molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: جريمة الزنا - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض الجمعة 3 فبراير - 4:55:08 | |
|
جريمة الزنا
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض
الخطبة الأولى
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن من الجرائم التي حرمها الله في كتابه وحرمها رسوله في سنته وأجمع المسلمون على تحريمها جريمةَ الزنا، فجريمة الزنا من أعظم الجرائم، هي من كبائر الذنوب، هي تلي في المفسدة قتلَ النفس بغير حق، وقد دل القرآن ودلت السنة على تحريم تلك الجريمة.
ذلكم ـ يا عباد الله ـ أنها تنافي نظام مصلحة العالم، من حفظ الأنساب، وصيانة الفروج، والبعد عن محارم الله، وهي تدل على قلة الدين، وضعف الورع، وفساد المروءة، وانحراف الفطرة السوية، قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء:32]، فأخبر تعالى عن فحش الزنا في نفسه، وهو ما انتهى قبحه، وأخبر عن سبيله، وهو سبيل بوار وبلاء وفقر وضعف للإيمان وقلة التقوى والخوف من الله.
أيها المسلمون، إن الله حرم هذه الجرائم حفظاً للأمة من الضياع، فإنه ـ والعياذ بالله ـ بانتشار هذه الجريمة تختلط أنساب الناس وتضيع، ولا يألو أحد على أحد، ينتقض البناء، ويصبح الإنسان لا يدري الأب له من الأم، فتضيع الأمة، ويحصل البلاء والفساد، ولهذا حرمها الله في كتابه بآيات بيناتٍ محكمات قال تعالى: ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ [النور:2-3]، حُرِّم الزنا، وحُرم نكاح الزانيات على المؤمنين، فإن المؤمن طيب لا يليق به إلا الطيبات من النساء، ٱلْخَبِيثَـٰتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَـٰتِ وَٱلطَّيّبَـٰتُ لِلطَّيّبِينَ وَٱلطَّيّبُونَ لِلْطَّيّبَـٰتِ أُوْلَـئِكَ مُبَرَّءونَ مِمَّا يَقُولُونَ [النور:26].
أيها المسلمون، وقد أخبر الله عن عذاب الزاني والزانية، وأن عذابهما أليم، فذكر الشرك بالله والقتل والزنا، قال تعالى: وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ، تلك في صفات عباد الرحمن، وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهَا ءاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَـٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـٰلِحاً فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَـٰلِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً [الفرقان:68-71]. فأخبر عن عذاب الزاني بقوله: وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَـٰعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ، ما لم يرفع العبد موجب ذلك بالتوبة النصوح والأعمال الصالحة.
ويقول : ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن))[1]؛ إذ لو كان الإيمان قوياً لمنعه من ممارسة تلك الفاحشة الشنعاء، وأخبر أن فشو الزنا إنما يكون قربَ الساعة ودليل على فساد الأمة، يقول : ((لا تقوم الساعة حتى يقل العلم ويثبت الجهل ويُشرب الخمر ويظهر الزنا))[2]، وأخبر أن الزاني إذا زنى انتزع الإيمان منه كما يخلع الرجل قميصه[3]، كل ذلك دليل على قبح هذه الفاحشة وشناعتها.
أيها المسلم، إن هذه الفاحشة الشنعاء ضررٌ على الإنسان في نفسه، وضررٌ على المزني بها، وضررٌ على المجتمع بأسره. فهذا الزاني تعدى حدود الله، ولم يكتفِ بما أباح الله له، بل تعدى ذلك إلى ما حرم الله عليه، فإن الله جل وعلا أمره بالاقتصار على ما أباح له من النساء، فقد تعدى حدود الله، وجاوزها من الحلال إلى الحرام، فضعف الإيمان من قلبه، وأصبح مفسداً لغيره، فاسداً في نفسه.
