molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وأم سلمة رضي الله عنها - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الإثنين 19 ديسمبر - 5:40:26 | |
|
أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وأم سلمة رضي الله عنها
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى
أما بعــد:
فإن الخالق البارئ سبحانه وتعالى، لما خلق الرجل والمرأة، كلفهما الرسالة وحملهما الأمانة؛ فعليهما الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى، والخالق الحكيم لم يجعل الرجل والمرأة متساويين في كل شيء، بل جعل بينهما فروقًا كما بين الليل والنهار، يقرر هذه الحقيقة في كتابه الكريم فيقول سبحانه وتعالى: وليس الذكر كالأنثى [آل عمران:36] إلا أنه جعل بين الرجل والمرأة أشياء يشتركان فيها؛ فهما مثلاً أمام الثواب والجزاء سواء؛ قال تعالى: ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة [النساء:124]. وقال عز وجل: من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة [النحل:97].
فالرجل والمرأة سواء في عبوديتهما لله تعالى؛ فإذا قامت المرأة بواجب العبادة للخالق سبحانه دخلت الجنة، وعاشت قبل ذلك في الدنيا حياة طيبة؛ كما هو الشأن في الرجل؛ فالإنسان بشقيه ذكرًا كان أو أنثى عبد لله تعالى؛ فعليه أن يحقق هذه العبودية لله بأن يعبده وأن يخلص العبادة لله سبحانه وتعالى.
إلا أن لكل من الرجل والمرأة؛ لكل منهما واجبات ومهمات ينفرد بها، خلقه الله لها وجبله عليها.
وملخص واجبات المرأة التي هي حديثنا هذه الأيام، ملخص واجباتها ومهماتها في هذه الحياة، بعد واجب العبودية لله والعبادة له سبحانه أنها سند للرجل وسكن له؛ أي مصدر للسكينة؛ فالمرأة إذا أدت مهمتها كما أمر الله تعالى أصبحت سندًا هامًا للرجل تعينه على أداء رسالته التي حمَّله الله إياها في هذه الحياة.
ولنضرب على هذه الحقيقة مثلين من حياة أفضل الرجال وسيد الخلق خاتم النبيين سيدنا محمد :
المثل الأول: قبل أن يفجأه الوحي، قبل أن يفجأ الوحي سيدنا محمدًا كانت هناك مقدمات وإرهاصات تهيئه لاستقبال هذا الحدث العظيم؛ فإن أمر الوحي عظيم وثقيل وشديد الوطأة لا تتحمله إلا النفوس التي رباها الخالق الحكيم لذلك وهيأها لذلك. ومع تهيئته سبحانه وتعالى لنفس محمد لاستقبال هذا الحدث العظيم؛ فإنه أخذ الروع بمجامع نفسه لما بدأ القوي الأمين جبريل يتبدى له ويظهر له في أوائل الوحي ويكلمه ويسلم عليه، فكان يخاف منه ويهرب منه ، كان يظن أن هذا من فجأة الجن، فيعود إلى زوجه أم المؤمنين خديجة يبثها مخاوفه، فتقول له: أبشر يا بن العم؛ فإن السلام خير؛ لأنه يحدثها أن هذا الذي يراه يسلم عليه؛ فإذا بهذه المرأة العظيمة بذهنها الوقاد وعقلها الراجح تتبين هذا الأمر العظيم من أول وهلة فتطمئن نفس سيدنا رسول الله وتقول له: أبشر يا بن العم؛ فإن السلام خير، ثم تذهب إلى ورقة بن نوفل وكان من العلماء بالكتب، من أهل العلم بالكتب المنزلة؛ فلما قصت عليه ما رأى رسول الله ، قال ورقة: قدوس قدوس؛ لئن كنت صدقتيني يا خديجة فهذا هو الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، وأن محمدًا لهو نبي هذه الأمة؛ فقولي له: فليثبت.
