molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: المولد - سالم بن عبد الكريم الغميز الأحد 6 نوفمبر - 7:59:45 | |
|
المولد
سالم بن عبد الكريم الغميز
الخطبة الأولى
وبعد: عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته وأحذركم ونفسي من معصيته ومن مخالفة أمره.
أيها المسلمون، اتقوا الله وراقبوه، وارجوا اليوم الآخر، وحافظوا على أوامر الله وأدوها كما أمركم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، واجتنبوا ما نهاكم الله عنه وما نهاكم عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، وليتحرّ كل مسلم الصواب في عباداته حتى تقبل منه.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن أعظم منة وأكبر نعمة من الله على عباده أن بعث فيهم الرسل مبشرين ومنذرين، وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وكان من أعظمهم قدراً وأبلغهم أثراً وأعمهم رسالة، محمد، الذي بعثه الله تعالى لهداية الخلق أجمعين وختم به النبيين، بعثه الله على حين فترة من الرسل، والناس أشد ما يكونون حاجة إلى نور الرسالة، فهدى الله به من الضلالة وألّف به بعد الفرقة وأغنى به بعد العيلة، فأصبح الناس بنعمة الله إخواناً، وفي دين الله أعواناً، فدانت الأمم لهذا الدين، وكان المتمسكون به غرة بيضاء في جبين التاريخ، فلما كانت الأمة الإسلامية حريصة على تنفيذ شرع الله متمشية في عباداتها ومعاملاتها وسياستها الداخلية والخارجية على ما كان عليه قائدها وهاديها محمد صلى الله عليه وسلم، لما كانت الأمة الإسلامية على هذا الوصف كانت هي الأمة الظاهرة الظافرة المنصورة ولما حصل فيها ما حصل من الانحراف عن هذا السبيل تغير الوضع، فجعل بأسهم بينهم، وسلط عليهم الأعداء، وصاروا غثاء كغثاء السيل، فتداعت عليهم الأمم وفرقتهم الأهواء ولن يعود لهذه الأمة مجدها الثابت وعزها المستقر حتى تعود أفراداً وشعوباً إلى دينها الذي به عزتها وتطبق هذا الدين قولاً وعملاً وعقيدة وهدفاً على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام.
وإن من تمام تطبيقه أن لا يشرع شيء من العبادات والمواسم الدينية إلا ما كان ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الناس إنما أمروا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، فمن تعبد لله بما لم يشرعه الله فعمله مردود عليه لقول النبي: صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)). وهو في نظر الشارع بدعة وكل بدعة ضلالة.
وإن من جملة البدع ما ابتدعه بعض الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي، يجتمعون في الليلة الثانية عشرة منه في المساجد أو البيوت فيصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بصلوات مبتدعة، ويقرؤون مدائح للنبي صلى الله عليه وسلم تخرج بهم إلى حد الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وربما صنعوا مع ذلك طعاماً يسهرون عليه، فأضاعوا المال والزمان وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الله ولا رسوله، ولا عمله الخلفاء الراشدون ولا الصحابة ولا المسلمون في القرون الثلاثة المفضلة، ولا التابعون بإحسان، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، ولو كان خيرا ما حَرَمَه الله تعالى سلف هذه الأمة وفيهم الخلفاء الراشدون والأئمة، وما كان الله تعالى ليحرُم سلف هذه الأمة ذلك الخير لو كان خيراً، ثم يأتي أناس من القرن الرابع الهجري، فيحدثون تلك البدعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم): "ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له، من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع، ولو كان خيراً محضاً أو راجحاً كان السلف أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كانت محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهراً وباطناً ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حريصين على هذه البدع تجدهم فاترين في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم مما أمروا بالنشاط فيه، وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتّبعه" ا.هـ كلامه رحمه الله تعالى.