ثم المزني بها قد ظلمها وأساء إليها وقضى على شرفها وعفتها وكرامتها، إنها المرأة المُعَدَّة لتربية الأجيال، والمهيَّأة لأن تكون راعية على بيتها، وإذ أفسد عرضها ذلك المجرم، وقضى على عفتها وشرفها، فمن يثق بها بعد ذلك؟! إنها تصبح امرأة لا قيمة لها في مجتمعها، ولا يُركن إليها، ولا يُطمأن إليها، بل ذلك الذي زنى بها لو عُرض عليه الزواج بها لكانت نفسه تنفر منها، ولا يريدها؛ لأنه شعر أنها امرأةٌ ليس عندها انضباط في نفسها، قضى وطره منها، ثم هي أبغض النساء إليه. إذاً فقد سعى في القضاء عليها وعلى كرامتها، ولوّث سمعتها، وأساء إليها وإلى أهلها وأسرتها، فقد ارتكب إثماً وجرماً كبيراً.
ثم هو سبَّب إيقاع العداوة والبغضاء، فربما ـ والعياذ بالله ـ انتُقم منه، وأشعل نار الفتنة بينه وبين أهل تلك الفتاة، فصارت جريمةً عظيمة يتعدى ضررها وشرها، وتلك المرأة التي أفسد كرامتها تبقى حسيرةً ملوَّثة السمعة بما أقدمت عليه من تلك الجريمة التي زينها ذلك المفسد الذي أفسد كرامتها وقضى على عرضها.
ثم إن جريمة الزنا ضررها بعد الزاني والمزني بها ضررٌ على المجتمع بأسره، نعم إنه ضرر على المجتمع، وأي ضرر أعظم من إيجاد طبقة من البشر لا يعرفون مَنِ الأبُ ومَن الأمُ، يعيشون بين الناس وهم لا ينتسبون لأحد، ولا يؤمون بيتاً معيناً، وإنما هم كلٌّ على مجتمعهم إن لم يتداركهم الله بتربية وتوجيه سليم، وإلا أصبحوا عالة على المجتمع من حيث التربية، من حيث الإنفاق، من حيث الرعاية.
والواقع أن هذه النُّطَف لا يسلم المجتمع من شرها، فإنها تحقد على المجتمع المترابط، وتنظر إليه نظرةَ الحاقد على هذا المجتمع، ينظر فيرى هذا يعرف أباه، ويعرف أمه، ويعرف أعمامه وأخواله، وهذا المسكين لا يعرف شيئاً من ذلك، فيمتلئ قلبه غلاً على هذا المجتمع، فيسعى في الفساد والإفساد إن لم يتداركه الله بمن يوجهه ويربيه.
إذاً هذا الزاني قد ألقى نطفة وكوّن إنساناً لا يعرف له أباً ولا أماً، ولا من يرعاه، ولا من يقوم بكفايته، ولا من يتولى شأنه، وينشأ على هذه النشأة في حقد على المجتمع، وسخطٍ على المجتمع، لما أوقعت تلك الجريمة ذلك الإنسان فيما أوقعته فيه.
أيها المسلمون، إن الله جل وعلا مدح المؤمنين بقوله: وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَإنهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَاء ذٰلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ [المعارج:29-31]. فالزاني فاته وصف الفلاح، ووقع في اللوم، واتصف بالعدوان؛ لأنه تعدى إلى ما حرم الله عليه، والله جل وعلا جعل هذه الفروج محفوظة إلا بالعقد الشرعي وملك اليمين، حتى لا يجاوز العباد ما حُدَّ لهم.
أيها المسلمون، جاء شاب إلى النبي يستأذنه في الزنا يقول: يا رسول الله ائذن لي في الزنا، جاهلٌ تحريم الزنا أو يعلم التحريم، ولكن يرى أن له ظروفاً ربما تبيح له الزنا، فدعاه النبي وقال: ((يا هذا، أترضى بالزنا لأمك؟!)) قال: لا، قال: ((والناس لا يرضونه لأمهاتهم، أترضاه لزوجتك؟!)) قال: لا، قال: ((والناس لا يرضونه لزوجاتهم، أترضاه لابنتك؟!)) قال: لا، قال: ((والناس لا يرضونه لبناتهم، أترضاه لعمتك؟!)) قال: لا، قال: ((والناس لا يرضونه لعماتهم، أترضاه لخالتك؟!)) قال: لا، قال: ((والناس لا يرضونه لخالاتهم))، ثم إنه ضرب صدره وقال: ((اللهم أعفه وحصنه وطهر قلبه))، قال رضي الله عنه: فما هممت بفاحشة بعد ذلك[4]. إنه أراد أن يقرر له أنك تنصف من نفسك، فإذا كنت لا تريده لبناتك وأخواتك وعماتك وخالاتك وأمهاتك وزوجاتك وتراه شناعة وقبحاً، إذاً فعامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به، هكذا المسلم يستقيم على الحق، ويرضى لإخوانه ما يرضى لنفسه.
