molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أنفلونزا الخنازير - إبراهيم بن سلطان العريفان الإثنين 10 أكتوبر - 11:42:08 | |
|
أنفلونزا الخنازير
إبراهيم بن سلطان العريفان
الخطبة الأولى
إخوة الإيمان والعقيدة، مهما يكن من شيء فإنه لا أبلغ ولا أوجز ولا أنفع ولا أرفع من الوصية بتقوى الله سبحانه، وأوثق العرى كلمة التقوى، فبادروا بالأعمال الصالحة، فالأعمار سريعة الذهاب، إن هي أيام وشهور وأعوام سريعة المرور، لو كان الموت يفتدى لسلم منه أهل الغنى، ولكن أين منه السلامة لمن ليست له إقامة؟!
عباد الله، إن نعمَ الله علينا تترى يكذب مدّعٍ حصرها، ويعجز مؤمِّل عدَّها، ولا أجلى في بيان كثرتها وعظيم منفعتها من قول الله عز وجل: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ.
غير أن هناك نعمةً لا ككل النعم، بانعدامها لا يجد المرء للحياة معنًى، ولا للعيش مذاقًا، امتنَّ الله بها من قبلُ على قريش فقال: لإِيلافِ قُرَيْشٍ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ.
في ظل الأمن والأمان والإيمان تحلو العبادة، فيصير النوم سباتًا، والطعام هنيئًا، والشراب مريئًا. الأمن والأمان عماد كل نجاح، وهدف مرتقب لكل المجتمعات، فإذا آمن الناس أمنوا، وإذا أمنت المجتمعات نمت، فلا أمن بلا إيمان، ولا نماء بغير ضمانات ضد الهدم، الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ.
جِماعُ أسباب رغد المعيشة والأمن والسلامة وسعادة الدنيا في قول النبي : ((من أصبح آمنًا في سربه ـ أي: بيته ـ معافى في جسده عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها))، ولكن كثرة المساس تقلّ الإحساس، فلا يكاد أحد يستشعر هذه النعمة الجليلة في حياته، بل وكثيرون في غفلة عن شكر الله عليها.
إذا اجتمع الإسلام والقوت للفتَى وكان صحيحًا جسمه وهو فِي أمن
فقد ملك الدنيا جميعًـا وحازهـا وحـقَّ عليـه الشكر لله ذي المنن
إن الناظر في هذه الأيام يجد أن هناك رعبًا اجتاح العالم بأسره ابتداءً من الم+يك، وذلك بانتشار ما يُسمى بأنفلونزا الخنازير. ومن هنا تأتي أهمية اتباع مبادئ الشريعة الإسلامية كطريق وحيد للخروج من الأوبئة والأمراض والمشكلات، خاصة بعد انتشار وباء أنفلونزا الخنازير في العديد من البلدان الغربية، بل وصل إلى الدول العربية القريبة من مناطق إسرائيل.
العالم يعيش الآن في رعب وخوف من انتشار أنفلونزا الخنازير، ولو أن الناس اتبعوا شرع الله لعاشوا في أمن وسلام، وعاشوا سالمين من الأمراض الفتاكة، ولكنهم أبوا إلا أن يحاربوا الله عز وجل بالمعاصي والمنكرات، حتى وصل الأمر إلى المجاهرة بالمعاصي علنًا، وهذا ما حذر منه المصطفى حين قال: ((ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم)). فالله عز وجل عندما يحرم شيئًا إنما يحرمه لمصلحة العباد، فهو سبحانه خالقهم، وهو أعلم بما يصلحهم، ولذلك حرم المنكرات، وحرم الربا، وحرم لحم الخنزير لما فيه من المضار الكبيرة. والقرآن الكريم قد علل النهي عن أكل لحمه بقوله تعالى: فَإِنّهُ رِجْسٌ، والرجس كلمة جامعة تعني أنه قذر ودنس ونجس يحمل الأذى والضرر، قال الله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ.
ولا شك أن الخنزير حيوان يأكل اللحم وليس عشبيّا، تجتمع فيه الصفات السبعية والبهيمية، فهو آكل كل شيء، وهو نهم كانس الحقل والقمامات والفضلات والنجاسات بشراهة ونهم، وهو مفترس يأكل الجرذ والفئران وغيرها، كما يأكل الجيف، حتى جيف أقرانه.
ولذا حرمت الشريعة الإسلامية لحم الخنزير، ونفذ ذلك المتدينون امتثالاً لأمر الله الخالق سبحانه، وطاعة له دون أن يناقشوا العلة من التحريم.
فالله سبحانه وتعالى يظهر إبداع الخلق في قوله سبحانه وتعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لهم أنه الحقُ. وهذه الآية تبين أن الله سبحانه وتعالى ما حرم شيئًا إلا لدفع مفسدة عظيمة، وما أحل شيئًا إلا لجلب منفعة، وهذا يتّضح جليًّا حتى لغير المسلمين، فالله سبحانه وتعالى حرم الخنزير وعده من الخبائث، فلا يستغرب أن يكون الخنزير يجلب مثل هذه الأدواء، فالخنزير أخبث الحيوانات، فيجب علينا أن نتمسك بديننا أكثر عندما تظهر هذه العلامات المادية، وهي العلامات التي من المفترض أن تزيدنا إيمانًا.
