molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: من وحي قصة نوح- عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الإثنين 19 ديسمبر - 5:41:17 | |
|
من وحي قصة نوح
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى
أما بعد عباد الله إن الله تعالى لم يخلق عباده عبثا ولم يتركهم سدى بل خلقهم لحكمة سامية وغاية عظيمة وهي عبادته سبحانه وإقامة دينه في الأرض وقد بين لهم الطريق إلى ذلك فأرسل الرسل وأنزل الكتب ليبينوا للناس صراط الله المستقيم ويدعوهم إليه ويبشرونهم وينذرونهم ويلفتوا أنظارهم إلى آياته ودلائل وحدانيته سبحانه.
وبينوا ذلك أتم بيان ودعوا إليه أصدق دعوة وبلغوا الرسالة وأدوا الأمانة ونصحوا الأمة وجاهدوا في الله حق جهاده ولقوا في سبيل الله ذلك أصناف الأذى وألوان الابتلاء وأنواع الشدائد قابلوها بثبات منقطع النظير وصبر فاق كل تصور فعليهم صلوات الله وسلامه أجمعين وقد حكى القرآن لنا قصص هؤلاء الرسل وجهادهم في سبيل هذه الدعوة والمنهج الذي سلكوه وما دار بينهم وبين أممهم وأقوامهم من صراع في سبيل هذه الدعوة حتى أظهر الله دينه وأعز جنده ونصر رسله وكانت كلمته هي العليا, وإنك لتقرأ القرآن الكريم وتقرأ قصة رسول منهم في أكثر من سورة فتجد أن لها في كل صورة مقصد ومغزى وحكمة وعبرة وعظة تختلف عن السورة الأخرى وهذا من أعجاز هذا الكتاب الكريم كيف لا يكون كذلك وهو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ومن تتبع آيات القرآن والسنة الصحيحة عن الرسول عليه الصلاة والسلام في قصص هؤلاء الأنبياء رأى العجب العجاب من هذا المنهج القوى وهذه السيرة الطيبة وهذه الدعوى الصادقة إلى دين الله ورأى الحكم والمواعظ ورأى المنهج المستقيم الذي يجب على كل من دعا الله أن يسلكه وأن يتخذه منهجا كيف لا وقد قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر له الأنبياء والرسل قال تعالى: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [الأنعام:90]. وفي هذا الحديث أيها الاخوة وأحاديث أخرى بإذن الله تعالى ومشيئته ستكون لنا وقفات في مواقف من دعوة هؤلاء الرسل عليهم السلام لنستخلص منها أهم العبر والمواعظ ولنرى ذلك المنهج الذي سلكه هؤلاء الرسل صلوات الله وسلامه عليهم هذه العبر والمواعظ علها توقظ النائم وتنبه الغافل وتذكر الناسي وتأخذ بيد الحيران وتتدارك وترد المنحرف وتثبت المستقيم وتكون زادا للسائلين ومنارا للسالكين في هذا السبيل القويم سبيل الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وأولهم نوح عليه الصلاة والسلام بعثه الله ليرد الناس للإيمان بعد أن ظهر الشرك في الأرض لأول مرة.
بعثه الله ليعيد الناس إلى الصراط المستقيم الذي انحرفوا وحادوا عنه وكان أول الرسل عليه الصلاة والسلام دعاهم إلى عبادة الله وحده.
وقبل أيها الاخوة قبل أن نشرع في بيان دعوة الأنبياء والمرسلين ينبغي أن نعلم أمورا هامة:
الأمر الأول أن هؤلاء الرسل عليه الصلاة والسلام كانت دعوتهم إلى توحيد الله تبارك وتعالى وكان توحيده سبحانه أول ما دعوا إليه أممهم: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون [النمل:36]. التوحيد هو أول ما دعا إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام.
الأمر الثاني أن دينهم جميعا هو الإسلام: إن الدين عند الله الإسلام [آل عمران:19]. ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله أصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون [البقرة:130-132]. شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليه وما أنزلنا به إبراهيم وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه [الشورى:13].
الأمر الثالث: أن هؤلاء الأنبياء والمرسلين يؤمن بعضهم ببعض ويصدق بعضهم بعضا ويبشر أولهم بأخرهم: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلك إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين [آل عمران:81].
الأمر الرابع أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة النبوات ورسالته خاتمة الرسالات وناسخة لها وهي رسالة الله للعالمين ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين [الأحزاب:40]. وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا [سبأ:28]. قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جمعيا [الأعراف:158].
