molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: معركة العفة- سعيد بن عبد الباري بن عوض السبت 12 نوفمبر - 9:38:19 | |
|
معركة العفة
سعيد بن عبد الباري بن عوض
الخطبة الأولى
في الوقت الذي يشتد فيه الصراع بين الحق والباطل وتصل المواجهة بينهما إلى حد الصدام الصريح بل والقتال المسلح تبقى هناك معارك خفية لا تظهر لبعض الغافلين، تدار من وراء الكواليس. تنتقل هذه المعركة الدائرة بين الحق والباطل من ميدان إلى ميدان، حتى تصل إلى كل بيت، ويتأثر بالصراع أفراد في دواخل بيوتهم. تدار هذه الحرب بين الحق والباطل وكالة وأصالة؛ وكالة بيد العلمانيين والمستغربين في بلاد المسلمين الذين يلبسون ثوب الإسلام ويتكلمون بلغة القرآن، وأصالة بيد أعداء الإسلام الظاهرين من يهود ونصارى وملحدين.
وهذه المعارك الخلفية المستترة لا تقل خطورة عن حرب السلاح التي يشنها الباطل على الإسلام وأهله، بل إن بالإمكان القول أنها أخطر من تلك الحرب الظاهرة المعلنة؛ لأن المحارب في الحرب الظاهرة المعلنة لا يكون إلا كافرا صريحا أو مرتدا، تعلم الأمة أنه قد تخلى عن دينه لمصلحة دنيوية يؤملها.
ومن تلك المعارك معركة تدور بين أهل التقى والعفاف والطهارة والفضيلة القائمين على الثغور وبين أهل الفجور والفساد والرذيلة والانحلال القائمين بدور الشيطان. معركة قائمة بين الذين يذودون عن دين المرأة وكرامتها وعفتها، وبين الذين يريدون إفسادها ويسعون لجرها لشرك الشيطان، وجعلها سببا رئيسا لسقوط هذه الأمة ودمارها.
أيها المؤمنون، معركة الحق والباطل حول المرأة معركة عريضة، واسعة الأرجاء متشعبة الأودية، فهناك مثلا ما يدور منها حول إفساد التعليم، والتأليف حول المرأة والاختلاط والابتعاث واتباع الموضات، وإنشاء التنظيمات النسائية، وتمجيد الفاجرات والترويج للفن، وغير ذلك من ميادين هذه المعركة العظيمة التي قلت لكم: إنها واسعة الأرجاء متشعبة الأودية.
ومن هذه الميادين لهذه المعركة الحامية الوطيس ميدان هو باب عظيم لأعداء الله لو فتح، وميدان فسيح لهم لو دخلوه وتمكنوا فيه لانتصروا في ميادين كثيرة دون عناء، ولجرهم هذا النصر إلى انتصارات أخرى جليلة الخطر عظيمة الأثر، لا وفقهم الله.
وهذا الميدان ـ أيها الموحدون ـ هو الهجوم على الحجاب. إنه ـ أيها الشرفاء ـ ميدان احتوى ميادين، وباب من ورائه أبواب، ستفتح بيسر وسهولة إن فتح هذا الباب. فلو سقط الحجاب لذهب حياء المرأة، ولانتشرت الفواحش وكثر أولاد الزنا، واختلطت الأنساب وفسدت الذرية، وهكذا ينهار المجتمع كله وتسقط الأمة في مهاوي الردى. أرأيتم مدى خطورة هذه المعركة؟!
وهذه ـ عباد الله ـ نداءات تحذير وصيحات نذير حول قضية الحجاب وما يدور حولها من معارك ضارية، لا زال أوارها يشتد وخطرها يمتد.
معاشر المؤمنين، وها نحن نضع بين أيديكم ونلقي على أسماعكم بعض تفاصيل هذه المعركة، علكم تشاركوننا همها لأنكم طرف في هذه المعركة، ولأن الحرب على نسائنا وبناتنا وأخواتنا.
