molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: ثمرات الأولاد- عبد الكريم بن صنيتان العمري / المدينة المنورة السبت 21 يوليو - 8:17:15 | |
|
ثمرات الأولاد
عبد الكريم بن صنيتان العمري / المدينة المنورة
الخطبة الأولى لقد خلق الله تعالى الحياة الدنيا لعمارة الأرض وفقًا لشريعته حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وخلق الناس ليعمروها ويستغلوها، ويستخرجوا ما أودع الله فيها من الخيرات وما حوته من المنافع والطيبات، وكانت عمارتها تقتضي وجود هذا الإنسان إلى يوم القيامة، ولأن الله تعالى حدّد الأعمار، وجعل لكل نفس أجلاً ونهاية، فإن حفظ النسل كان ضرورة من ضرورات الحياة. وشرع الله تعالى الزواج الذي من أهم مقاصده بقاء النوع الإنساني على وجه سليم، ولو لم يشرع الزواج لأدى ذلك إلى فناء الإنسان وذهابه. لقد علم رسول الله أن لهذا الدين أعداء يقفون له بالمرصاد، لذلك رغَّب في تكثير نسل أمته؛ ليكاثر به ويباهي، وكره أن يتزوج المسلم عقيمًا، ولو كانت امرأة ذات منصب وحسبٍ، فقد جاء رجلٌ إليه، فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ امرأة ذات منصب وحسبٍ إلا أنها لا تلد، أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، وقال: ((تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)) رواه أبو داود، فقد حث على الزواج بالمرأة ذات الود والحب لزوجها، اللطيفة في معاملته التي تلد كثيرًا. وقد نبه العلماء على أن النهي عن نكاح العقيم ينبغي أن لا يؤخذ على أنه نهي تحريم، بل إما أن يكون للكراهة بأن يقتصر الرجل على الزواج بها قاصدًا كراهة إنجاب الأولاد، وقد يحرم ذلك عليه؛ لأن من أهم مقاصد الزواج التناسل. وإما أن لا توجد الكراهة، بل يستحب له أن يتزوجها إذا قصد إعفافها، وكان عنده غيرها من الزوجات المنجبات. وكذلك إذا كان الرجل عقيمًا، فلا يكره أن يتزوج عقيمًا مثله؛ لاتفاقهما في تلك الصفة، وقد تكون كراهة الرسول زواج ذلك الرجل من المرأة العقيم لما ظهر من طمعه في الحسب والمنصب، ولم يذكر أنه أرادها لدينها أو لإعفافها، ولو حُمل نهيُ رسول الله على التحريم في كل حال لبقيت العقيم محرومة من الزوج الذي يُعفها، وليس ذلك من مقاصد الشريعة الإسلامية. إن بعض المسلمين قد يرغبون عن الزواج لقصد الإكثار من الطاعة، فيبدؤون في العزوف عنه، وقد بدأ ذلك يظهر في عهد النبي حين جاء ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم يسألون عن عبادته ، فلما أُخبِروا بها كأنهم تقالّوها، فقال أحدهم: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فأنكر النبي عليهم ذلك وقال: ((من رغب عن سنتي فليس مني)) متفق عليه. بل إن بعض الصحابة في حادثة أخرى جاء يستأذن النبي في التبتّل والانقطاع للعبادة، وكان وراء المستأذن من ينتظر الجواب، فلو أذن لهم لأماتوا شهوة النكاح، ولكنه الذي كان يحب بقاء النسل ويدرك مقاصده الشرعية أوصد عليهم الباب ومنعهم من ذلك. وبيّن في أحاديث كثيرة حرصه وحثه أمته على الزواج، وكراهة تركه والزهد فيه، مع أن الذين يفضلون العزوف عن الزواج يكون عددهم في الغالب قليلاً، ولكنه حرص أن لا يوجد هذا في أمته أصلاً. لقد بينت الشريعة الإسلامية المصالح والفوائد التي تعود على الوالدين من أبنائهم نتيجة حفظهم النسل وحرصهم على كثرة الولد، فقد قرن الله تعالى حق الوالدين بحقه، وفي ذلك بيان لعظم حقهما وكبير فضلهما؛ إذ هما السبب بعد الله تعالى في وجود الولد في هذه الحياة، فترى الأولاد يقرون ويعترفون بفضل والديهم وحقهم، فيبرون بهم، ويقدمون رغبات آبائهم وأمهاتهم على رغبات أنفسهم. ثم تمتد مصالح الوالدين لأولادهما في الآخرة، فإنَّهما إذا انتقلا إلى جوار ربِهما وقد خلَّفا أولادًا صالحين، فيكون لهما مثل أجور أولادهما، من غير أن ينقص من أجور الأولاد شيء، فهما مَيِّتان والأعمال الصالحة تدوّن في ميزان حسناتهما بسبب أولادهما الصالحين، وبخاصة الدعاء لأبويهم، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) رواه مسلم. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا هذه الأشياء الثلاثة؛ لكونه كان سببها، فإن الولد من +به، وفي الحديث أيضًا فضيلة الزواج لرجاء ولد صالح". ومن محاسن الأولاد أنهم إذا ماتوا قبل آبائهم فصبر الآباء واحتسبوا أثابهم الله تعالى على ذلك، فعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله : ((إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولدَ عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حَمِدك، واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسمّوه بيت الحمد)) رواه الترمذي وابن حبان، وقال : ((يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضتُ صَفِيّه من أهل الدنيا ثم احتسبهُ إلا الجنة)) رواه البخاري. كذلك من النفع العائد على الوالدين من أولادهما شفاعتهم لهما يوم القيامة، فقد ورد في صحيح مسلم أن الصغار يتلقون آباءهم في الجنة حتى يدخلهم الله وآباءَهم الجنة. فأيّ ترغيب يبلغ هذا المبلغ ببركة النسل والذرية الناتجة عن الزواج، فإذا رُزق الوالد ولدًا وجب عليه بِرُّه والإحسان إليه، وإذا مات الوالد قبل الولد كان له مثل عمل ولده من الخير. إن على المسلم أن يسعى في أسباب حصول النسل، ويحافظ عليه، ويعمل على استمراره، عبادة لربه وطاعة له ورغبة في ثوابه واتباعًا لهدي رسوله ، ولذلك يسعى إلى الزواج، ويحرص عليه، ويُرغب فيه، ويُسهِّل أموره، ولا يقف حجر عثرة في طريق زواج ولده أو ابنته أو أحد من أقاربه وإخوانه المسلمين، بل يدعو إلى الزواج، ويعين عليه ولو بكلمة طيبة من شأنها أن تجمع بين رجل وامرأة يُنشئان بيتًا مسلمًا، تخرج منه أسرة صالحة تعبد ربَّها، وتعرف حقَّ الله عليها، وتسهم في نفع مجتمعها.
الخطبة الثانية لم ترد.
| |
|