فترجع زوجه ، ترجع خديجة إلى سيدنا محمد فتطمئن نفسه وتذكر له قول ورقة، حتى إذا فجأ الوحي رسول الله وهو في غار حراء وظهر له جبريل واستعلن له، وأخبره بأنه رسول الله وغطه غطة شديدة وأوحى إليه بأول القرآن، فرجع رسول الله ترجف بوادره من شدة هذا الأمر العظيم خائفًا على نفسه فطمأنته زوجه رضي الله عنها خديجة وقالت: كلا، فوالله لا يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث؛ فوالله لا يخزيك الله أبدًا[1]، وإنك لرسول الله، فكانت هذه المرأة العظيمة أول مخلوق آمن به وصدقه كما قرر ذلك العلماء؛ أول إنسان آمن برسول الله زوجه خديجة، ومن الرجل صديقه وحبيبه أبو بكر الصديق رضي الله عن الجميع.
انظر إلى هذه المرأة العظيمة كيف كانت سكنًا وأي سكن لسيد الخلق ، كانت مصدر سكينة وتثبيت لنفس سيدنا رسول الله ؛ ولذلك لم ينسها رسول الله أبدًا حتى بعد أن ماتت كان يذكرها دائمًا ويثنى عليها كما ترويه ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
والمثل الثاني: من غزوة الحديبية، وهي غزوة عظيمة فيها مواقف هامة حرجة ودروس وعظات عظيمة.
ومن أعظم تلك المواقف في هذه الغزوة: أن سيد رسول الله لما أبرم المعاهدة مع قريش والتزم في تلك المعاهدة بأن يفسخ إحرامه وأن يرجع دون أن يدخل مكة هو وأصحابه على أن يعود من العام القابل، كان هذا مما هيج خواطر الصحابة؛ بل اضطربت خواطر كبار الصحابة حتى كان الفاروق عمر رضي الله عنه يجادل رسول الله فيقول: ((ألست نبي الله حقًا ؟! فيقول رسول الله : بلى قال : فعلام نعطي الدنية من ديننا؟! ونرجع ولما يحكم اللهبينا وبين عدونا؟!. .: فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنة فسنيسره للعسرى [الليل:5-10] )).
وأي عسرى تلك التي وقعت فيها تلك المجتمعات التي تمردت على هذا القانون الإلهي، وحاولت أن تعبث به؛ فإذا بالمرأة في تلك المجتمعات تغادر ميدانها وتزاحم الرجل في ميدانه؛ تزاحمه في السوق وفي العمل، تزاحمه في مجالاته، متخلية عن مهمتها، فأصبحت بدلاً من أن تكون سكنًا، أصبحت في تلك المجتمعات دمارًا وخرابًا وخللاً واضحًا في حياة أولئك المساكين.
ولم تغن عنهم قدراتهم شيئًا، ولا تطورهم ولا فكرهم ولا ثقافتهم، لم تغن عنهم أموالهم الهائلة شيئًا في حل المشكلات التي تولدت نتيجة هذا الخلل الذي ترتب على التمرد على القانون الإلهي الرباني الذي صنعه اللطيف الخبير وأمرنا بالوقوف عند حدوده؛ لم يغنهم كل ذلك شيئًا في حل تلك المشكلات؛ فقد حقت عليهم كلمة العذاب، اختل نظام الحياة عندهم، تهدم نظام الأسرة عندهم، تضعضع كيانهم وتصدع بنيانهم: وما يغنى عنه ماله إذا تردى إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى [الليل:11-13].
لله سبحانه الخالق اللطيف الخبير الآخرة، وله هذه الحياة الدنيا؛ فإلى أين يفر أولئك المتمردون المساكين الذين تمردوا على هذا القانون الإلهي؛ رجالاً ونساءً؛ لله الآخرة والأولى فإلى أين يفرون؟ أين المفر؟!: فأنذرتكم نارًا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى [الليل: 14-16].
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا وإياكم بما فيه من الهدى والبيان، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب بدوء الوحي (1) باب كيف كان بدء الوحيالىرسول الله (1/4)وغيرها.
الخطبة الثانية
الخطبة الثانية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا.
أما بعد؛ فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون [آل عمران:102]، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا [الأحزاب:70-71].
وصلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين؛ فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين، فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسلمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء والأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وذي النورين عثمان، وأبي السبطين علي، وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
| |
|