molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: حفظ اللسان - سعد بن سعيد الحجري الثلاثاء 8 نوفمبر - 3:48:19 | |
|
حفظ اللسان
سعد بن سعيد الحجري
الخطبة الأولى
أما بعد: فيا أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، ولا تموتن إلا أنتم مسلمون. أطيعوه فلا تعصوه، واذكروه فلا تنسوه، واشكروه فلا تكفروه، وأنيبوا إليه وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون، واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون.
واعلموا أن الله أمهلكم ولم يهملكم، وأن رحمته وسعت كل شيء، في البر مع سعته، وفي البحر مع سعته، وفي الجو مع سعته، وسعت العقلاء، ووسعت غير العقلاء، رحمان رحيم، عفو غفور، لطيف ودود، يحب أهل الطاعة لطاعتهم وهو الغني عنهم، ويبغض أهل المعصية لمعصيتهم وهو لا يتضرر بهم، سبقت رحمته غضبه، يقول تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [غافر:7].
والله تعالى أرحم بخلقه من أنفسهم، يجزئ على الحسنة عشرًا ويضاعفها إلى سبعمائة ضعف، ويكتب السيئة إذا تركت من خوفه حسنة، ويمهل العاصي ست ساعات، فإن تاب لم تكتب سيئة، وإن لم يتب كتبت سيئة واحدة.
ومن رحمته بالنفس أنه نهى عن قتلها حتى من صاحبها، يقول تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [النساء:29]، وقال للذي قتل نفسه: ((عبدي بادرني بنفسه، حرمت عليه الجنة)). وهو تعالى أرحم بالعبد من الأم الحنون بولدها، ففي غزوة حنين أسرت امرأة وولدها، فلما وجدت ولدها ألقت بنفسها عليه وضمته إلى صدرها، قال : ((أترون هذه طارحة ولدها في النار؟)) قالوا: لا يا رسول الله، قال: ((فالله أرحم بعباده من هذه الأم بولدها)).
ومن رحمته بخلقه تعالى أنه شرع لهم ما يتقون به المعاصي في الدنيا، ويتقون به النار في الآخرة؛ لأن المعاصي عذاب الدنيا، والنار عذاب الآخرة.
ومما شرع لهم ووصاهم به التقوى؛ لأنها وقاية من عذاب الله، تتضمن فعل الأوامر وترك النواهي، يقول الله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ [النساء:131]. والتقوى وقاية من الضيق والكرب والعسر، ووقاية من الفقر والحاجة والفاقة، يقول الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2، 3]، وقال أحد السلف: "ما احتاج تقيّ قط".
والتقوى علامة على قبول العمل، والعمل المقبول هو أحب العمل إلى الله، وأحب العمل إلى رسوله، وأثقل الأعمال في الخيرات هو العمل الذي ينتفع به صاحبه، وإذا قبل الله العمل حفظ صاحبه في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27]. والتقوى صفة من صفات أهل الجنة لأنهم وقوا أنفسهم وأهليهم نارًا وقودها الناس والحجارة، وسلكوا طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، يقول الله تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا [الزمر:73].
والتقوى نجاة من النار؛ لأن التقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل الأوامر وترك النواهي، يقول الله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [مريم:71، 72]، ويقول: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الزمر:61]. والتقوى سبيل الفلاح وسبب الفوز في الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200].
ولأهمية التقوى فهي خير لباس يتزين به العبد؛ لأنه زينة القلوب، والإنسان بقلبه وليس ببدنه، يقول تعالى: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26]. وهي خير زاد يتزود به العبد؛ لأنها زاد الآخرة وزاد الفطرة وزاد الملائكة وزاد الأنبياء والأولياء، يقول تعالى: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:197].
والتقوى مقياس العباد ومقياس الأعمال، يقول الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، ويقول : ((إنما الأعمال بالنيات)). وقد اختار الله لها أشرف عضو في جسد الإنسان وهو القلب، يقول : ((التقوى ها هنا)) ثلاث مرات وأشار إلى صدره.
ولضرورتها للإنسان أمر بها في كل زمان، وأمر بها في كل مكان، وأمر بها على جميع الأحوال؛ لأن الله حي لا يموت، تزول جميع الملكيات إلا ملكه، ولأنه الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ولأنه سميع يسمع جميع الأصوات، ولأنه بصير يبصر جميع المرئيات، ولأنه عليم يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يقول : ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)).