الأمر الخامس: أن قصص الأنبياء والمرسلين جاءت في هذا القرآن الكريم عبرة وذكرى ومنهجا وتسلية وتصبيرا للدعاة في دعوتهم وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وكبير الدعاة إلى رب العالمين الذي قال له ربه تبارك وتعالى: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [الأنعام:90]. وأول هؤلاء الرسل نوح عليه الصلاة والسلام الذي بعثه الله ليرد الناس إلى طريق التوحيد إلى صراط الله المستقيم بعد أن ظهر الشرك لأول مرة في تاريخ البشر فقد جاء في الصحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: "كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام" وقد مكثوا على الإسلام والتوحيد تلك المدة ليس للشرك بينهم مكان ولكن الشيطان لم يهدأ له بال ولم يقر له قرار والناس على توحيد الله فزين لهم ولبس واخترع الوسائل وزينها ليوصلهم في نهاية الأمر إلى الشرك والعياذ بالله تعالى فجاء إلى قوم نوح بعد أن مات منهم قوم صالحون وأوحى إليهم وزين لهم أن ينصبوا أنصابا وأن يمثلوا صورا وتماثيل لأولئك الصالحين كما جاء في الصحيح عن ابن عباس رضى الله عنهما عند تفسير قوله تعالى: ولا يغوث ويعوق ونسرا ، قال رضي الله عنه: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح لما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يعلمون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسى العلم عبدت[1] هذه الوسوسة وهذا التزيين جاء إليهم الشيطان في أول الأمر بدافع الاقتداء بأولئك الصالحين ليصوروا صورهم لعلهم يتذكرونهم فيعبدون الله كعبادتهم وبقي على ذلك حتى انقرض هذا الجيل فلما جاء الجيل الذي بعده جاء إليهم وقال: إن من كانوا قبلكم كانوا يعبدون هذه الأنصاب ومازال بهم حتى عبدوها وهذا المسلك يسلكه الشيطان مع كثير من الناس في ذلك الزمن وفي هذا الزمن وفي كل زمن يأتي إليهم أول الأمر بوسائل يندفعون إليها ويحبونها فيقمص الباطل قميص الحق ويلبس البدعة ثوب السنة ويحليها بالتزين والاستحسان ويقدمها إليهم بدافع حسن النية وسلامة المقصد ويدفعهم إليها بذلك حتى يقعوا في الشرك والعياذ بالله هذا هو مسلك الشيطان وما أكثر ضحاياه في كل زمان ومكان. ما أكثر الذين يطيعون الشيطان بدافع الاستحسان إنه يأتي إلى الإنسان من السبيل الذي يندفع إليه ويزين له ويزخرف حتى يوقعه في المعصية ثم يتبرأ منه فبعث الله نوحا عليه الصلاة والسلام ليرد الناس إلى الصراط المستقيم.
ولنا مع دعوته وقفات في مواقف مع هذه الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
الوقفة الأولى في مبدأ دعوته فقد بدأ دعوته بالدعوة إلى توحيد الله حين جاء والناس قد ضلوا عن سواء الصراط ووقعوا في الشرك بالله فكان أول ما قال لهم: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره [المؤمنون:23]. لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم [الأعراف:59]. ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم [هود:25-26]. ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه أن انذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب عظيم قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون [نوح]. أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هذه الدعوة التي كانت بدايتها دعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى دعاهم إلى التوحيد وجاهد في سبيله وهكذا دعوة الأنبياء والرسل كما جاء ذكره وهكذا يجب أن تكون كل دعوة إلى الله تعالى يجب أن تبدأ بدعوة الناس إلى عبادة الله وإلى أفراده في العبادة حتى يستسلم ذلك الإنسان لربه فإذا استسلم قلبه واستسلمت جوارحه أصبح مستعدا لطاعة الله والرجوع إلى منهج الله وما أكثر تقصير الدعاة في هذا الجانب وما أقل اهتمام كثير منهم بهذا الأمر العظيم الذي اهتم به رسل الله وجعلوه مفتاح دعوتهم الوقفة الثانية في منهجه وأسلوبه في دعوته عليه الصلاة والسلام وذلك في أمور أولها التأكيد لقومه بأن هدفه من دعوته حرصه عليهم وحب الخير لهم وإنقاذهم من الهلاك والخوف عليهم من عذاب الله ومقته إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم [الأعراف:59]. إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم [هود:26]. وقطع الطمع عما في أيديهم وبيان أن أجره إنما يطلبه من الله وما أسألكم عليه من أجر إن أجري على رب العالمين [الشعراء:109]. فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله [يونس:72]. ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله [هود:9]. وهكذا ينبغي أن يكون كل داع إلى الله تبارك وتعالى ينبغي أن يقطع طمعه عما في أيدي الناس وأن يرتفع بدعوته من الأرض إلى السماء ليرتفع هو معها لترتفع هذه الدعوة وليرتفع رأسه مع هذه الدعوة كما كان رسل الله عليهم الصلاة والسلام وإن أهم ما ينبغي أن يحرص عليه كل من يدعو إلى الله أن يزهد في الدنيا وأن يزهد عما في أيدي الناس جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا علمته أحبني الله وأحبني الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد في ما في أيدي الناس يحبك الناس))[2]، وكم من دعوة حطمتها الأطماع الدنيئة وضيعتها الأهداف الوضيعة وثانيها أنه عليه الصلاة والسلام رفيقا بقومه متلطفا معهم عله يصل إلى قبول منهم لدعوته وكان يظهر الشفقة والرحمة بهم ويبين لهم في الوقت نفسه حقيقة دعوته وحقيقة نفسه ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذن لمن الظالمين [هود:31]. وهذا كذلك مما ينبغي للدعاة أن يلتزموا به ويحرصوا عليه أن لا يعلقوا الناس بأطماع زائلة ولا بأهداف منقطعة بل يعلقوهم بربهم سبحانه وتعالى ويجعلوا طمعهم واتصالهم به سبحانه وتعالى لأنها دعوة الله وينبغى أن تتعلق الآمال فيها بالله وأن لا تتعلق بدنيا ولا بأحد من أهلها فإن الدنيا وأهلها زائلون وكذلك من أسلوبه ومنهجه في دعوته أنه كان يذكر قومه بنعمة الله عليهم ويلفت أنظارهم إلى آيات الله في السماوات والأرض ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا [نوح:13-16]. إلى آخر تلك الآيات يذكرهم بنعمة الله عليهم ويلفت أنظارهم إلى آيات الله سبحانه في هذا الكون علهم ينتفعوا بذلك ويرجعوا إلى هذا الصراط المستقيم.
والوقفة الثالثة أيها الأخوة في مواقف دعوته عليه الصلاة والسلام صبره العظيم في سبيل هذه الدعوة مع طول هذه المدة طول مدة دعوته فهي كما قال الله تعالى: ألف سنة إلا خمسين عاما كانت هذه الدعوة ألف عامٍ إلا خمسين عاما قضاها نوح عليه السلام صابرا محتسبا في سبيل هذه الدعوة ينوع الأساليب مع قومه ويكرر الدعوة ويواصل الجهاد علهم يقبلون دعوته قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا [نوح:5-9]. هذا الجهاد الطويل سرا وجهرا ليلا ونهارا مع كل ما كان يلاقي من الأذى ومن المهن وفي طول هذه المدة العظيمة كان صبره منقطع النظير يصبر على قومه ويدعوهم طمعا في هدايتهم وكان من أولي العزم الذين أمر الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالتأسي بهم في الصبر فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل [الأحقاف:35]. وما أحوج دعاة الإسلام إلى هذا الزاد العظيم إلى الصبر على دعوتهم فلا يتملكهم اليأس حينما يرون إعراضا من الناس أو يرون أذية أو يرون امتحانا فإن تلك سنة الله في خلقه حتى مع رسله الذين هم صفوة الخلق وأحب الناس إلى الله وأفضل خلق الله عليهم صلاة الله وسلامه.
الصبر أيها الاخوة أهم زاد يتزود به الدعاة وأهم سلاح يتسلحون به وذلك ما فعله نوح عليه الصلاة والسلام. نسأل الله أن نكون من الذين يسلكون هذا السبيل سبيل الدعاة والمرسلين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ومن سائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه البخاري بنحوه كتاب التفسير (4636).
[2] ابن ماجة كتاب الزهد (4154).
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين نحمده تعالى ونشكره أثني عليه الخير كله وأصلي وأسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلوات الله وتعالى عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن هذه الوقفات في هذه المواقف تستحق أكثر وأكثر من هذا الحديث ومن أراد أن يتزود وأن يطلع على هذه السيرة الطيبة فعليه بكتاب الله الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليعلم كيف مشت هذه الدعوة وكيف سارت في أطوارها وكيف تنقلت مع الأنبياء والمرسلين في هذا الصراط المستقيم في هذا السبيل الذي يوصل العبد بربه ومن سار فيه فإن معه هؤلاء الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم فلنعتبر أيها الاخوة ولنتعظ ولنتخذ من ذلك منهجا في دعوتنا إلى الله تبارك وتعالى ولنقم في سبيل هذه الدعوة ندعو إلى الله على قدر علمنا وعلى قدر استطاعتنا الشرعية وبقيت مواقف أخرى تستحق الحديث الطويل من دعوة نوح عليه السلام مواقف عظيمة لنا معها وقفات في دروس قادمة وقفة مع موقف قومه من دعوته ومع ابتلائه بزوجه ومع ابتلائه بابنه ومع إصرار قومه على الكفر ومع صنع السفينة واستهزاء قومه ومع الطوفان الذي كانت فيه نهاية الظالمين ونجاة المؤمنين.
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال عز من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدة صلى الله بها عليه عشرا))[1]، اللهم صل وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
[1] صحيح مسلم (408).
| |
|