molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: بعض سمات المنافقين - عبد الله بن حمد السكاكر/ بريدة الثلاثاء 24 يوليو - 11:14:59 | |
|
بعض سمات المنافقين
عبد الله بن حمد السكاكر/ بريدة
الخطبة الأولى عباد الله، إن من سنة الله الماضية وقدره السابق أن يبتلي عباده المؤمنين بأنواع البلايا، وذلك ليميز الله الخبيث من الطيب، فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:3]، وليفاوت سبحانه وتعالى بين عباده المؤمنين في الدرجات، كلّ حسب إيمانه وثباته وعمله. وإن مما ابتلى به عباده المؤمنين تسلّط أعدائهم من الكفرة والمنافقين، فما يزال الصراع بين المؤمنين وأعدائهم قائمًا حتى قيام الساعة، وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]. عباد الله، إن عداوة المنافقين أشد من عداوة الكافرين، ذلك أنهم مندسّون في الصفّ، يعيشون بين ظهرانينا ويتسمّون بأسمائنا ويصلون خلف أئمتنا ويطّلعون على أسرارنا، وهم مع ذلك محكومون بما يكرهون، عاجزون عن إظهار ما يعتقدون، فعداوتهم أشد وسلاحهم أمضى. إخوة الإيمان، ولما كانت عداوة المنافقين أشدّ وضررهم أعظم وكان المؤمن مأمورًا بإحسان الظن وبمعاملة الناس بظواهرهم وأن يكل سرائرهم إلى الله سبحانه وتعالى جلّى الله سبحانه وتعالى المنافقين بأوصافهم وسماتهم حتى لا يخدع بهم أهل الإيمان. لقد تكاثرت الآيات التي تخبر المؤمنين بصفات أهل النفاق حتى كان المنافقون يحذرون كلما أضمروا كيدًا أن يفضحهم القرآن، يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ [التوبة:64]. لقد وصفهم الله سبحانه وتعالى في كتابه حتى كان المؤمن يعرفهم بكلامهم لا يشك فيهم: وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ [محمد:30] عباد الله، إن للمنافقين من التخفي والتلون ما يجعلُ المؤمن مأمورًا بالتعرف عليهم حتى لا يخدع بهم ولا يغتر بكلامهم، ولا سبيل للتعرف عليهم إلا من خلال ما قصّه الله سبحانه وتعالى علينا من أوصافهم. فمن أوصافهم في القرآن الكريم أنهم يتخفّون خلف دعاوى الإصلاح والإحسان، فإنّ بالمنافقين من صفاقة الوجه وقلّة الحياء ما يجعل الواحد منهم يسعى إلى الفساد بكل حيلة وينقض عرى الإسلام عروة عروة إن استطاع، فإذا قيل له: اتق الله رفع عقيرته بدعوى الإصلاح: إنني أريد خيرَ الأمة وصلاحها وتقدّمها وازدهارها. فالذين بنوا مسجد الضرار على عهد رسول الله لما ظهر أمرهم وفضحهم القرآن أخذوا يحلفون لرسول الله أنهم ما أرادوا إلا الخير، وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [التوبة:107]. إن من يشيع الفتن في المؤمنين ويحارب تعاليم الدين ويسعى في مسخ الأمة وتغريبها وإشاعة الفاحشة في أبنائها وبناتها منافق ولو صرخ بأعلى صوته أنه مصلح، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ [البقرة:11، 12] إخوة الإيمان، ومن صفاتهم التي وصفهم بها القرآن الكريم أنهم دعاة فتنة وفرقة بين المؤمنين، فسعيهم حثيث وحرصهم شديد على فرقة المؤمنين وتناحرهم، وذلك ليضعف أهل الإيمان وتكون الدائرة لهم، قال الله سبحانه وتعالى: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ لَقَدْ ابْتَغَوْا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ[التوبة:47، 48]، وقال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ[التوبة:107]. إن من سمات المنافقين سعيهم بين المؤمنين أو بين المؤمنين وولاة أمرهم بأسباب الفرقة والخلاف وإغراء العداوة وإيغار الصدور، فلا صلاح لهم إلا بضعف أهل الإيمان. إن الفرقة بين المؤمنين أو بين المؤمنين وولاة أمرهم لا مصلحة فيها إلا لأعداء الأمة من الكفرة وأهل النفاق. وقد يلبس المنافقون فتنتهم وسعيهم بالشر بين المؤمنين بلباس النصيحة والشفقة، أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ [البقرة:12]. إخوة الإيمان، ومن سماتهم التي وسمهم القرآن بها وصفاتهم التي وصفهم الله بها أنهم إذا ضاقت بهم الحيل وانكشف أمرهم بادروا إلى الأيمان الكاذبة والدعاوى الفاجرة، فمن يكذب في إسلامه لا يعجزه أن يكذب في يمينه، قال الله سبحانه وتعالى: اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [المنافقون:2]. وحين انكشف أمر مسجد الضرار فزعوا إلى الأيمان الكاذبة، وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [التوبة:107]. وحين رجع رسول الله من غزوة تبوك بادر المنافقون رسول الله بالأيمان الكاذبة يستدفعون غضبه، فوقعوا في غضب الله سبحانه وتعالى، سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنْ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [التوبة:95، 96]. عباد الله، ما أشبه الليلة بالبارحة، فدعاة الفساد والمروّجون للرذيلة والفاحشة ومثيرو الفتنة بين المؤمنين وبين المؤمنين وولاة أمرهم كلّما تكشف أمرهم بادروا إلى ادعاء النصيحة والإصلاح، وشفعوا دعاواهم الكاذبة بالأيمان الفاجرة، فصدق الله العظيم: وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد:30]. اللهم نوّر بصائرنا حتى نعرف أعداءك فنعاديهم، وأوليائك فنواليهم، وصراطك المستقيم فنسلكه يا رب العالمين. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الذكر الحكيم.