إنّ ميزان الحلال والحرام الذي وضعه الله سبحانه وتعالى فيه حكمة عظيمة، ويتجلى ذلك في الكثير من الاكتشافات التي يطالعنا بها العلماء، والتي تحدّث عنها القرآن الكريم والسنة النبوية قبل آلاف السنين، ونحن كمسلمين متيقنون أن الله سبحانه وتعالى أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، من غير اكتشافات العلماء التي تأتي متأخرة جدًّا بالنسبة للقرآن الكريم والسنة النبوية.
إن مرض أنفلونزا الخنزير يؤكد حكمة تحريم أكل المسلمين للحم الخنزير، ومن يخالف طبيعة الكون التي وضعها الله لا بد أن يلقى سوء العقاب.
لقد حرم الله تعالى أكل الخنزير تحريمًا قطعيًّا، قال تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ، والمعروف أن حيوان الخنزير حيوان خبيث قذر، يعيش على الأوساخ والقاذورات، فالنفس البشرية السوية الطاهرة تأنف منه وتأباه، وترفض مجرد النظر إليه فكيف بأكله؟! حتى إن رسول الله حين أراد أن ينفِّر نفوس المؤمنين من اللعب بالنرد قال: ((من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه))؛ وذلك لخبثه وقذارته.
ومن الضرورة إيمان المسلم بشكل قاطع بكل ما حرمه الله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه عليم بكل شيء.
وتأملوا في قوله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا، وفي قوله: فَاجْتَنِبُوهَا، أبلغ من أن يقول سبحانه: لا تأتوها، فالاجتناب وعدم الاقتراب يعني عدم الاقتراب من المحرم نفسه أو مسبباته.
فنسأل الله العلي القدير أن يعافينا ولا يبتلينا.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين، لا أحد يعلم متى سوف تنتهي أزمة أنفلونزا الطيور التي حلت على معظم أنحاء الكرة الأرضية، فكل العلامات تشير إلي مواصلة انتشار هذا الفيروس حتى انتقل إلى الخنازير، ففي الوقت الذي تحاول فيه الدول مواجهة هذا الفيروس أعلنت منظمة الصحة العالمية عن انتشار حالات بشرية من أنفلونزا الخنازير التي تضرب الم+يك والولايات المتحدة، الأمر الذي يجعله قد يتحول إلى وباء عالمي ليصبح مصدر قلق يهدد العالم بأسره. وتسبب ظهور فيروس أنفلونزا الخنازير في حالة من الذعر في الأمريكتين, تحسّبا للانتشار السريع لوباء جديد وفتاك, ينتقل من الحيوانات الأكثر رواجا هناك إلى البشر.
ومن العجائب في تقرير اقتصادي بثته إحدى القنوات أنه يوجد في مصر في محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، وغيرهما) ذات الكثافة السكانية العالية مزارع لتربية ذلك الحيوان القذر، يصل عدد الرؤوس فيها إلى نحو 350 ألف رأس في دولة إسلامية نسبة الإسلام فيها تقترب من 94 في المائة، وهو حيوان قذر بكل ما تعنيه الكلمة، حتى قبل ظهور هذا الوباء فهو خطر على مُلابِسه وآكله، إذ يتغذى على النفايات التي تزيد خبثه وتجعله مصدرا متنقلا للأمراض المعدية. وقد أصدر رئيس الجمهورية قرارا سابقا بنقل تلك المزارع إلى الصحراء للحفاظ على صحة المواطنين، وإن شئت الدقة فقل: للحفاظ على ما تبقّى من صحة المواطنين الذين أنهكهم التلوث في كل شيء، وذلك أضعف الإيمان، فالواجب إعدامها حفاظا على نفوس المسلمين، ومع ذلك ولسبب ما ضرب بقراره عرض الحائط، بل ذكرت بعض التقارير أن دولا عربية منها مصر استوردت لحوم الخنازير من الولايات المتحدة الأمريكية، فكأنّ مصر قد صارت من الدولة المستهلكة للخنازير، فلا يكفيها ما فيها من خنازير، وما أكثرهم! فهل ستسارع الحكومات عموما والمصرية خصوصا إلى إعدام قطعان الخنازير كما حدث في نازلة إنفلونزا الطيور، أو ستبقى الخنازير معززة مكرمة نكاية في الإسلام وأهله؟!
وقد شهدت الدراسات الحديثة على خبث لحم ذلك الحيوان القذر بكل المقاييس، تصديقا لآية الكتاب العزيز، فهناك أصناف من الديدان تعيش في لحمه الخبيث تتحمّل أقسى الظروف، فلا يجدي معها طبخ أو شوي، فضلا عما أُثِر من متابعة الطباع البشرية التي تتأثر بالمأكول، فمن أدمن أكل الجوارح صار فيه من طباعها، ومن أدمن أكل ذوات المخالب صار فيه من أخلاقها السبعية، والخنزير حيوان بارد عديم الغيرة يورث أكله دياثة تتجلى في سلوك آكليه. انظروا إلى الدول المنحلة أخلاقيا، لا يوجد عندهم الغيرة على محارمهم؛ لأنهم تأثروا من أكل لحم الخنزير المعروف بعدم الغيرة.
فالحمد لله الذي أسبغ علينا النعم، ونشكره وهو مستحق للشكر والطاعة.
عباد الله، صلوا وسلموا على خير البرية...
| |
|