molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: التدخين والعرض - عبد العزيز بن فهد الريس / الحائر الأحد 5 فبراير - 4:40:27 | |
|
التدخين والعرض
عبد العزيز بن فهد الريس / الحائر
الخطبة الأولى
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي الموجبة لرحمته والمنجية من سخطه وأليم عقوبته، من حققها فاز ونجا، ومن ضيعها خرج من دائرة أهل العقول السليمة والحجا.
أيها المسلمون، نقضي الآن في هذا المسجد أوقاتًا فاضلة، نؤدّي فيها بخشوع وطمأنينة عبادة وشعيرة جليلة هي صلاة الجمعة، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يشملنا ذلك الوعد الذي أخبر عنه الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بقوله: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)). فما أيسر هذا العمل على من يسره الله عليه! وما أجزل ثوابه من الكريم سبحانه! سكينة تتنزل، ورحمة تغشى، وملائكة تحف، ورب كريم رحيم يذكر، نسأل الله الكريم من فضله.
أيها المسلمون، كرّم الله تعالى بني آدم أيما تكريم، وفضلهم على كثير من خلقه تفضيلاً، قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا. وأول إنسان خلقَه الله تعالى بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. وحبا الله تعالى الإنسان عقلاً يعرف به الضار من النافع، ويميز به الطيب عن الخبيث، فالعاقل من يترك كل شيء يعود عليه بالضرر في دينه ودنياه ويقبل على ما ينفعه.
أيها المسلمون، من الناس من ينهمك فيما يضرّه في دينه ودنياه، ولا يعتبر، ولا يتوب مما يسمعه ويراه، وللأسف فقد شاع بين بعض المسلمين داء فتّاك ومرض عضال، يفتك بدين العبد ونفسه وعقله وعرضه وماله، ذلكم هو داء التدخين عافانا الله وإياكم منه.
عباد الله، إن هذا الشر الوارد إلينا من أعدائنا لا يجوز لنا السكوت عنه، لا سيما ونحن نرى ضحاياه يتساقطون في كل يوم وليلة، فهذا مصاب بسرطان في بدنه، وذاك مصاب بتصلّب في شريان قلبه، وآخر يسعل ليل نهار، ناهيكم عن اسوداد في الوجه وشحوب في اللون والهيئة، فمٌ رائحته كريهة، وأسنان تئنّ من سموم تعلق بها، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أمراض في الدنيا وأوزار في الآخرة، وصدق القائل:
لقد أسمعت لو ناديت حيًا ولكن لا حياة لمن تنادي
فيا عباد الله، هل من وقفةٍ صادقة ناصحة مع أنفسنا المقصّرة؟! من عوفي فليكثر من حمد الله وليجتهد في التحذير من هذا الداء ومناصحة من وقع فيه بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن ابتلي فعليه أن يترك هذا الداء بلا تردّد، وأن يسأل الله تعالى أن يعينه، فهو جل وعلا مَن أمَرَه بالتوبة عاجلاً غير آجل، ووعده بالمغفرة والأجر العظيم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، والصلاة والسلام على خير من صلى وصام وأناب، وعلى آله والأصحاب، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الحساب.
أيها المسلمون، نعرف جميعًا أن التدخين محرّم وخبيث، ويسبب الأمراض الخطيرة، لكن ثمةَ أمر يجهله الكثيرون، وهو أن المدخن قد يجلب على نفسه العار ويساهم في الاعتداء على عرضه علم أم لم يعلم. نعم، إنها حقيقة مرّة يجب أن نصدع بها. احذر أيها المدخن؛ عرضك في خطر وأنت السبب وإليك البراهين:
أولاً: أنت قدوة لأبنائك وأقاربك الصغار، فإذا رأوك تدخّن فإنهم حتمًا سيقلدونك، ومن شابه أباه فما ظلم، ثم ما النتيجة؟! طفل لم يحتلم أو شابّ مراهق ابتلي بالتدخين لا شك أن رفقاءه الطيّبين سينفرون منه ويجتنبونه خوفًا على أنفسهم، وسيلتفّ عليه أصدقاء السوء ومن هم أكبر منه سنًا، ولا تسأل عما سيحصل بعد ذلك، عافانا الله وإياكم.
ثانيًا: كل عاقل يسعى لتطبيق وصية الرسول عليه الصلاة والسلام بالاقتران بالمرأة الصالحة ذات الدين، فقد روى الإمام مسلم عن النبي أنه قال: ((تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)). والمدخن يصعب عليه أن يقترن بذات الدين؛ لأنها غالبًا لا تقبل به، فيدفعه ذلك إلى الزواج من امرأة أقلّ دينًا، فينع+ ذلك على أخلاق الأولاد وتربيتهم؛ مما يتسبب في انحرافهم ووقوعهم في الشرور والرذائل، عافانا الله وإياكم.
ثالثًا: المدخن ـ يا عباد الله ـ معرّض للوقوع في داء المخدّرات، فلا يوجد مدمن إلاّ وكانت بدايته مع التدخين، ثم تردّى حتى صار مدمنًا، والمدمن لا همّ له ولا شغل إلا الحصول على جرعة من المخدر تعيد إلى جسمه التوازن، أما أهله وعرضه فلا يسأل عنهم إلا نادرًا إن سأل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عباد الله، صيحة تحذير ونصيحة مشفق من أخ لإخوانه: احذروا هذا الداء الوارد إلينا من الأعداء، وليسعَ كلٌّ منا في محاربته ومكافحته؛ لعل الله أن يدفع عنا شره وضرره ويستبدلنا خيرًا منه، إنه خير من سُئل وأجود من أعطَى وأكرم من قُصِد، هو حسبنا ونعم الوكيل.
عباد الله، إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، وأيّه بالمؤمنين من جنِّه وإنسه، فقال عز من قائل كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسلك محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين...
| |
|