أيها المسلمون، إن الله جل وعلا لما حرم الزنا حرم كل وسيلة تفضي إليه، وكل وسيلة تقرب إليه، وكل ذريعة تجعل المسلم يقع فيه.
فأولاً: أمرنا بغض البصر رجالاً ونساءً فقال: قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ % وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ [النور:30-31]. فغضك بصرك عن النظر إلى ما حرم الله عليك النظر إليه سبب لسلامة قلبك، وإطلاقُك بصرَك لتنظر لكل امرأة مرت بك حري بأن يوقع في قلبك حب الفاحشة والسعي إليها، ولذا النبي لما سأله رجل جاءه قال: ((لك الأولى، وليست لك الثانية))[5].
ثانياً: أمر الله بالحجاب، وأمر المسلمة بالحجاب: يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لأَزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59]، وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَـٰعاً فَٱسْـئَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، وتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: حججنا مع رسول الله ، فكان الرجال يمرون بنا، فإذا حاذونا أرخت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا فارقونا كشفت ذلك.
وثالثاً: نُهيت المرأة عن السفر بلا محرم خوفاً عليها من تسلط أيدي الفساق عليها وحماية لكرامتها، فيقول : ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم))[6].
رابعاً: حرم رسول الله على المسلم أن يخلو بالأجنبية التي ليست من محارمه فيقول: ((ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان))[7]، وقال: ((إياكم والدخول على النساء))، قال رجل: أرأيت الحمو؟! قال: ((الحمو الموت))[8]، أي: قريب الزوج.
وخامساً: حُرِّم على المرأة أن تخضع بالقول في مخاطبتها الرجل فقال تعالى: فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً [الأحزاب:32].
وسادساً: منعت المرأة من التبرج والتعطر والخروج في الأسواق متعطرة متبرجة؛ لأن ذلك يسبب تسلط الفساق عليها، فالمرأة المسلمة التي تريد المحافظة على كرامتها وشرفها ودينها قبل كل شيء، عليها إن خرجت للأسواق أن تتقي الله في ملبسها، فلا تلبس ما يكون سبباً لإثارة الفتنة، وإنما تتقي الله في لباسها، وتراقب الله قبل ذلك.
وسابعاً: اختلاط الرجال بالنساء، فجريمة الاختلاط من أعظم الجرائم المفضية للزنا، شاء الناس أم أبوا، فإن اختلاط الجنسين يذهب عن القلب الغيرة على المحارم، وربما سببت اللقاءات والاتصالات والمواجهات بين الرجال والنساء إلى تحطّم الحواجز ووقوع المكاره والعياذ بالله، وكلها أمور جاء الشرع بالتحذير منها؛ لأن الشرع إذا حرم الشيء حرم كل وسيلة تفضي إليه وتسبب الوقوع فيه.
فعلى المسلمين جميعاً تقوى الله في أنفسهم، ومراقبة الله في أنفسهم؛ لأن انتشار هذه الجريمة بلاء على المجتمع المسلم، لا شك أنه بلاء ودليل على انحراف الأخلاق والفطر.
فليتق المسلمون ربهم، وليخافوا من ربهم، وليعلموا أن هذه الجريمة جريمة نكراء، تضعف الإيمان، تطفئ نور الإيمان من قلب العبد، فعلى المسلم تقوى الله، والعفة عن ما حرم الله عليه.
وسببٌ آخر أن النبي أمر الشباب بالزواج مع القدرة فقال: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))[9]، والله يقول واعداً من عف عن محارمه أن يهيئ له الزواج: وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النور:33].
