molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أنفلونزا الخنازير - صالح بن محمد الجبري الجمعة 18 نوفمبر - 4:21:20 | |
|
أنفلونزا الخنازير
صالح بن محمد الجبري
الخطبة الأولى
في هذه الأيام احتلت أنباء تفشي مرض أنفلونزا الخنازير قائمة الأحداث العالمية والمكتظة بالمصائب والكوارث والأزمات السياسية والاقتصادية والعسكرية والبيئية، وقبل أن نتحدث عن هذا المرض وانتشاره نود أن نقف قليلا عند أمر لا يتم التطرق إليه عند الحديث عن الأمراض والأوبئة المنتشرة في هذه الأيام، وهذا الأمر يتعلق بالسبب الخفي الذي يقف خلف الأسباب المادية المباشرة التي تسبب هذه الأمراض والأوبئة، هذا الأمر وهذا السبب هو الحضارة الغربية الفاسدة التي سادت العالم طوال القرن الماضي ولازال العالم يكتوي بنيرانها حتى الآن.
فلكي ت+ب الشركات الكبرى في الحضارة الغربية المزيد من الأموال والثروات قامت بتسميم الغذاء بالهرمونات والمبيدات والتلاعب في الجينات والهندسة الوراثية، فالغذاء الذي يتم إنتاجه للفقراء يحمل في داخله الكثير من السموم والأمراض العصرية، وأهمها السرطان والأنيميا والضغط والسكر والضعف الجنسي.
ثم كي يواجه الناس تلك الأمراض الفتاكة فعليهم أن يبذلوا المزيد من الجهد، وي+بوا المزيد من الأموال لشراء الأدوية التي تزيد المأساة وتقلل من مناعة الجسم من خلال إنتاج أدوية كيماوية رديئة تزيد الأمراض بدل أن تداويها، إضافة إلى احتكار إنتاج بعض الأدوية من أجل أن تتحكم بسعرها لكي تدر عليها أرباحا هائلة، بغض النظر عن قدرة أو عجز البشر المصابين بهذه الأمراض على شراء هذه الأدوية، فالمهم هو الربح والربح الفاحش دون سواه، حتى ولو أدى ذلك إلى هلاك الآلاف من الفقراء الذين لا يستطيعون شراء هذه الأدوية الغالية الثمن، وصدق الله سبحانه في وصف أمثال هؤلاء الذين يمنعون الخير والمنفعة عن الناس بقوله: مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ [القلم: 12].
بل إن هناك من الأمراض ما يتم تصنيعه في دوائر الاستخبارات الغربية تحت غطاء الأسلحة البيولوجية الإنثرا+ وغيره. وهذا التوجه يظهر مدى فقدان هذه الحضارة لأدنى معايير الإنسانية، فهمُّها الوحيد هو الغلبة التي تمكّنها من نهب خيرات الأمم واستعبادها ولو كان ذلك عبر إبادة هذه الأمم.
أيها الإخوة، إنّ أية حضارة يفترض بها أن توفر للبشر حياة تليق بهم كبشر أولاً وحياة مطمئنة ثانيا، لا أن تكون أداة لشقائهم وجلب الكوارث والمصائب عليهم. ونظرة خاطفة لتاريخ الحضارة الغربية ترينا حجم الضنك الذي خلفته هذه الحضارة للبشر جميعا على كافة الصعد، فقائمة الأمراض التي انتشرت وتفشت في العالم لعقود أو لقرن مضى في ظل هذه الحضارة ليست بالقصيرة ابتداء من الإيدز ومرورا بجنون البقر وأنفلونزا الطيور والإنثرا+ والالتهاب الرئوي الحاد سارس وانتهاء بأنفلونزا الخنازير يأتي تفشّي هذه الأمراض في الوقت الذي عجزت فيه هذه الحضارة عن توفير حلول للأزمات الاقتصادية التي نكبت بها العالم عن طريق اقتصادها القائم على الربا الذي توعده الله سبحانه أصحابه بقوله لهم إن لم ينتهوا عنه: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [البقرة: 279]. ثم لم تكتف بذلك، بل قامت بالسطو على الآخرين من خلال احتلال أراضيهم والاستيلاء على ثرواتهم، بل إن ضرر هذه الحضارة قد وصل حتى إلى الحجر والشجر وطبقة الأوزون، الأمر الذي نتج عنه زيادة الحرارة على كوكب الأرض بصورة ملفتة للنظر؛ مما ينتج عنه هلاك كثير من الثروات الحيوانية والزراعية، وصدق الله سبحانه: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة: 205].
