molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: خصائص الأمة - عبد الله بن صالح المؤدب البدروشي / شنني قابس السبت 28 يوليو - 10:14:08 | |
|
خصائص الأمة
عبد الله بن صالح المؤدب البدروشي / شنني قابس
الخطبة الأولى أما بعد: إخوة الإيمان والعقيدة، من تمام نعمة الله على البشرية كلها أن ختم الديانات السابقة بالحنيفية السمحة، بملة الإسلام، فقال تبارك وتعالى: ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسلام دِينًا. وإن من تمام نعمة الله على أتباع هذا الدين أن خص دينه بخصائص عظيمة جليلة، وأفرده سبحانه وتعالى بخيرات لم تكن في الأديان السابقة كاليهودية والنصرانية. والمتأمل في هذه الخصائص يجد العجب العجاب من عظمة الإسلام وبهائه ورونقه وسموه؛ مما لا يزيد المسلم إلا تمسكًا بهذا الدين العظيم وارتباطًا واعتزازًا به أيما اعتزاز. فضل الله عز وجل هذه الأمة على سائر الأمم، واختصها بكرامات كثيرة في الدنيا والآخرة ليست لغيرها، وإنما نالت ذلك باتباعها لشرع خالقها بالتزامها بالإسلام ذلك الدين القيم. هي خير الأمم وأكرمُها، وحسبنا شهادة الله في كتابه العزيز: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: 110]، قال : ((إنكم تتمون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله)). هذه الأمة المحمدية العظيمة التي حازت شهادة الخيرية جعل الله لها جملة من الخصائص امتازت بها على غيرها من الأمم: من خصائص هذه الأمة أن جعلت لها الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل أدركته الصلاة فلم يجد ماء ولا مسجدا فعنده طهوره ومسجده، فيتيمم ويصلي، بخلاف الأمم من قبلنا، فإن الصلاة أبيحت لهم في أماكن مخصوصة كالبيع والكنائس. يقول حبيبنا : ((جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان من قبلي يعظِّمون ذلك إنما كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم)). ومن خصائص هذه الأمة المحمدية أن الله وضع عنها الأثقال والآصار التي كانت على الأمم قبلها، فأحل لها كثيرًا مما حرم على غيرها، ولم يجعل عليها في أحكامها عنتًا وشدة، كما قال الله جل وعلا: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]، فكانت شريعة المصطفى أكمل الشرائع وأيسرها وأسهلها، حتى قال عليه الصلاة والسلام: ((إني أرسلت بحنيفية سمحة)). ومن خصائص هذه الأمة المحمدية أن الله هداها ليوم الجمعة سيد الأيام وخير يوم طلعت فيه الشمس، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله يقول: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدًا، والنصارى بعد غد)) رواه البخاري ومسلم. ومن خصائص هذه الأمة المحمدية أن الله تجاوز عنها الخطأ والنسيان وحديث النفس ما لم تعمل أو تتكلم، جاء في الصحيحين عن النبي قوله: ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به)). ومن خصائص هذه الأمة المحمدية أنها محفوظة من الهلاك والاستئصال، فلا تهلك بالسنين ولا بجوع ولا بغرق، ولا يسلط عليها عدو من غيرها فيستبيح بيضتها ويستأصلها، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ـ أي: +رى وفارس ـ، وإني سألت ربي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ـ أي: مجاعة ـ، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا ويسبي بعضهم بعضا)) رواه الإمام مسلم. ومن خصائص هذه الأمة المحمدية أنها لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة من الخطأ عند اجتماعها على أمر، كما أنها لا تخلو من وجود طائفة قائمة بالحق في كل زمان لا يضرها من خالفها، عن كعب بن عاصم الأشعري قال: قال رسول الله : ((إن الله قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة)). ومن خصائص هذه الأمة المحمدية أن الله قبل شهادتها وجعل أهلها شهداءه في أرضه، فقد جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أن جنازة مرت فأثني عليها خيرًا، فقال النبي: ((وجبت وجبت))، ثم مرت أخرى فأثني عليها شرًا، فقال النبي: ((وجبت وجبت))، فلما سأله عمر عن ذلك قال: ((من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض)) رواه البخاري ومسلم. هذه بعض خصائص هذه الأمة