إنها ـ إخوة الإيمان ـ معركة دائرة يعمل فيها الأعداء بكل ما يملكونه من وسائل، لا يكلون ولا يملون، يأتون بالبرامج التلفزيونية، ويكتبون في الصحف، ويؤلفون الكتب والرسائل، ويحاضرون في نواديهم الأدبية، وغير ذلك حتى يصلوا إلى مرادهم، وأنى لهم ذلك والله يقول في كتابه العزيز: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:81].
واستمع ـ أخي الكريم ـ إلى ما كتبه أحدهم في صحيفة في إحدى الدول الإسلامية، حيث كتب مقالا يقطر سما وخبثا بعنوان: "نحن بين السفور والحجاب" يقول: "اختلفت الأقاويل في الحجاب والسفور، فمنهم من يؤيده ومنهم من يعارضه، فملؤوا صفحات الجرائد بآراء متضاربة، فيها مندفع اندفاعا كليا نحو التحرر من الكابوس الثقيل وهو الحجاب، والفئة الأخرى هي التي تمثل الرجعية البغيضة تعارض بقوة شديدة السفور، وتعتقد بل تجزم أنه سوف يفضي إلى نتائج مريعة تصيب المجتمع بأمراض جسيمة". ثم يقول برأيه بعد ذلك: "وكل هذا وذاك لن يقف في الطريق، ولن يحد من قوة التيار، فالسفور آت لا محالة على فترات متتابعة شاءت التقاليد أم أبت" انتهى كلامه عامله الله بما يستحق.
ومن وسائل القوم في حرب الحجاب وسيلة معروفة وهي الكتابة في الصحف بأسماء نساء وهمية، وإنما الذي يكتب في بعض الأحيان رجال يتخفون تحت أسماء أنثوية، يهاجمون في كتاباتهم الحجاب ويزعمون أنه يقيد حرية المرأة، وأنه تشويه لجمالها، وغير ذلك من الإفك المفترى؛ ليوهموا الناس أن النساء لا يردن هذا الحجاب، وليخدعوا كذلك نساء أخريات يصدقن هذه الكتابات المكذوبة.
إخوة الإيمان، وعند الحديث عن هذه القضية فإنني أوجه خطابي هذا لكم أنتم أيها الرجال، يا من ولاكم الله على هذه المرأة الضعيفة، وجعل لكم سلطانا القوامة، ثم أوجه كذلك هذه الكلمات إلى كل أخت مسلمة تسعى للحصول على غنيمة الدارين والسعادة فيهما. وكلماتي في هذه القضية عبارة عن وقفات، أسأل الله أن ينفع بها.
الوقفة الأولى: الحجاب عبادة وليس عادة.
عباد الله، سؤال مهم للمرأة المسلمة: أختاه، من الذي أمرك بالحجاب؟ أهو الشيخ ابن باز أو الشيخ ابن عثيمين، أم هو الإمام أبو حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد رحمهم الله جميعا؟! كلا بالطبع، فالذي أمر بالحجاب هو الله جل في علاه، هو الذي قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب:59].
إنه الله الذي له الخلق والأمر، فماذا تريدين بعد ذلك؟! أتستمعين إلى صوت الناعقين القائلين بأن المتعصبين والرجعيين والظلاميين يريدون للمرأة أن لا تظهر ولا يراها أحد؟! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا. أهو عار علينا وعيب نعاب به أننا نريد للمرأة أن تكون عفيفة مصونة، لا يراها إلا من أحل الله له ذلك من زوج أو ابن أو غيره من المحارم؟! ولا يزال أحدهم يكتب ما بين حين وآخر، وشغله الشاغل المرأة وخروجها من البيت، وقيادتها للسيارة واختلاطها بالرجال، وكأنه ليس هناك قضية للبلاد والعباد إلا هذه!
عباد الله، وعود إلى القضية الأساس، فإذا كان هذا الحجاب هو أمر الله في كتابه فهل هو من التقاليد البالية كما يسميه المنافقون؟!
