molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: وجوب التمسك بالسنة - عبد العزيز بن فهد الريس / الحائر الأحد 5 فبراير - 4:39:46 | |
|
وجوب التمسك بالسنة
عبد العزيز بن فهد الريس / الحائر
الخطبة الأولى
أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي الموجبة لرحمته والمنجية من سخطه وأليم عقوبته، من حققها فاز ونجا، ومن ضيعها خرج من دائرة أهل العقول السليمة والحجا.
أيها المسلمون، نقضي الآن في هذا المسجد أوقاتًا فاضلة نؤدي فيها بخشوع وطمأنينة عبادة وشعيرة جليلة هي صلاة الجمعة، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يشملنا ذلك الوعد الذي أخبر عنه الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بقوله: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)). فما أيسر هذا العمل على من يسره الله عليه! وما أجزل ثوابه من الكريم سبحانه! سكينة تتنزل ورحمة تغشى وملائكة تحفّ ورب كريم رحيم يذكر، نسأل الله الكريم من فضله.
أيها المسلمون، إن من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل لهم قدوات يتأسون بهم ويتبعونهم فيما يفعلون ويتركون، فالناس يتطلعون لتقليد واتباع من هم أعلى منهم منزلة وأكبر منهم سنًا. وهذا الأمر ـ أعني التقليد ـ يبدأ منذ ولادة المولود كما يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي يرويه البخاري في صحيحه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))، فلا بد للعبد أن يختار له قدوةً صالحة يقلدها حتى ينجو ويفوز ويفلح.
أيها المسلمون، المغبون الخاسر من يقلّد أهل الهوى والشبهات والشهوات ويسير في ركب إبليس الذي ينتهي في نار تلظى، حمانا الله وإياكم، يقول الله تعالى: وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [إبراهيم: 21، 22].
فهذه الخطبة التي خطبها إبليس كبير العصاة وقدوتهم الذي قام خطيبًا في أتباعه وعلى رأسهم شياطين الجن والإنس، قام فيهم في جهنم بعدما رأوا العذاب ومسهم منه ما مسهم، فأعلن براءته منهم، فالعاقل الذي يتبرأ من إبليس الآن قبل أن يعلن إبليس براءته منه في جهنم عياذًا بالله.
أيها المسلمون، لا يعذر التابع بتقليده للمتبوع؛ لأن الله جل وعلا جعل لكل عبد عقلاً وفطرة سليمة يختار بها من يقلده ويتبعه، ولا يوجد على هذه الأرض من يستحقّ الاتباع المطلق إلا النبي عليه الصلاة والسلام كما يقول جل وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21]. الله أكبر! أسوة حسنة في عقيدته وتوكله، وأسوة حسنة في عبادته وتبتله، وأسوة حسنة في خلقه وتعامله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى أصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
فاللهم ارزقنا اتباعه والتمسك بسنته حتى نلقاه على حوضه المورود، فيسقينا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدًا.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كلّ ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله العلي الأكرم، والصلاة والسلام على خير قائد ومعلم، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله، من أراد النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة فليتمسك بسنة النبي عليه الصلاة والسلام التي هي الأصل الثاني من أصول دين الإسلام بعد كتاب الله تعالى، وقد أمرنا الله جل وعلا بطاعة النبي عليه الصلاة والسلام، ووعدنا بالرحمة إن نحن فعلنا ذلك، قال سبحانه: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران :133]، وقال تعالى: مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [النساء: 80]. وحذرنا جل وعلا من مخالفة أوامر نبينا عليه الصلاة والسلام كما في قوله تعالى: فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63]. فطاعته عليه الصلاة والسلام واجبة على الأمة، ومعصيته قد تحرِم العبد من دخول الجنة، كما روى البخاري في صحيحه أن النبي قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى))، قيل: يا رسول الله، ومن يأبى؟! قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)).
فيا عبد الله، تمسك بسنة رسول الله، ولا تغتر بدعوة فلان ولا دعوة علان، انظر فيما حولك، فما وافق السنة فاقبله، وما خالفها فلا تلتفت إليه، فالباطل باطل وإن زخرِف وكثُر أتباعه، والحق حق وإن شوّهت صورته وقلّ مناصروه.
عباد الله، إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، وأيه بالمؤمنين من جنّه وإنسه، فقال عز من قائل كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسلك محمد وعلى آله وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحبة أجمعين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين...
| |
|