أيها المسلمون، إن بدعة عيد المولد التي تقام في شهر ربيع الأول في الليلة الثانية عشرة منه ليس لها أساس حتى من التاريخ لأن كتب السيرة حكت اختلاف المؤرخين في يوم مولده صلى الله عليه وسلم قيل هو يوم 2 أو 8 أو 10 أو 12 أو 17 أو 22 وليس لأحد هذه الآراء ما يرجحه على الآراء الأخرى، بل الحساب الفلكي الذي يتعصب له هؤلاء المحتفلون بالمولد، ويرون أنه قطعي في صيام رمضان، الحساب الفلكي يؤكد أن يوم الاثنين في شهر مولده عام الفيل يوافق 2 أو 9 أو 16 أو 23 وقد ولد صلى الله عليه وسلم قطعاً يوم الاثنين، فلا يمكن أن يكون ولد يوم 12 من الشهر إلا أن بعض المعاصرين حقق أنه من اليوم التاسع.
وإذا لم يكن لبدعة عيد مولد النبي أساس من التاريخ فليس لها أساس من الدين أيضاً، فإن النبي لم يفعلها ولم يأمر بها ولم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقد قال النبي: صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة)). وكان يقول في خطبة الجمعة: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)).
والأعياد والمواسم الدينية التي يقصد بها التقرب إلى الله تعالى بتعظيمه وتعظيم نبيه صلى الله عليه وسلم هي من العبادات، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى ورسوله، ولا يتعبد أحد بشيء منها إلا ما جاء عن الله ورسوله.
وفيما شرعه الله تعالى من تعظيم رسوله ووسائل محبته ما يغني عن كل وسيلة تبتدع وتحدث.
فاتقوا الله عباد الله واستغنوا بما شرعه عما لم يشرعه وبما سنّه رسول الله عما لم يسنه.
أيها المسلمون، إننا لم نتكلم عن هذه البدعة لأنها موجودة في بلادنا فإنها ولله الحمد لم تعرفها ولا تعمل بها، إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكن لما كان بيننا إخوة لنا تفعل هذه البدعة في بلادهم كان لهم حق علينا تبيان حكمها ليحذروها ويحذروا منها.
ولما كان الكثير منا قد يسمع عنها في الإذاعات أردنا أن نبين أصلها وحكمها حتى يكون المسلمون على بصيرة منها وأن يأخذوا من دينهم باللب دون القشور التي لا أصل لها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام:152].
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، أحمده سبحانه ولا أحصي ثناءً عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جامع الناس ليوم لا ريب فيه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أكمل مرسل من ربه وداع إليه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابعيهم بإحسان على الهدى ودين الحق الذي كانوا عليه.
فاتقوا لله ـ عباد الله ـ حق تقواه، وراقبوه ولا تعصوه، واعلموا أنكم في آجال منقوصة وأنفاس معدودة.
أيها المسلمون؛ فإن بدعة المولد النبوي الشريف بدعة منكرة، يضلل فاعلها، لأن دين الله تعالى، قد كمل ولله الحمد، قال تعالى: ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً [المائدة: 3] قال الإمام مالك: "فما كان في ذلك اليوم دين، فهو دين، وما لم يكن في ذلك اليوم دين فليس من الدين".
وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه:ن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا ما أحدثوا زاعمين: أن ذلك مما يقربهم إلى الله، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم، واعتراض على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة. والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين، ولم يترك طريقاً يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة، كما ثبت في الحديث الصحيح، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم)) رواه مسلم. ولا شك أيها المسلمون، أن بدعة المولد أحدثها العبيديون حكام الدولة الفاطمية، وهم زنادقة ملاحدة، ولم يجرِ عليها عمل القرون الثلاثة المفضلة، فهي بدعة محدثة. وكل بدعة فهي ضلالة كما قال صلى الله عليه وسلم: ((كل بدعة ضلالة)). وكل أمر محدث فهو مردود على صاحبه بقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ)) قال النووي: "قال أهل العربية: الرد هنا بمعنى المردود، ومعناه: فهو باطل غير معتد به".
فاتقوا الله عباد الله واعرفوا دينكم واعبدوا ربكم على بصيرة.
ألا وصلوا عباد الله على خير خلق الله، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشدها، اللهم لا تفرح علينا عدواً ولا تشمت بناً حاسداً.. اللهم احفظ علينا ديننا وأمتنا وبلادنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة.
عباد الله، إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].
| |
|