molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: عيد الفطر 1424هـ: والله يريد أن يتوب عليكم - أمين بن نور الدين بتقة الخميس 27 أكتوبر - 5:55:03 | |
|
عيد الفطر 1424هـ: والله يريد أن يتوب عليكم
أمين بن نور الدين بتقة
الخطبة الأولى
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، و لله الحمد.
حمدا لك يا رب على إتمام عبادة الصيام، حمدا لك يا رب أن رعيتنا وحفظتنا فأنت الحي الذي لا ينام، حمدا لك يا رب أن أعطيتنا فرصا لنتوب إليك من التقصير و الآثام.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، و لله الحمد.
حمدا كثيرا لك يا رب أن وفقت صالحنا فهديته إليك صراطا مستقيما، و شكرا لك يا رب أن تبت على عاصينا فرددته إليك ردا جميلا.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد حمدا كثيرا، وشكرا جزيلا، وسبحانك ربنا بكرة وأصيلا.
أمرتنا بالتعاون على البر والتقوى فكان أمرا بليغا، ونهيتنا عن مشاركة أهل الإثم والعدوان، وتوعدتنا على ذلك عذابا شديدا. فمنك الأمر والنهي، فقد عرفناك إلها عليما رحيما، ومنا السمع والطاعة فمُنَّ علينا بالإيمان فقد قلت قولا حكيما: فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً [النساء:65].
أمرت عبادك بكل خير وإكماله، ودفع كل شر وإقلاله، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. فأنت تريد رحمتهم وَيُرِيدُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَـٰلاً بَعِيداً [النساء:60].
سبحانك هديت عبادك فعادوا إليك عودا حميدا، وأعرض غيرهم فاتبعوا شهواتهم وأطاعوا شياطينهم فتنكبوا صراطا مستقيما وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27].
تبين الآية القصيرة حقيقةَ ما يريده الله منا، وحقيقة ما يريده أتباع الشهوات الذين حادوا عن منهج الله. قد يقال: من أتباع الشهوات؟ كل من حاد عن منهج الله فهو متبع للشهوات، كل من لم يطع الله فهو متبع للشهوات.
فليس هنالك إلا منهج واحد هو الاستقامة والطاعة والجد والالتزام، وكل ما عداه إن هو إلا هوى يتبع، وشهوة تطاع، وانحراف وميل عن الطريق المستقيم.
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ أيها الناس، فلذلك أرسل رسله وأنزل كتابه، وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً هذه الحقيقة المرة، أن كل منحرف يود لو أنك انحرفت مثله، ودت الزانية لو أن كل النساء بغايا، وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء [النساء:89]، كما أن المؤمن يدعو إلى الخير ويحبه لكل الناس، فكذلك الكافر والفاسق يدعو ويعمل على إغواء كل الناس، كيف لا وقد تنكب صراط الإيمان، واتبع سبيل الشيطان الذي أقسم فقال: فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:82]؟!
فماذا يريد الله منا؟ وماذا يريد الشيطان؟
الله يريد أن يتوب علينا، فييسر لنا طرق الخير لنلتزمها، ويسوقنا للتوبة من تقصيرنا ثم يقبلها منا، والشيطان ممثلا في عباده مِن أتباع الشهوات يريد منا الانحراف عن جادة الصواب، وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً.
أيها المؤمنون، الله يريد أن يتوب عليكم فيحفظ لكم إيمانكم ورضاكم به ربا واحدا لا شريك له ولا مثيل، متصفا بكل صفات الكمال و الجمال و الجلال، لا يستحق أن يعبد إلا هو، فلا يدعى سيدي عبد القادر، ولا سيدي عبد الرحمن، ولا تعلَّق تمائم خامسات ولا حروز، لا يدعى إلا الله جل جلاله.