ولا تتحقق التقوى إلا بفتح أبواب الطاعات ودوامها، ليكون الذكر وقاية من الضياع في النهار والضياع في الليل، وتكون الصلاة وقاية من الفحشاء والمنكر، وتكون الصدقة وقاية من الشح والبخل ومن الخطيئة ومن غضب الرب ومن ميتة السوء، ويكون الصوم وقاية من قول الزور ومن العمل به ومن اللغو والرفث ومن الشهوات، ويكون الحج وقاية من الرفث والفسوق.
ولا تتحقق التقوى إلا بامتثال الجوارح لأوامر الله واجتنابها لنواهي الله تعالى ومراقبتها لله، ولا تتحقق التقوى إلا بسد نوافذ الهلاك التي أهلكت الدنيا والآخرة، والتي أفسدت الأخلاق والفطر والقلوب، وفي فتح نوافذ الهلاك يضيع العمل ليكون هباءً منثورا، يتحسر صاحبه ويعض أصابع الندم، يقول الله تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]، ويقول : ((لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء، يجعلها الله هباءً منثورا))، قال الصحابة: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)).
وفتح نوافذ الهلاك يضيع العمر حتى يكون كأنه ساعة أو كأنه عشية أو ضحى أو يوم، يقول الله تعالى: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ [الأحقاف:35]، ويقول: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ [المؤمنون:112، 113].
وفتح نوافذ الهلاك يمرِّد الجوارح عما أمرت به، ولا تنتهي عما نهيت، ولا تصدق بخبر، ولا تطبق حكما، همها البطون والفروج والأهواء والشهوات، فلا الأبصار تبصر، ولا الأسماع تسمع، ولا القلوب تفقه، إن هم إلا كالأنعام، يقول الله تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].
واعلموا ـ عباد الله ـ أنّ أوسع نافذة للهلاك هي نافذة اللسان، صغير حجمه، كبير جرمه، وكان أوسع نافذة للهلاك؛ لأن أكثر الخطايا منه، فاللعن منه، واللغو منه، واللهو واللعب والاستهزاء والسخرية والغيبة والنميمة والكذب والافتراء والقيل والقال، ولو وقف الإنسان على عمله لعلم أن قوله ثلثا العمل أو أكثر، ولو كان الإنسان يشتري قرطاس الكتابة لترك الكثير من الكلام، ولو كان يعطي عن كل كلمة قرشًا واحدًا لترك الكثير من الكلام، فكيف إذا كان يعطي عن كل كلمة حسنة؟! يقول : ((أكثر خطايا ابن آدم في لسانه))، ويقول: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))، وقال مورق العجلي: "أنا أدعو الله من عشرين سنة أن يوفقني إلى ترك ما لا يعنيني، ولا أزال أدعو"، وقال ابن مسعود: (يا لسان، قل خيرًا تغنم، أو اسكت عن شر تسلم، من قبل أن تندم).
وكان اللسان أوسع نافذة للهلاك؛ لأنه أكثر الجوارح عملاً، لا يتقيد بزمان بل في كل زمان، ولا يتقيد بمكان بل في كل مكان، ولا مجال دون مجال بل على جميع الأحوال، فالإنسان يتكلم في النور والظلمة والقيام والقعود، ولو نظرنا إلى أكثر الجوارح عملاً في العبادات لوجدناه اللسان، فهو جارحة العمل في الذكر، وهو أكثرها في الصلاة، وهو نوع من أنواع الصدقة لقوله : ((والكلمة الطيبة صدقة))، وقوله: ((وبكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة))، وكفه هو الصيام الحقيقي، يقول : ((ليس الصيام من الأكل والشراب، وإنما الصيام من اللغو والرفث))، ويقول: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).
واللسان هو جارحة العمل في المجالس، وهو الذي يشغل المجالس، وهو جارحة العمل في تعليم العلم، وهو جارحة العمل في الدعاوى والحقوق.
وكان اللسان نافذة الهلاك لأنه ترجمان البدن، يترجم عن القلب وعن العين وعن الأذن وعن اليد وعن القدم وعن البطن وعن جميع الجسد، فكأنما يحمل الأوزار كلها، وكأنما ينقل إذًا البدن كله، ولربما دعا إلى فساد الجوارح كلها، أو دعا الغير إلى الفساد والإفساد، فهو مصدر خطر على الجسد، ومصدر خطر على المجتمع كله، يقول : ((إذا أصبح ابن آدم فإن الجوارح كلها تكفر اللسان وتقول له: اتق الله فينا، فإنما نحن بك؛ فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا))، ويقول: ((كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمر بمعروف ونهي عن منكر أو ذكر الله، وإن العبد يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في جهنم سبعين خريفًا))، ويقول: ((وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أنها تبلغ ما بلغت يكتب الله بها سخطه إلى يوم القيامة))، وقد كان السلف رحمهم الله يعدون كلامهم في الأسبوع، وقد ورد عن سليمان عليه السلام قوله: (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب).
