهُّم تَغْيِيره , لَكِنْ قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ خَتْمه إِذَا كَانَ الْحَامِل عَدْلًا مُؤْتَمَنًا .
قَوْله : ( فَقُلْت )
الْقَائِل هُوَ شُعْبَة , وَسَيَأْتِي بَاقِي الْكَلَام عَلَى هَذَا الْحَدِيث فِي الْجِهَاد وَفِي اللِّبَاس إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى .
( فَائِدَة ) :
لَمْ يَذْكُر الْمُصَنِّف مِنْ أَقْسَام التَّحَمُّل الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة عَنْ الْمُنَاوَلَة أَوْ الْمُكَاتَبَة , وَلَا الْوِجَادَة وَلَا الْوَصِيَّة وَلَا الْأَعْلَام الْمُجَرَّدَات عَنْ الْإِجَازَة , وَكَأَنَّهُ لَا يَرَى بِشَيْءٍ مِنْهَا . وَقَدْ اِدَّعَى اِبْن مَنْدَهْ أَنَّ كُلّ مَا يَقُول الْبُخَارِيّ فِيهِ : " قَالَ لِي " فَهِيَ إِجَازَة , وَهِيَ دَعْوَى مَرْدُودَة بِدَلِيلِ أَنِّي اِسْتَقْرَيْت كَثِيرًا مِنْ الْمَوَاضِع الَّتِي يَقُول فِيهَا الْجَامِع قَالَ لِي فَوَجَدْته فِي غَيْر الْجَامِع يَقُول فِيهَا حَدَّثَنَا , وَالْبُخَارِيّ لَا يَسْتَجِيز فِي الْإِجَازَة إِطْلَاق التَّحْدِيث , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا عِنْده مِنْ الْمَسْمُوع , لَكِنْ سَبَب اِسْتِعْمَاله لِهَذِهِ الصِّيغَة لِيُفَرِّق بَيْن مَا يَبْلُغ شَرْطه وَمَا لَا يَبْلُغ . وَاَللَّه أَعْلَم