أيها الإخوة، لقد جعلت هذه الحضارة أهداف حياة الإنسان محدودة وضيقة، وتتلخص في الحصول على أكبر قدر من المتعة الحسية وتوفير الوسائل التي تحقق تلك المتعة، وكلما غرق في المتعة واللذات زاد بؤسه وشقاؤه، وازدادت عبوديته لهذه الحضارة التي لا ترحم؛ لأن على الإنسان أن يجري طوال حياته بهدف +ب المزيد من المال ليسدد الأقساط وفوائد القروض وما يدخره وما يشتري به بعض الأسهم أو يخزنه في البنوك خوفا من الغد الذي سيحمل بالضرورة الكثير من أمراض العصر الغريبة، وأهمها اليوم الأمراض ذات الطابع الجنسي الناتجة عن العلاقات غير الشرعية، والتي قال فيها وعنها رسولنا : ((ما ظهرت الفاحشة قط في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا بينهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا)).
أيها الإخوة، إن سنة الله في خلقه ماضية بلا تخلف في الماضي والحاضر والمستقبل، ولقد قضى سبحانه أن من أعرض عن ذكره فإن له معيشة ضنكا، ولقد ضرب لنا القرآن أمثلة أقوام سبقونا، فقص علينا قصصهم حتى نعتبر ونتعظ، فقال سبحانه: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ.
وسبحان الله! فنفس القصة تتكرّر اليوم، ولكن قليل من يتعظ ومن يعتبر؛ لذا نقول: فلينظروا ما شاؤوا ونقصد أصحاب هذه الحضارة، وليسنوا من القوانين الوضعية ما شاؤوا، وليفتشوا عن حل المشاكل الإنسانية ما شاؤوا، فسيظلون يتخبطون في مشاكلهم التي تتزايد يوما بعد يوم مصداقا لقوله تعالى: وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا [الجن: 17]. وليستمروا على ما هم عليه، فلن يكون هناك أي حل لمشاكل العالم إلا بالإسلام، شاء من شاء وأبى من أبى، شرط أن تفهم النصوص الإسلامية فهما علميا منهجيا في العمق، وأن يحسن المسلمون العمل بالإسلام، ويحسنون تطبيقه، ويحسنون عرضه على هذه البشرية التائهة، فالحل يبدأ وينتهي بالإسلام لمشاكل هذا العالم، ولسنا نحن الذين نقول هذا الكلام فقط، بل إن هناك من عقلائهم من يقول هذا الكلام كما قال المفكر البريطاني الكبير برنارد شو: "لن تستقر أمور هذه المدنية إلا إذا رجعت لتعاليم محمد"، وصدق الله سبحانه قبل ذلك: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
نحن بالطبع كمجتمع مسلم حرم علينا ديننا تناول لحم الخنزير، وذلك في قوله تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ [البقرة: 173]، وقوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [المائدة: 3].
ويكفي في خطورة هذا الحيوان الكريه أن النبي أخبرنا أن قتله سيكون أولوية قصوى لنبي الله عيسى عليه السلام في الحديث الصحيح الذي قال فيه رسولنا: ((والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، في+ر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يفعله أحد))؛ لذا فقتل الخنزير سيكون أولوية لعيسى عليه السلام لأسباب كثيرة، منها تسبّبه في تلوث الهواء والماء والمحيطات وتجدد قدرات الأوبئة والأمراض على غزو جسم الإنسان من حين إلى آخر، حتى إن هناك تقاريرَ بدأت تظهر وتفيد أن أنفلونزا الطيور وحمى سارس وغيرها قد نتجت عن تربية الخنازير على مستوى العالم، ولكن هناك جهودا عالمية كبرى لمحاولة طمس هذه الحقائق وإبعاد هذه التهم عن تجارة الخنازير؛ لأنها تدر أموالا هائلة على أصحابها في مختلف دول العالم.
