molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: شرح حديث: قل آمنت بالله ثم استقم- سعيد بن سالم سعيد السبت 12 نوفمبر - 6:29:15 | |
|
شرح حديث: قل آمنت بالله ثم استقم
سعيد بن سالم سعيد
الخطبة الأولى
جماعة المسلمين، روى مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبد الله قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه غيرك، قال: ((قل: آمنت بالله ثم استقم)).
وصية من نبينا لجميع أمته، وصية جامعة حوت خيري الدنيا والآخرة، فهذا الصحابي قد طلب من النبي أن يعلمه كلاما جامعا لأمر الإسلام كافيا، حتى لا يحتاج بعده إلى غيره، فقال له الرسول وهو من جوامع كلمه : ((قل: آمنت بالله ثم استقم)). وهذا مأخوذ من قول الله جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت: 30]، فقوله في الآية جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا هو كقوله عليه الصلاة والسلام هنا: ((قل: آمنت بالله ثم استقم)).
يقول السعدي في تفسير هذه الآية: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ تعالى وحده لا شريك له، ثُمَّ اسْتَقَامُوا على شريعته، تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ عند الموت قائلين لهم: لا تخافوا من الموت وما بعده، ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم من أمور الدنيا، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ".
جماعة المسلمين، أول أمر أوصى به نبينا محمد في الحديث هو الإيمان بالله، ومعناه توحيده سبحانه وتعالى بالعبادة وعدم الشرك به، وهو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا. عن أبي بكر الصديق في تفسير هذه الآية قال: (لم يشركوا بالله شيئا).
فالشرك ـ عباد الله ـ من أعظم الذنوب التي يقترفها العبد في حق ربه الذي خلقه ورزقه، وهو أن تجعل مع الله ندا في العبادة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ : أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ))، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: ((ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ))، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: ((ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ)) رواه البخاري.
ومن عِظَمِ ذنب الشرك أن الله لا يغفره مطلقا، قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [النساء: 48].
ومن الشرك ـ عباد الله ـ دعاء غير الله والنذر للأولياء والصالحين والتقرب إليهم؛ بحجة أنهم شفعاء عند الله. ومن الشرك الذهاب للسحرة والاستغاثة بهم من دون الله لرفع ضر أو جلب نفع. ومن الشرك تعليق التمائم، وهي حبل يربط في عنق المريض أو يده، وفي نهايته عقدة خضراء أو سوداء فيها طلاسم أو تراب أو نحو ذلك. فإن اعتقد أن هذه هي سبب شفائه من دون الله فقد وقع في الشرك والعياذ بالله.
وأعظم ما يحققه العبد هو توحيد الله عز وجل، بأن تؤمن بأن الله هو وحده المستحق للعبادة، وهو معنى لا إله إلا الله، لا معبود بحق في السماوات والأرض إلا الله، فيجب أن توجه أقوالك وأفعالك لوجه الله تعالى، وأن تعتقد أن الله هو الذي بيده الخير والشر، وهو كاشف الضر وجالب النفع، أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ [النمل: 62].
جماعة المسلمين، من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول باللسان وعمل بالجوارح واعتقاد باللسان، والدليل ما رواه النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَفْضَلُهَا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدناها إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ)). فالحديث صريح على أن القول كقول: "لا إله إلا الله" والعمل كإماطة الأذى عن الطريق والاعتقاد كالحياء من الإيمان.
ولذلك من الخطأ ما يتانقله البعض من أنه يكفي من الإيمان الاعتقاد القلبي دون العمل، فهذا ليس بصحيح مطلقا؛ بل العمل من الإيمان، بدليل قوله للصحابي الذي سأله فقال له الرسول : ((قل: آمنت بالله ثم استقم)). فالقول هو قوله: ((آمنت بالله))، وهي كلمة التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وقوله: ((ثم استقم)) أي: بالعمل الصالح.
قال تعالى: وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى [طه: 75]، فمن يأت ربه مؤمنا به مصدقا لرسله متبعا لكتابه وقد عمل الصالحات الواجبة والمستحبة فلهم بذلك خير الجزاء، درجات عالية في الجنة، فجعل الله هذا الجزاء لمن آمن بقلبه وعمل بجوارحه ولسانه.
الخطبة الثانية
عباد الله، لقد أمر الله رسوله والمؤمنين بالاستقامة على الدين، قال تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [هود: 112]. فهذا أمر من الله لنبيه ومن معه من المؤمنين أن يستقيموا كما أمرهم الله، فيسلكوا ما شرعه الله من الشرائع، ويعتقدوا ما أخبر الله من العقائد الصحيحة، ولا يزيغوا عن ذلك يمنة ولا يسرة.
والاستقامة ـ عباد الله ـ هي سلوك الصراط المستقيم وهو الدين القويم الذي يشمل فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنكم مأمورون بالمسارعة في فعل العبادات قبل نهاية المطاف، قبل أن لا ينفع ندم، قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران: 133]. لا يدري أحدنا متى ينتهي أجله وتحل ساعته، فيفاجئه هادم اللذات ملك الموت، حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون: 100].
الموت حقيقة تناساه الناس جميعا؛ بسبب الانكباب على الدنيا ولذاتها، كلنا يؤمن بحقيقة الموت، كلنا يؤمن بحقيقة الحساب في القبر ويوم القيامة، فماذا أعددنا؟! عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ((إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لا تَسْمَعُونَ؛ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ))، وقال لرجل وهو يعظه: ((اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)).
فسارعوا إلى الله بالتوبة والإنابة، فإن الله كريم جواد يقبل التوبة من عباده، وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82].
لماذا يصر الناس على المعاصي مع علمهم بأنها حرام، قد حرمها الله ورسوله؟! لماذا تصرّ ـ أخي المسلم ـ على أكل الربا والاقتراض من البنوك بالربا لحجج واهية، كشراء سيارة أو بناء بيت والله قد حرم عليك هذا؟!
| |
|