molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: نعم الله على عباده - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الإثنين 19 ديسمبر - 5:51:15 | |
|
نعم الله على عباده
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى
أما بعد: فمن ذا الذي لا يحب الله، من ذا الذي له سمع وبصر وفؤاد يعقل به ولا يحب الله، ومن الذي يتقلب في نعم الكريم ويستظل برحمة الغفور الرحيم ويأوي إلى جناب الحليم ولا يحب الله.
أولاً: إن مطالعة في صفحات المنن والإحسان وأي سياحة في ملكوت النعم والآلاء التي يمن بها أكرم الأكرمين على عباده أجمعين تحمل كل إنسان على حب الله سبحانه وتعالى، وكلما ازداد الإنسان سياحة في ملكوت النعم كلما ازدادت محبته لله وتأكدت ورسخت.
أي نعمة أيها العبد تريد أن تعدها وتحصيها، خذ أدنى هذه النعم كما يبدو لك أنفاسك التي لا تلقي لها بالاً. كم نَفَسًا في اليوم تتنفس؟ مئات الأنفاس بل آلاف الأنفاس، هل تستطيع أن تستغني عنها لحظة واحدة؟
إذن كم ألفًا من النعم ترفل فيه أيها الإنسان كل يوم في هذا الجانب فقط جانب النَفَس الذي يملأ رئتيك وتريد بعد ذلك أن تعد نعمه وأنت تتقلب فيها ليل نهار.
بل في كل لحظة من لحظاتك، وفي كل خلجة من خلجاتك. تنقلب في نعم الله تحيطك عناية الله الذي سخر لك ومن أجلك كل ما في هذا الكون.
قال تعالى: قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن [الأنبياء:42].
وقال تعالى: له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله [الرعد:11].
روى الترمذي والحاكم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((أحبوا الله لما يغمركم من نعمه وأحبوني بحب الله))[1].
ثانيًا: من رحمة الله تعالى بعباده ورحمته وسعت كل شيء، أنه لم يحصر نعمه تعالى في الشاكرين إنه سبحانه لينعم حتى على الجاحدين الكافرين.
إنه ينعم حتى على من يعصيه ينعم على الغافل عنه المعرض عن عبادته.
وقد جاء في بعض الآثار أنه تعالى يقول: ((أنا الجواد من أعظم مني جوادًا وكرمًا أكلأ عبادي أبيت أكلأ عبادي في مضاجعهم وهم يبارزونني بالعظائم)) أي أرعاهم وأحيطهم بعنايتي وهم نائمون في مضاجهم.
وروى الترمذيعن النبي أنه لما رأى السحاب قال: ((هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى قوم لا يذكرونه ولا يعبدونه)) [2].
وفي الصحيحين عنه أنه قال: ((لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله تعالى إنهم يجعلون له ولد وهو يرزقهم ويعافيهم))[3].
يجعلون له الولد فيؤذونه بذلك سبحانه ومع ذلك هو يرزقهم ويعافيهم فهذه رحمته سبحانه وسعت كل شيء وسعت عباده كلهم.
ثالثًا: إن ربكم رءوف ودود يتحبب إلى عباده ويتودد إليهم وقد أغدق عليهم من المنن والإحسان، يتحنن إلى عباده بالمنن والنعم.
أغدق على عباده بالمنن والإحسان لقد سخر لهم ما في السماوات والأرض ومع ذلك ملأ سماواته بملائكته واستعملهم في الاستغفار لأهل الأرض. وحملة عرشه الملائكة العظام الذين يحملون عرشه استعملهم في الاستغفار لأهل الأرض. وحملة عرشه الملائكة العظام الذين يحملون عرشه استعملهم أيضًا في الدعاء والاستغفار لعباده المؤمنين ومع ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه وتعرف إلى عباده بأسمائه وصفاته ومع ذلك هو سبحانه ينزل كل ليلة إلى سمائه الدنيا يسأل عن عباده بنفسه ويتفقد حوائجهم، يدعو مسيئهم إلى التوبة ليتوب عليه ومحتاجه إلى السؤال ليعطيه، ومريضهم إلى الاستشفاء به ليشفيه.
ولقد بلغ من لطفه بهم وكرمه سبحانه أنهم عذبوا أوليائه وحرقوهم بالنار.
ومع ذلك هو يدعوهم إلى التوبة فيقول: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق [البروج:10] فما الشأن لو تابوا ؟
لو تاب هؤلاء الذين عذبوا أوليائه وحرقوهم بالنار لتاب عليهم وغفر لهم. ثم لم يتوبوا قال بعض السلف انظر إلى كرمه عذبوا أوليائه وحرقوهم بالنار وهم يدعوهم إلى التوبة.
وهل أعظم جودًا وكرمًا من أنه سبحانه وتعالى وهو الغني الحميد يفرح بتوبة عباده، عباده الفقراء إليه المحتاجون إليه. يبارزونه بالعظائم والجرائم فإذا تابوا فرح بتوبتهم وهو الغني عنهم.
فهذه دواعي كلها تستدعي محبته سبحانه وتعالى وتستدعي الإقبال عليه تستدعي محبته سبحانه وتعالى وتستدعي الإقبال عليه فإن النفوس قد جُبلت على حب من أحسن إليها ولو بعض الإحسان فكيف يمن إحسانه إليكم ونعمه وبركاته عليكم لا تعد ولا تُحصى، لا يتخلف عن محبة من هذا شأنه إلا أردئ القلوب وأخبثها وأشدها نقصًا وأبعدها من كل خير.
أما خواص عباده وأولياؤه الذين هم أهل العلم والعمل والإيمان والإحسان فإن لهم بابًا آخر غير باب السياحة إلى النعم يدخلون منه إلى مقام المحبة.
إنه باب المعرفة، معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته.
فأهل العلم كلما ازدادوا معرفة بالله تعالى وكلما ازدادوا معرفة بأسمائه وصفاته ازدادت محبتهم وشوقهم له تعالى.
فمحبتهم لله ليست بسبب النعم والمنن.
[1] أخرجه الترمذي (5/664) برقم (3789) والطبراني في الكبير (3/38-39).
[2] أخرجه الترمذي في سننه (5/403-404) برقم (3298) مطولاً.
[3] أخرجه البخاري في صحيحه (5/2262) ومسلم (4/2160).
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|