الخطبة الثانية ثم أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنين، واعلموا أن ربكم سبحانه وتعالى قد أمركم بما أمر به نبيَّكم، وقد أمر نبيّكم بجهاد المنافقين: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ[التحريم:9]. وإن جهاد المنافقين لا يتمّ إلا بمعرفتهم، ولا سبيل إلى معرفتهم إلا بالتعرّف على أوصافهم في القرآن الكريم الذي نزل من عند حكيم عليم، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19]. عباد الله، ومن أخطر أوصاف المنافقين التي وصفهم بها القرآن الكريم أنهم كهفٌ لأعداء الدين والملة وفئة للكفار، يتّصلون بهم ويوالونهم ويستقبلونهم، ويسعون لتحقيق أهدافهم، فقد بنى المنافقون مسجد الضرار ليكون مرصادًا لمن حارب الله ورسوله، يجتمع فيه المنافقون، ويأرز إليه كلّ من شرق بهذا الدين، فيخططون للفتنة والإفساد، قال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ [التوبة:107]. قال البغوي رحمه الله عند قوله سبحانه: وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ: "أي: انتظارًا وإعدادًا لمن حارب الله ورسوله" اهـ. إن من يدعو أعداء الأمة إلى بيته أو مكتبه ليكشف لهم أسرار الأمة ومَواطن ضعفها وليمالِئهم على الكيد لها والتخطيط لإفسادها أو يدعو أعداء الأمة للضغط عليها وإرغامها على ما يريد من الفساد أو يسعى للاتصال بأعدائها في الخارج ليطلِعهم على مواطن ضعفها ويعِدهم بالنصرة، كل ذلك علامة على نفاق وفساد باطن وإن حلف الأيمان المغلظة وادعى النصح والإصلاح، فالله يشهد إنهم لكاذبون. عباد الله، ومن صفات المنافقين في القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى بظلمهم وفسقهم وكفرهم بعد إيمانهم قد طمس بصائرهم وطبع على قلوبهم، فلا تنفعهم المواعظ، ولا تحرّكهم الزواجر، ولا تؤثّر فيهم المثلات، قال سبحانه وتعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3]، وقال سبحانه: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [التوبة:87]. والطبع ـ إخوة الإيمان ـ هو أن تختم قلوبهم وتغلق فلا تدخلها المواعظ ولا تنفعها الزواجر. إن القرآن الذي جعله الله هدى وشفاء للمؤمنين لا يزيد هؤلاء المنافقين إلا كفرًا ونفاقًا، قال الله سبحانه وتعالى: وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:124، 125]. أخي المؤمن، حين تقرأ هذه الآية يذهب عنك العجب من قسوة قلوب هؤلاء المنافقين، يشيب عارضا أحدهم في بلاد الإسلام ويقرأ القرآن والسنة ويطّلع على كلام أهل العلم ويناصِحه العلماء وأهل الدين فلا يزيده ذلك إلا رجسًا ونفاقًا، قد أظلم قلبه وطمست بصيرته، نعوذ بالله من حال الأشقياء. عباد الله، إن من ظهر شرّه وبان إفساده اتهمناه وحَذِرنا وحَذَّرنا منه ووكلنا سريرته إلى الله، فهو الذي يتولى السرائر. اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل، وأعذنا برحمتك من حال أهل الزيغ والفساد، اللهم افتح قلوبنا لأهل طاعتك، وبصرنا بأعدائك، وأعذنا برحمتك من الهوى والشيطان. اللهم إنا نعوذ بك أن نقول زورًا، أو نغشى فجورًا، أو أن نطعن في أحد من المؤمنين يا كريم...
| |
|