molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلاماتها - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الثلاثاء 13 ديسمبر - 7:19:44 | |
|
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلاماتها
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى
أما بعد: فمن أهم العلامات على صدق محبتك لسيدنا رسول الله أن تعادي من يعاديه وتبغض من يبغضه وأن تجانب من يعادي سنته ويخالفها ومن يبتدع في دينه وأن ترفض كل أمر يخالف شريعته، إن من أحب شخصًا حبًا صادقًا فإنه يحب محبوباته ويبغض مبغوضاته.
فكيف إذا كان هذا المحبوب هو أكرم الأشخاص وأولاهم بالمحبة وهو سيدنا رسول الله فقد كان سيدنا رسول الله يحب زوجه أم المؤمنين خديجة رضى الله عنها ومما زاد في محبته إياها أنها آزرته وعاونته وآمنت به وكانت خير زوج له وقفت معه أيام محنته ولذلك كان بعد وفاتها يسأل عن صديقاتها فيتعاهدهن بالهدايا كما روت ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها[1].
هكذا يكون الحب الصادق، يجل كل محبوبات الحبيب محبوبات المحب. ولكن لا يتصور أبدًا أن يكون الحب صادقًا ما لم يك عدو حبيبك عدوًا لك أتحبه وتحب عدوه في آن واحد، قل لي بربك كيف يجتمعان.
الحب الصادق يجعل عدو حبيبك عدوًا لك ولذلك لمّا أحب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين لمَّا أحبوا سيدنا رسول الله قاتلوا آبائهم وأبنائهم وإخوانهم وأقربائهم من أجل مرضاته وحبًا له .
اسمعوا هذه النماذج المشرقة من المحبة الحقيقة الصادقة التي كان يكنها الصحابة لرسول الله حتى قدموه على جميع أعزائهم وأحبابهم. قدموا حب المصطفى على حبهم لأي أحد كائنًا من كان.
في أعقاب غزوة بني المصطلق عند إياب سيدنا رسول الله من الغزوة إلى هذه المدينة النبوية في الطريق قال عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين قال قولته النفاقية الخبيثة المنتنة لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل يريد بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله ، وسمع زيد بن أرقم هذه المقالة النفاقية المنتنة فأخبر بها رسول الله فغضب سيدنا رسول الله وآلمته هذه المقالة الخبيثة فلما علم عبد الله بن أبي ابن سلول ولد هذا المنافق وكان الأب منافقًا والابن مؤمنًا لمّا سمع الابن بذلك جاء إلى رسول الله يعتذر عما قال أبوه، وقال يا رسول الله إن شئت أتيتك برأسه، يعني أباه فدعا له رسول الله بالخير ونهاه عن ذلك نهاه عن قتل أبيه فامتشق عبد الله الابن المؤمن سيفه وسبق الركب فوقف على مدخل هذه المدينة النبوية حتى إذا أقبل أبوه تصدى له بالسيف وقال له والله لن تدخل المدينة حتى يأذن لك رسول الله لتعلم أنه هو الأعز وأنك أنت الأذل. فلما بلغ رسول الله هذا الموقف أرسل إلى ذلك الابن المؤمن يقول له: ((إني أذنت لأبيك فكف عنه)) فحينئذ خلى ذلك الابن المؤمن بين أبيه المنافق وبين المدينة فدخلها[2].
هكذا يكون الحب الصادق لسيدنا رسول الله .
بل أعجب من هذا وأعظم منه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أمين هذه الأمة كما سماه المصطفى قتل أباه يوم بدر وعمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه قتل خاله العاص. ومصعب بن عمير رضي الله عنه قتل أخاه. قتلوه لأنهم جاءوا يحاربون رسول الله ويعادونه ويباغضونه فقتلوهم دون أن يبالوا بصلة القرابة التي تربط بينهم، تلك الصلة انقطعت ببغضهم لرسول الله . بغض أولئك المقتولين لسيدنا رسول الله قطعت أوثق الصلات بينهم وبين أولئك المؤمنين الذين ضربوا أروع الأمثلة للحب الصادق للنبي المصطفى .
وهذا أبو سفيان بن حرب قبل إسلامه قدم هذه المدينة النبوية الطيبة يفاوض رسول الله حتى إذا دخل على ابنته أم حبيبة زوج رسول الله وذهب أبو سفيان - وهو مشرك قبل إسلامه- ذهب ليجلس على فراش رسول الله فطوت ابنته الفراش عنه، فقال: أبو سفيان يا بنية أرغبت بالفراش عني أم رغبتِ بي عن الفراش؟ فقال أم حبيبة رضي الله عنها: بل أربأ بفراش رسول الله أن يطأه مشرك.
نعم هذا هو الحب الحقيقي الصادق حتى ولو كان أبوها فإنه مشرك ومحارب لرسول الله في ذلك الحين وهى تطهر فراش رسول الله أن يجلس عليه.
هكذا يفعل الحب الصادق الذي يغمر شغاف القلب فيصبغه بصبغته ويسيطر عليه حتى يكون كل حب وكل بغض في هذا القلب تبعًا لهذا الحب الصادق.