الخطبة الثانية
ولنعلم ـ عباد الله ـ أن الكلام أربعة أقسام: قسم ضرر محض يجب الكف عنه واجتنابه؛ لأنه حرام يؤخذ عليه العبد ويكتب الله به سخطه إلى يوم القيامة، وقسم نفع محض، فهذا خير يجب الإكثار منه والمداومة عليه؛ لأنه رضوان الله الذي يكتب الله به رضوانه إلى يوم القيامة، وقسم فيه ضرر ومنفعة، وقد يغلب ضرره نفعه، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وقسم ليس فيه نفع ولا ضرر فهو من الفضول والضياع الذي يضيع العمل ويضيع العمر.
واللسان أخوف ما يخاف على العبد؛ لأنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، ولأن القول من العمل، ولأنها مملوكة ما دامت في صدر العبد، ومالكة إذا خرجت من لسانه. قال سفيان بن عبد الله الثقفي: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: ((قل: أمنت بالله، ثم استقم))، قال: يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه وقال: ((هذا)) أي: اللسان. وقال معاذ بن جبل: كنت مع الرسول في سفر وكنت قريبًا منه، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: ((لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤتي ال+اة وتصوم رمضان وتحج البيت))، ثم قال: ((ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل))، ثم تلا قول الله تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16، 17]، ثم قال: ((ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟)) قلت: بلى يا رسول الله، قال: ((رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله))، ثم قال: ((ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟)) قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه وقال: ((كف عليك هذا))، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟!)).
والواجب على المسلم أن يحفظ لسانه بواحد من شيئين: إما بقول الخير ليكون من الأخيار، وإما بالصمت ليسلم من عهدة الكلام.
وبقول الخير ينال الإيمان الذي يأمن به في الدنيا وفي الآخرة، يقول : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت))، وبقول الخير ينال رضوان الله، ومن رضي الله عنه كان من ح+ الله وكان من أهل الجنة، يقول : ((وإن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يكتب الله بها رضوانه إلى يوم يلقاه))، ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبدًا، فيوم القيامة يقول الله: ا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول الله تعالى: أرضيتم؟ قالوا: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك؟! قال: أعطيكم أفضل من ذلك؟ قالوا: وما أفضل من ذلك؟! قال: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدا.
وبقول الخير يدخل العبد الجنة، يقول : ((من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة))، ويقول: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة))، ويقول: ((إن في الجنة غرفا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وواصل الصيام وقام بالليل والناس نيام))، وبقول الخير ينجو الإنسان من النار، يقول : ((اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة))، سمع رسول الله رجلاً يقول: أشهد أن لا إله إلا الله. قال: ((خرجت بها من النار)). وبقول الخير يتحقق الإسلام ويكون العبد من أفضل المسلمين، يقول : ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))، ويقول: ((أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده)). وبالصمت ينجو الإنسان من عذاب الله، يقول : ((من صمت نجا))، ويقول لعقبة بن عامر لما سأله عن النجاة: ((أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك)).
وقد عرف السلف خطورة اللسان فأمسكوه إلا عن الخير، ها هو أبو بكر يمسك لسانه ويقول: (هذا الذي أوردني الموارد)، وها هو عمر يقول: (من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه فالنار أولى به)، ويقول ابن مسعود: (والله، ما من شيء أحوج إلى طول سجن من لسان)، ويقول: (يا لسان، قل خيرًا تغنم، وأمسك عن شر تسلم، من قبل أن تندم)، ويقول الربيع بن خثيم: "لا تكثر الكلام إلا من تسع: تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وسؤال الخير والتعوذ من الشر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتلاوة القرآن"، ويقول الحسن: "لسان المؤمن خلف قلبه، لا يقول الكلمة حتى يتدبرها، ولسان المنافق قبل قلبه، يقولها من غير تدبر"، ويقول أحد السلف: "صحبت الربيع بن خثيم عشرين سنة، فما قال إلا كلمة تصعد"، وقال آخر: "صحبت ابن عون ثنتي عشرة سنة، فما رأيته تكلم بكلمة كتبها عليه الكرام الكاتبون".
| |
|