molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: السفر وأغراضه الشرعية - عبد الحميد بن جعفر داغستاني الأحد 27 نوفمبر - 9:40:29 | |
|
السفر وأغراضه الشرعية
عبد الحميد بن جعفر داغستاني
الخطبة الأولى
أما بعد :
فإن غايات وأهداف السفر المحمود في الإسلام متنوعة كالتفكر في آيات الله ومخلوقاته والاستدلال بها على بعثه لخليقته يقول تعالى: قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير [العنكبوت:20]. ويكون السفر محمودا إذا كان للاعتبار في حال السابقين ممن استخلفه الله على هذه الأرض ولم يحسن صنعا، فيسير الإنسان في الأرض ليرى ويتفكر في أحوالهم، فيتجنب حال المسيء ويقتدي سلوك المحسن قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عقبة المكذبين [سورة آل عمران:137]. ويقول سبحانه: قل سيروا في الأرض فانظرا كيف كان عقبة المجرمين [النمل:69].
ويتنقل الإنسان في جنبات الأرض ابتغاء لرزق الله وجهادا في سبيله: علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله [المزمل:20]. وقال سبحانه: هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور [الملك:15].
ويسافر المرء طلبا للصحة اذ يقول الرسول فيما يرويه الإمام أحمد في مسنده: (( سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا ))(2).
فهذا الحديث وإن كانت فيه دلالة على أن من أسباب الصحة السفر إلا أنه يوضح الغرض الرئيسي الذي يجب أن يكون من أجله السفر ألا وهو الجهاد في سبيل الله.
ويسافر المسلم ناشرا لدعوة ربه ورسالة نبيه فهل سفره عليه الصلاة والسلام إلى الطائف وغيرها من الأمصار إلا من أجل ذلك ويسافر المسلم كذلك لطلب العلم الشريف.
وسيرة سلفنا الصالح مليئة بأخبار هذه الرحلات العلمية فقد كان الرجل يقطع الفيافي والقفار من أجل الحديث الواحد والخبر من الأخبار، ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى أعاده الله إلى حظيرة الإسلام.
وبالجملة فأي غرض شريف يطلبه الشرع الحنيف لا يتحصل إلا بالسفر والارتحال، فالسفر إليه مباح، وقد يكون واجبا كالحج مثلا مع الاستطاعة، فهو ركن من أركان الدين لا يتحصل للمسلم البعيد عن مكة إلا بالسفر إليها وكزيارة الأقارب والأرحام، فالسفر إليهم مشروع مندوب.
ويذم السفر إذا كانت الغاية منه اقتراف الحرام كالذين يسافرون من أجل الزنا والخمر والقمار والعياذ بالله، فهؤلاء كغيرهم ممن خرج إلى محرم لا يصح لهم استخدام رخص السفر وهي المسح لمدة ثلاثة أيام بلياليهن والفطر والجمع والقصر كما أنه لا يجوز للمسلم أن يسافر إلى مكان يغلب على ظنه أنه يقترف فيه محرما.
وقد يسافر الإنسان لتحصيل نفع ولكنه يضيع نفعا أكبر وواجبا أعظم كالمسافر لزيارة أقاربه وأرحامه ووالداه محتاجان إليه فهذا فعل واجبا وترك أمرا أوجب.
ومن الناس من يسافر ولكن نفقته في سفره من مال حرام، فهو يرتشي أو يتسول ويأكل أموال الناس بالباطل ليأخذ أسرته في عطلة من العطل ويسافر بها مستمتعا بمال حرام والعياذ بالله أو تجده يستوفي أجرة في عمله ووظيفته كاملا ويسرق أياما يتغيب فيها ويضيفها إلى إجازته.
وها هي العطلة أذنت بالقدوم وأوشكت أن تأتى، فما عسى المسلم أن يفعل ليستفيد منها؟ وما عساه إن سافر أن يفعل في سفره أيكون سفره مذموما أم محمودا؟
هل يسافر إلى بلاد تستباح فيها حرمات الله وتؤتى فيها الكبائر أم يشد رحاله إلى مسجد الحبيب ويروي ظمأ قلبه من فيض إيمان طيبة الطيبة؟.
هل يسافر إلى ربوع كافرة أو يسير في بلاده شمالا وجنوبا مبتغيا هدوء النفس وراحة البال أو قريبا يزوره ويتفقده؟.
هل يسمح والد لولده أن يسافر منفردا أو مع زمرة من رفقاء السوء إلى بلاد يعلم أنه يسافر إليها لفعل الكبائر؟
هل يسمح أب لابنته أن تسافر مع غير ذي محرم بحجة الاستمتاع بالإجازة؟
أيسافر أب بمفرده ويترك أهله أو يهيئ لهم برنامجا في إجازتهم يروح به عليهم من غير معصية الله ويزيد حصيلتهم العلمية والثقافية، ويقضي أياما معهم ليتعرف بصورة أكبر على شخصياتهم، فيصلح ما فسد ويبني ما صلح، ويعلمهم أن الإجازة إنما هي للبناء ولم تكن بحال من الأحوال ولا في يوم من الأيام للهدم.
(2) المسند 2/380 .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فقد جاءني مصل كريم من مرتادي هذا المسجد عارضا علي حذاء اشترته إحدى بناته مثبتا فيه لفظ الجلالة ( الله) بطريقة لا تحتاج إلى كبير تأمل لاكتشافها سائلا إياي عما ينبغي أن يفعله المسلم الغيور في هذه المواقف.
وإنى أجد من المناسب ذكر هذا وأن أعداء الله كانوا ولا يزالون يكيدون ويحاولون تدنيس مبادئنا وتحريفها وتغييرها، وهم بمثل هذه الأفعال يكيدون لله، فويل لهم مما يكيدون فإنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين: وأملي لهم إن كيدي متين [القلم:45]. إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً فمهل الكافرين أملهم رويداً [الطارق:15-17].
لقد أعلن في الصحف المحلية أن وزارة التجارة تلقت أوامر من كبار المسؤولين في الدولة بمصادرة وحصر أنواع من الأحذية نزلت فى الأسواق مثبت فيها لفظ الجلالة لإتلافها حماية لاسم الله الأعظم من أن يداس.
فما على المسلم إذا اكتشف مثل هذا إلا أن يبلغ وزارة التجارة ويعلمهم بمصدر ما وجد دون أن يشعر البائع بذلك لأن بعض ضعاف النفوس عبدوا الدرهم والدينار، وقد يحمله عملهم بإبلاغ المسلم الغيور وزارة التجارة على إخفائهم تلك الأحذية وبيعها سرا.
وليست هذه الظاهرة بجديدة فقد ظهر في أسواق بعض الدول ملابس داخلية نسائية مكتوب عليها شهادة الحق ( لا إله إلا الله محمد رسول الله).
ما أعظمك ربي وما أغناك عن خلقك فقد قلت في الحديث القدسي الذي يرويه مسلم: (( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا.
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ))(1) فسبحان من لا تكثره طاعة طائع ولا تنقصه معصية عاص.
(1) صحيح مسلم : كتاب البر والصلة ، باب تحريم الظلم 16/132 .
| |
|