لذا نقول مجددا: إننا لا نخشى الإصابة بهذا المرض؛ لأن ديننا حرم علينا تناول لحم الخنزير أو تربيته، لكن البعض قد يقول: إن هذا المرض معد ويمكن أن ينتقل بين البشر، ونقول: هذا صحيح، لكن حسب المعلومات المتوفرة لدينا فإنه قد تم تركيب كاميرات حرارية في جميع الموانئ والمطارات السعودية تستطيع كشف المسافرين القادمين المصابين، وهذا أول وأهم سبب من وقاية وانتشار هذا المرض.
وعلى كلّ فالمسلم يأخذ بالأسباب دائما بعد توكّله على الله سبحانه ورضائه بقضائه وقدره وشعاره في هذه الحياة، قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التوبة: 51]، وقوله سبحانه: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد: 22].
وهو دائما متوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء بالحماية والرعاية ويردّد كما علمه نبيه محمد : ((اللهم إني أعوذ بك من العجز وال+ل، وأعوذ بك من الصمت والبكم والجنون والجذام وسيئ الأسقام))، ويردد أيضا صباحا ومساء ويقول: (اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي).
كذلكم المسلم إن احتاج إلى الوقاية العلاجية أخذ الطعم ضد أي وباء، وهو يفعل ذلك أخذًا بمبدأ الوقاية خير من العلاج، وإن احتاج إلى الدواء تناوله وهو يفعل كل ذلك لأن نبيه قال: ((إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرم)).
إضافة إلى ذلك فالمسلم يهتمّ بالنظافة العامة والخاصة من غير إفراط ولا تفريط؛ عملا بقوله سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222].
ومع ذلك كله فالمسلم يعتقد اعتقادًا جازمًا بأن كل ما يصيب الناس من مصائب وأمراض وابتلاءات في كل عصر ومصر إنما هو بسبب ذنوبهم ومعاصيهم وجرأتهم على محارم الله، وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى: 30]، فهو سبحانه حين ينزل بعض بأسه ببعض المسلمين إنما هو بسبب ما اقترفوه من معاصي وموبقات، فيصيبهم سبحانه بها تنبيها لهم وتأديبا لهم؛ لعلهم يرجعون إليه سبحانه ويتوبون إليه ويقولون كما قال أبواهم آدم وحواء: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف: 23]. بع+ الكفار الذين ينزل الله بهم سبحانه وتعالى العقوبات والمصائب انتقاما منهم جزاء أعمالهم السيئة؛ ولذلك يقول سبحانه عنهم وفيهم: وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ [الرعد: 31] أي: أن القوارع لهم بالمرصاد على طول الزمان بسبب ظلمهم وسوء أعمالهم وتنكبهم عن منهج الله، فيصابون بالمصائب المتتالية والمتنوعة كالأعاصير والبراكين والأمراض والأوبئة والخسائر الاقتصادية والعسكرية وغيرها.
والملفت للنظر أن هؤلاء الكفار وبرغم امتلاكهم للأموال والعلم والتكنولوجيا فإن هذه الثروات هي التي ستكون الوسيلة التي يعذبهم الله بها في الدنيا، وتكون أيضا سببا في هلاكهم في الآخرة؛ لأن الحضارة والعلم والمال والتقدم لا يساوي عند الله شيئا إذا كان مع الكفر والظلم والاستبداد والقهر والتسلط؛ لذلك يقول الله سبحانه: فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة: 55]. فهل يفقهون ذلك؟! نرجو هذا ونتمنى، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
| |
|