molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الاستعداد لاستغلال رمضان بالطاعات - خالد بن سليم الشراري الجمعة 4 نوفمبر - 3:11:34 | |
|
الاستعداد لاستغلال رمضان بالطاعات
خالد بن سليم الشراري
الخطبة الأولى
أما بعد: فاتقوا الله أيها الناس، واعلموا أن من حكمة الله تعالى أن جعل مواسم للطاعات، تُضاعف فيها الحسنات، وتُكفر فيها السيئات، وتُرفع بها الدرجات؛ ليتبين بذلك العبد المجتهد الحريص من العبد المفرط المتهاون، فالحريص يتشوف لتلك المواسم بفارغ الصبر، ويستبشر بقدومها، ويستعد لها، والمفرط يضيق صدره منها، ويشمئز من ذكرها، وتمر عليه كمرور غيرها من الأوقات.
ومن تلك المواسم شهر رمضان، الذي كان الرسول يبشرُ أصحابَه بمجيئه، ويخبرُهم أنه شهرٌ تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب جهنم، وتغل فيه الشياطين، ويقول : ((إذا كان أولُ ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاءُ من النار، وذلك كلَّ ليلة)) رواه الترمذي وصححه الألباني، ويقول : ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه))، ويقول : ((قال الله تعالى:كل عمل ابن آدم له الحسنةُ بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك)) أخرجاه. والأحاديث في فضل صيام رمضان وقيامه كثيرة.
فالمسلم الحريص يستعد من الآن لاستغلال هذا الشهر أحسن الاستغلال، ويستقبله أحسن الاستقبال، وذلك بالفرح به، والعزيمة الصادقة على صيامه وقيامه، والعزم على أن يُري الله تعالى من نفسه خيرًا فيه.
فإذا كان التجار يستعدون لرمضان بتوفير السلع وأنواع الأطعمة وما يحتاجه الناس في رمضان، وأهل الكرة يستعدون له بتقسيم الفرق وتنظيم جدول المباريات وتهيئة الملاعب، وأهل البطون يستعدون له بشراء الأطعمة والمشروبات مما لذ وطاب، وأهل البلوت والشيشة يستعدون له باستئجار الاستراحات وتنظيم السهرات، وأهل القنوات الفضائية يستعدون له بالأفلام والمسلسلات، فقل لي بربك: ماذا أعددت لرمضان؟! أيليق بطلاب الجنة أن يمر عليهم رمضان كمرور شعبان؟! هذا لم يحدث عند طلاب الدنيا فكيف يحدث عند طلاب الآخرة؟! ولكن أقول كما قال الفاروق عمر : (اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة).
عباد الله، اعلموا -رحمكم الله- أن من الإحسان في استقبال رمضان أيضًا أن نستقبله وقد طهرنا أنفسنا من درن الذنوب والمعاصي بالتوبة النصوح، وتخلصنا من مظالم الناس، ونقينا بيوتنا من القنوات الفضائية المشتملة على المحرمات كالغناء والأفلام والأمور التي لا تخفى عليكم.
لنستقبل رمضان ونحن طاهرون مطهرون من دنس الذنوب، ومن مظالم الناس؛ لنتذوق طعم الصيام، ونتلذذ بحلاوة العبادة في رمضان، فإن العبادة كالطعام الشهي، والذنوب كالأمراض، وهل يتلذذ المريض بطعامه ولو كان من أشهى الأطعمة؟!
ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا
عباد الله، إن للعبادة طعمًا، لا يمكن أن تتذوق هذا الطعم مع المعصية، كما لا يتذوق طعم الطعام الشهي مع المرض، قال : ((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه ممن سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)). فللإيمان حلاوة، وللعمل الصالح لذة.
عبد الله، إذا أردت أن تتذوق لذة الصوم فهيئ نفسك من الآن، طهرها من دنس الذنوب، طهر بيتك من المعاصي، خلص ذمتك من المظالم، وسوف تجد -بإذن الله- لذة للعبادة تفوق كل لذات الدنيا، وستتمنى معها أن تكون كل السنة رمضان.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لفعل الخيرات واجتناب المنكرات، ونسأله سبحانه أن يرزقنا العزيمة على الرشد، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
عباد الله، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد: فاعلموا -رحمكم الله- أنه يجب على كل من عليه قضاء من رمضان أن يقضيه قبل أن يأتي رمضان الذي بعده، فمن كان عليه قضاء من رمضان الماضي فليقضيه قبل أن يأتي رمضان هذا. وله أن يؤخر القضاء حتى يبقى عن رمضان بمقدار أيام القضاء، وإن كان هذا خلاف الأولى؛ لأنه ربما يعرض عارض خلال هذه الأيام تمنع من الصوم، مما يترتب على ذلك تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني.
فإذا جاء رمضان الثاني وهو لم يقض فإن كان بعذر فلا شيء عليه، ويقضي متى ما استطاع، وإن كان لغير عذر فعليه التوبة والقضاء، ولا إطعام عليه في أصح قولي العلماء.
عباد الله، صلوا وسلموا...
| |
|