في الحياة الدنيا، أما خصائصها في الآخرة فهي موضوع وقفتنا بعد جلسة الاستراحة بإذن الله. اللهم اهد أمتنا للعمل بشرائع هذا الدين، واحفظنا جميعا بما تحفظ به أولياءك الصالحين، واجعلنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الخطبة الثانية الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي أحب من عباده من خافه واتقاه، وأعز من أحبه واتبع هداه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، من توكل عليه كفاه، ومن تحصن بذكره حفظه وحماه، وأشهد أن سيدنا وحبيب قلوبنا محمدا رسول الله وصفيه من خلقه ورضيه ومجتباه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه. أما بعد: أيها المؤمنون والمؤمنات، عباد الله، ومن تمام شرف هذه الأمة أن الله اختصها بخصائص في الآخرة كما اختصها بخصائص في الدنيا، فمن هذه الخصائص الأخروية أن هذه الأمة تأتي يوم القيامة غراء محجلة من آثار الوضوء، وبهذه الصفة يعرف النبي أمته من غيرهم عندما يكون منتظرهم على الحوض، فالغرة والتحجيل خاص بالأمة المحمدية. وحين قال عليه الصلاة والسلام: ((وددت أنا قد رأينا إخواننا)) قال له أصحابه: أوَلسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: ((أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد))، فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟! فقال: ((إنهم يأتون غرًا محجلين من الوضوء)) رواه مسلم. ومن خصائص الأمة المحمدية الأخروية أنها تشهد لكل نبيّ أنكر قومُه أنه قد بلغ، تشهد له بأداء الرسالة وتبليغها، فيقبل الله شهادتها، يقول حبيب هذه الأمة : ((يجيء النبي فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون: لا، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فتدعى أمة محمد فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون: نعم، فيقول: وما علمكم بذلك؟ فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلغوا فصدقناه، قال: فذلك قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[البقرة: 143])). ومن خصائصها أنها أول من يجتاز الصراط، وأول من يدخل الجنة، وقد جاءت في ذلك أحاديث كثيرة، منها قوله : ((فأكون أنا وأمتي أول من يجيز)) يعني الصراط. رواه البخاري. وفي الحديث الآخر عند البخاري أيضا يقول عليه الصلاة والسلام: ((نحن أول من يدخل الجنة)). ومن خصائص هذه الأمة المحمدية أنها أكثر أهل الجنة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله : ((أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟)) قال: فكبرنا ـ أي: طلبنا الزيادة ـ، ثم قال: ((أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟)) قال: فكبرنا، ثم قال: ((إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة)) رواه البخاري. وهكذا تتألق هذه الأمة المباركة، ويترادف عليها فضل الله وكرمه، وتتقلب في إنعامه وإحسانه، ولكن هل شكرنا الله حق شكره أن جعلنا من هذه الأمة؟! هل كنا على مستوى هذا التكريم؟! هل أعطينا العالم صورة حسنة عن هذه الأمة المحمدية؟! أليس من المأساة أن يقول أحد فلاسفة الغرب المعاصرين: "أحمد الله أنني عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين وإلا لما أسلمت"؟! قرأ عن الإسلام فأعجبه ما فيه فاعتنقه، فلما رأى المسلمين رأى الفارق الكبير بين القرآن والسنة وبين واقع المسلمين. فلا بد أن نحقق في أرض الواقع هذه الخيرية، لا بد أن نحمل هذا الإسلام باطنا وظاهرا، لا بد أن نخرج به من مساجدنا إلى شوارعنا وأسواقنا وبيوتنا، نخرجه من تصورنا وخيالنا إلى عقولنا وقلوبنا، نخرجه من مصاحفنا إلى تعاملنا في كل مجال من مجالات الحياة؛ لنحقق الخيرية التي أرادها الله لنا: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، بماذا؟ بأخوتنا الصادقة، بتراحمنا وتعاوننا، بإخلاصنا وصدقنا، بالخير الذي نزرعه في كل مكان لينعم أهل الأرض بهذا الإسلام، بمكارم الأخلاق وفضائل السلوك، بالأمان والطمأنينة التي يريدها الإسلام لكل لناس. اللهم وحد كلمتنا، وحقق ألفتنا، وأعل رايتنا، وأصلح ذات بيننا، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة...
| |
|