أيتها الأخت المسلمة، يجب أن تفهمي أن الحجاب عبادة وليس عادة، وما حصل الاستهتار والتبرج والسفور إلا عندما أصبح البعض يراه من العادات والتقاليد، ولا خلعت المرأة حجابها عند خروجها من بيئتها التي نشأت فيها كما تفعله البعض هداهن الله؛ فتراها في بيئتها محجبة لا ترى منها شيئا، فإذا خرجت من بيئتها خلعت حجابها. واسألوا إن شئتم كثيرا ممن سافروا بالطائرات إلى خارج البلاد: ما الذي تفعله بعض النساء هداهن الله؟ وما ذلك ـ والله ـ إلا لأنها ترى أنه من العادات والتقاليد، ولو كانت تلبسه تعبدا لله وطاعة ما خلعته في أي مكان؛ لأن الذي أمرها بالحجاب يراها في كل مكان.
معاشر المؤمنين، ولما أصبح الحجاب عادة وليس عبادة ظهر التلاعب في طريقة لبسه؛ فتارة يوضع على الرأس، وتارة يوضع على الكتف، وتارة يغطي الوجه كله، وتارة تظهر العينان، وتارة تتلثم به المرأة تلثما ليظهر نصف وجهها من وراء اللثام، وتارة ترفع العباءة حتى تظهر ساق المرأة، وتارة تنزل، وهكذا في سلسلة من التلاعب بطريقة لبسه تظهر على شكل موجات متتابعة من الموضة.
ولما أصبح الحجاب عادة كذلك ظهر أيضا التلاعب في طريقة تفصيله وشكله ولونه، فظهرت عباءات مزخرفة مزركشة، منها ما هو مزخرف من أوله لآخره، ومنها ما هو مزخرف في الأكمام والصدر والأطراف. وظهرت العباءات الضيقة التي تسمى بالعباءة المخصرة، والتي تبدو وكأنها فستان تلبسه المرأة، وظهرت العباءات الملونة، وعباءات تتكون من قطعتين قطعة علوية وقطعة سفلية، وغير ذلك كثير مما يضيق المقام بذكره. فهل هذه المظاهر ـ عباد الله ـ تدل على أن الحجاب عبادة لله وطاعة؟! كلا والله، وقد ذكر العلماء أن من شروط الحجاب أن يكون واسعا فضفاضا ثخينا لا يرى ما تحته.
إخوتي الكرام، ولما كان الحجاب عادة عند البعض أصبحت ترى المرأة لا تحتجب من السائق ولا الخادم، ولا الخياط ولا صاحب المحل الذي تشتري منه بضاعة ما. فتكون المرأة محجبة عند الأغراب كاشفة الوجه واليدين، وربما أكثر من ذلك عند هؤلاء الأغراب. أوليس هؤلاء الرجال من الذين أمر الله بالاحتجاب منهم؟!
وها هنا أقف لأنبه إخوتي الكرام، فليس التبرج هو كشف المرأة الوجه والشعر وغير ذلك فحسب، ولكن التبرج أيضا أن تغطي المرأة وجهها ولكنها تمشي في الشارع وكأنها في صالة لعرض الأزياء، مما تلبسه من عباءة مزركشة تلفت الأنظار. إن التبرج أن تلبس الثوب الضيق والعباءة الجذابة لونا وقصرا وتجسيدا لجسمها، وكأنها تلبس فستانا للسهرة، ذلك الحجاب الذي يخضع أصحاب القلوب المريضة، ويلفت أنظارهم لينطلقوا كالكلاب المسعورة ينهشون بأعينهم جسد هذه المرأة المتبرجة بحجابها. والمصيبة ـ أيها المسلمون ـ أن هذا الحجاب المتبرج أصبح غير مستنكر اليوم عند الكثير من الناس. نسأل الله العافية.
الخطبة الثانية
معاشر الإخوة، والوقفة الثانية مع معركة الحجاب هي مسألة السفور التي انتشرت عند البعض اليوم. والسفور عند الفقهاء هو كشف المرأة وجهها، وليس بخاف علينا وجود الخلاف بين العلماء في هذه المسألة قديما وحديثا.