أيها المسلمون، إنها كبيرة من كبائر الذنوب، إنها جريمة نكراء، لكن يوفق الله من شاء من عباده فيملأ قلبه إيماناً وقناعة بما أحل الله له، واكتفاء بالحلال عن الحرام، فيعيش أمناً واستقراراً نفسياً وطمأنينة وراحة بال، وأولئك المتعلقون بالشهوات مع هذه وتلك، في ليلهم ونهارهم في همٍّ وغمٍّ للحصول على تلك الجريمة، ومن عافاه الله منها عاش بخير، ولقي الله على خير، أسأل الله لي ولكم الثبات على الحق، والاستقامة عليه، إنه على كل شيء قدير.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه البخاري في المظالم (2475)، ومسلم في الإيمان (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري في العلم (81)، ومسلم في العلم (2671) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بنحوه.
[3] أخرج الحاكم من طريق ابن حجيرة أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الرجل القميص من رأسه).
[4] أخرجه أحمد (5/257)، والطبراني في الكبير (7679)، والبيهقي في الشعب (5415) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه بنحوه، قال الهيثمي في المجمع (1/129): "رجاله رجال الصحيح".
[5] أخرج أحمد (5/351)، وأبو داود في النكاح (2149)، والترمذي في الأدب (2777)، والحاكم (2/194)، والبيهقي (7/90) عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة))، قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك"، وشريك هو ابن عبد الله النخعي فيه مقال، وحسن الحديث الألباني في صحيح أبي داود (1881). وله شاهد من حديث علي عند أحمد (1/159)، والدارمي في الرقاق (2709)، والحاكم (3/133)، وصححه ابن حبان (5570)، وقال الهيثمي في المجمع (8/63): "فيه ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات".
[6] أخرجه البخاري في الحج (1862)، ومسلم في الحج (1341) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
[7] جزء من حديث أخرجه أحمد (1/18)، والترمذي في الفتن (2165)، والحميدي (32) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنحوه، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد رواه ابن المبارك عن محمد بن سوقة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وصححه الحاكم (2/194)، والضياء في المختارة (185)، والألباني في صحيح الترمذي (1758).
[8] أخرجه البخاري في النكاح (5232)، ومسلم في السلام (2172) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه.
[9] أخرجه البخاري في الصوم (1905)، ومسلم في النكاح (1400) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، رتب الله على جريمة الزنا حداً عظيماً، فجعل حد الذي يزني قبل أن يتزوج أن يُجلد مائة جلدة: ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ [النور:2]. فإن الرأفة بهما إقامةُ حد الله عليهما، ليكون ذلك الحد رادعاً لهما في مستقبل أمرهما، وحكم أن يُغرَّب عن وطنه سنة، فعسى أن يكون ذلك سبباً لاستقامته. وإذا زنى بعد الزواج فإن الرسول رجم الزاني فقال: ((لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة))[1].
فحكم على الزاني بحل دمه، وذلك برجمه حتى يموت، فإن ماعزاً زنى وأتى النبي معترفاً بزناه، وقرره النبي أربع مرات، ثم أمر برجمه حتى مات، ورجم امرأتين، ورجم اليهوديين، كل ذلك لأن الرجم سنة رسول الله ، وقد كان قرآناً ثم نسخ لفظه وبقي حكمه في السنة، رجم الزاني المحصن حتى يموت تلك عقوبة له؛ لأنه لم يكتف بما أباح الله له، بل تعدى ذلك إلى ما حرم الله عليه.
فنسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه، وأن يعيذنا وإياكم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأن يحفظنا وإياكم بالإسلام.
أيها الإخوة، كثير من الأفلام الهابطة تسهل أمر تلك الجريمة وتهونها وتدعو إليها، فليحذر المسلم النظر إلى تلك الأشياء، وينبغي أن يكون بعيداً كل البعد عنها، حتى لا تؤثر على فطرته ولا تغير استقامته.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، كل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار.
وصلوا ـ رحمكم الله ـ على عبد الله ورسوله محمد كما أمركم ربكم قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض...
[1] أخرجه البخاري في الديات (6878)، ومسلم في القسامة (1676) واللفظ له من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
| |
|