أما أن تحب وقلبك يميل إلى عدوه وبغيضه أما أن تدعي محبته وقلبك يميل إلى عدوه وبغيضه ومخالفه ومحاربه فذلك والله هو الكذب الصراح. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم [المجادلة:22].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
[1] صحيح البخاري (3816، 3818) ، صحيح مسلم (2435).
[2] سنن الترمذي (3315) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: أعداء رسول الله اليوم هم أعداء سنته وخصوم شريعته. أعداء سنته الذين ناصبوها العداوة وحاربوها بالبدعة، وخصوم شريعته الذين ناصبوها العداوة وحاربوها بالقوانين البشرية الوضعية، أما أعداء سنة المصطفى فإنهم يتصورون بصور ثلاث ويتشكلون بأشكال ثلاثة:-
أولهم: من جاهر بإنكاره سنة النبي المصطفى ، أنكرها جملة وتفصيلاً وقال: يكفينا القرآن. هذا من أخبث أعداء رسول الله هو ومن أنكر نبوة المصطفى سواء، وقد حذر النبي من ذلك فقال: ((لا ألقين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري فيقول لا نجد هذا في كتاب الله))[1].
وثانيهم: ذلك الذي لا يجاهر بإنكاره للسنة النبوية من حيث المبدأ، لا ينكرها جملة وتفصيلاً لا يظهر ذلك لكنه يشكك فيها من جهة ثبوتها ويعارض بينها وبين القرآن، يزعم أنها تضارب القرآن وتعارضه، هذا أيضًا من أخبث أعداء المصطفى وإن لم يظهر جحوده وإنكاره للسنة النبوية إجمالاً وتفصيلاً فإن تشكيكه في ثبوتها هو في مثابة الإنكار والهدم لسنة النبي المصطفى ، وأعنى الذي يشكك في ثبوت السنة النبوية من حيث المبدأ وليس في حديث أو حديثين أو بعض الأحاديث عن فقه أو عن علم وإنما ذلك الذي يطعن في ثبوت السنة من حيث المبدأ، هذا من أخبث أعداء المصطفى فإن الله عز وجل تكفل بحفظ القرآن الكريم، ومن لوازم حفظ هذا القرآن حفظ سنة النبي التي هي شارحة له، شارحة للقرآن ومبينة له. فمن لوازم حفظ القرآن الكريم حفظ السنة النبوية.
وثالثهم: أولئك الذين يصادمون السنة بالبدعة، أولئك الذين يعارضون سنن المصطفى بالبدع ومن ابتدع شيئًا في الدين فقد اتهم سيدنا رسول الله بأنه لم يبلغ جميع رسالات ربه، سواء شعر بذلك أم لم يشعر، لأن الابتداع في الدين معناه أن يعتقد في أمر من الأمور أنه دين تتعبد به ربنا عز وجل وتتقرب به إلينا فإذا اعتقدت في أي أمر من الأمور أو فعل من الأفعال أو قول من الأقوال أنه دين وعبادة تتقرب به إلى الله عز وجل دون أن يثبت ذلك عن النبي المصطفى فأنت بلسان حالك وإن لم يكن بلسان مقالك كأنك اتهمت الحبيب المصطفى بأنه لم يبلغ جميع رسالات ربه. ورسول الله قد بلغ أمر ربه أكمل البلاغ، وأدى الرسالة أتم الأداء لم يترك صغيرة ولا كبيرة من أمور الدين، ولا من أمور العبادات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل، إلا بينها لأمته فأكمل البلاغ وأدى الأمانة وشهد له ربه بذلك حين أنزل عليه قوله عز وجل: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا [المائدة:3].
فهذه الآية إخبار من الرب عز وجل بأن الرسول قد أكمل البلاغ وأتم الرسالة وأن الدين قد كمل وأن النعمة قد تمت فالحمد لله رب العالمين، فإياك يا محب رسول الله إياك والبدعة احذر منها وجانب أهلها فإن أهل البدع أعداء رسول الله وخصماؤه.
أما أولئك الذين حاربوا شريعة سيدنا محمد ناصبوها العداء وحاربوها بالقوانين الوضعية وبذلوا في ذلك كل الحيل والوسائل من سابق تصميم وإرادة هؤلاء لا أدري ما هو حظهم من الإسلام وقد أنزل الله عز وجل في رجل رفض حكمًا واحدًا من أحكام رسول الله حكمًا واحدًا فقط عانده ذلك الرجل ورفضه من أحكام رسول الله فأنزل فيه قوله: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا [النساء:65].
فذلك الرجل الذي رفض حكمًا واحدًا في مسألة واحدة من أحكام سيدنا رسول الله نفى الرب عز وجل عنه الإيمان إلا أن ينقاد ويرضى ويسلم لرسول الله فما هو من شأنه أن يرفض كل ما جاء عن رسول الله من شرائع وأحكام جملة وتفصيلاً ما أبعده عن الإيمان.
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار.
واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وإن كنتم قلة على ذلك.
يا بن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه، وكن كما شئت فكما تدين تُدان، ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علىَّ وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
[1] مسند أحمد (2/483)، سنن أبي داود (4605) ، سنن الترمذي (2663) وقال : حسن صحيح ، سنن ابن ماجة (13012).
| |
|