وفي هذا العصر الذي ظهرت فيه بعض النسوة المتفيهقات وبعض الكتاب المتشدقين يحاجوننا بأن هناك من قال بجواز كشف الوجه، وأن في المسألة خلافا. ألا فليعلم أولئك عدة أمور:
أولها: أن الخلاف موجود في كثير من المسائل الشرعية، وأن المسائل المجمع عليها والمتفق عليها بين العلماء قليلة جدا، وذلك لاختلاف الأفهام وهو أمر طبعي لا غرابة فيه، ولكن ينبغي أن يعلم هؤلاء أن وجود الخلاف في مسألة ما لا يسوغ للمرء أن يختار القول الذي يناسب هواه وميوله ورغباته، كلا بل الواجب على المسلم أن يختار ما يظهر من الأدلة رجحانه وقوته، أو أن يقلد عالما يثق في علمه ودينه ثم لا يجاوزه. واليوم نرى أن أولئك يبحثون عن العالم الذي يوافق رأيه هواهم، فكلما وجدوا عالما يقول بما يهوون تابعوه ونسبوا القول له. ولا شك أن ذلك ليس دينا بل تتبع للهوى.
ثانيا: ليعلم هؤلاء المتفيهقون والمتشدقون أنه حتى الذين يقولون بجواز كشف المرأة وجهها يقولون بأنه يجب تغطيته في حال حصول الفتنة به من قبل الرجال. وأسألكم بالله: هل تعلمون عصرا من العصور الفتنة فيه أشد من هذا العصر؟! اللهم لا.
فهذا عصر الفتن كما يسميه الكثير من الناس اليوم. إذا فالنتيجة أن هؤلاء العلماء يقولون كذلك بتغطية الوجه وجوبا في هذا العصر. فهل يقر بهذا فقهاء الصحافة المتشبعون بما لم يعطوا؟!
الوقفة الثالثة: نداءات أوجهها إلى ثلاثة من فئات المجتمع:
الأول: نداء إلى فئة أولياء أمور النساء، اتقوا الله في نسائكم وراقبوا حجابهن وعباءاتهن، إننا حين نتحدث في المجالس والمساجد عن هذه العباءات المتبرجة نسمع الجميع يستنكر ذلك وينتقده بشدة. والسؤال هو: نساء من هؤلاء اللاتي في الشوارع والأسواق ويلبسن هذه العباءات؟! نساء من هؤلاء اللاتي ترى الواحدة منهن تكشف وجهها للسائق والخياط والبائع في المحل؟! نساء من هؤلاء اللاتي تراهن في سوق الذهب تطلب من البائع أن يلبسها الذهب من أسورة أو خاتم أو غيره؟ إنها تساؤلات للجميع وعلينا البحث عن الجواب.
النداء الثاني: إلى التجار الذين يستوردون هذه العباءات ويبيعونها لنساء المسلمين ليساهموا في حرب الحجاب لأجل م+ب دنيوي دراهم معدودة. ألا فليتق الله كل تاجر، فإن بيع هذه العباءات والكابات وما شابهها حرام، وثمنها حرام وسحت، وقد ثبت عن رسول الله أنه قال: ((أيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به)) رواه الحاكم. فليختر لنفسه إن شاء أن يربي أبناءه بهذه الأموال المحرمة.
والثالث: نداء نوجهه إلى المرأة المسلمة، أيتها الأخت المسلمة، الله الله في الحجاب. اعلمي ـ وفقك الله ـ أن أعداءك يسعون لهلاكك وهلاك الأمة من بعدك، فكوني كما هو الظن بك الحصن المنيع الذي تندك عنده معاول هدمهم، وكوني المعقل الذي يستعصي عليهم ويأبى السقوط. احفظي دينك وشرفك وعفتك وكرامتك بالتمسك بالحجاب حتى تلقَي ربك سبحانه وتعالى فيجزيك خير الجزاء.
اللهم وفق نساء المسلمين لما تحب وترضى...
| |
|