ويريد الذين يتبعون الشهوات من الكفار والمشركين أن تميلوا عن هذا ميلا عظيما، يريدون أن تشاركوهم في دعاء الموتى وزيارة الأضرحة والمشي إلى كل زردة وحضرة، يريدون أن تتركوا دينكم فتصبحوا يهودا أو نصارى، وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]، لذلك نشروا الدعوة الخبيثة والمؤامرة الكبيرة ضد كل مسلم، ألا وهي الدعوة إلى وحدة الأديان والتقريب بين المسلمين وأهل الكتاب، فنشروا الصليب شعارهم في ألبسة الناس، ولبسها المسلمون، وأقنعوا المسلمين لعقد مؤتمرات لتعظيم كبرائهم (سال أوغيستان)، وأذاعوا في المسلمين مقولة: الإيمان في القلب، يعني اعتقد ولا تنكر، مثل قولهم الآخر: كل من على دينُه الله يعينُه، بل حتى قال قائلهم الأفاك الأثيم: اليهود والنصارى والمسلمون كلهم أبناء توحيد، كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا [الكهف:5]، فقد قال الله تعالى: إِنَّ الدّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ [آل عمران:19]، وقال: لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَـٰلِثُ ثَلَـٰثَةٍ [المائدة:73]، وقال: لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17]، وقال: لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22]، وقال النبي : ((أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله)).
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27].
أيها المؤمنون، يريد الله أن يتوب عليكم في شرعه، فلذلك أمر بتحصيل المنافع و تكميلها، ودفع المضار وتقليلها، فأمر بكل خير، ونهى عن كل شر، أحل لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث، وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرّبَوٰاْ [البقرة:275].
أما الذين يتبعون الشهوات فيريدون أن تميلوا ميلا عظيما، فيدعون إلى الربا والقمار والرشوة، فترى كثيرا من شركاتهم تدعو: اجمع كذا وتتحصل على كذا، اشتر كذا وشارك في قرعة كذا، تحصَّل على رقم كذا ولك كذا، وكذلك تسمع قولهم: عاونونا نعاونكم، أعطِي له قهوته.
فالله يدعو إلى الجد والعمل، وأتباع الشهوات يدعون إلى الربا والقمار والرشوة، قال الله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرّبَوٰاْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278، 279]، وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُم بِٱلْبَاطِلِ [البقرة:188].
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27].
والله يريد أن يتوب عليكم ـ أيها الإخوان ـ فيجمع شملكم، ويوحد صفكم أيها الجزائريون، فـ ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يسلمه)).
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ فتكونوا إخوانا متحابين، وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً فتسودكم الفرقة والاختلاف، فذاك قبايلي، وذاك عربي، وذاك سلفي، وذاك ح+ي، وذاك مالكي، والآخر حنفي أو حنبلي، وذاك شرقي، وذاك غربي، مع أن الله تعالى قال: إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10]، والنبي قال: ((يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى))، وقال: ((ألا أنبئكم بدرجة أفضل من الصيام والقيام والصدقة؟!)) قالوا: بلى، قال: ((صلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة، لا تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)).
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً.
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ يا عباد الله، فأنزل هذا القرآن يدل على كل بر وخير، إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، عقائده راسخة وسهلة، وشريعته شامخة وسمحة، وأخلاقه فاضلة وحسنة. وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ عنه مَيْلاً عَظِيماً، قال تعالى: وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ [فصلت:26]، فكانوا بالأمس يصفقون ويشوشون حتى لا يسمعوا تلاوة النبي ، وهم اليوم يخدعهم الشيطان فيغفِّلهم، فيقيمون سهرات وأغاني، وينشرون آخر الأفلام في شهر رمضان شهر القرآن.
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً.
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ أيها الملتزمون بما أمركم من الطاعات والعبادات لتثبتوا على دينه، وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً [النساء:66].
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ فتعيشوا حياة الجد والالتزام، فتحفظوا حدوده ويحفظكم، ففي الحديث: ((احفظ الله يحفظك)).
فاعلموا أنكم ما خلقتم لتعيشوا كالبهائم، بل لتعبدوه وحده لا شريك له، وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فالمسلم واضح الهدف، والقضية التي يعيش من أجلها معروفة بينة، يحيا لعبادة الله ومحبته، لذلك فكل شيء في حياته يخدم ذاك الهدف، عمله زواجه أولاده حتى نومه قال أحد السلف: "إني لأحتسب نومي كما أحتسب قيامي"، فيجعل نومه سببا معِينا على أداء الواجبات، وبيته وسيلة طاعة، وعمله قربة.
أما الذين يتبعون الشهوات فيريدون أن تميلوا ميلا عظيما، يريد الشيطان أن تعيشوا بلا قضية ولا هدف، تعيشوا للوظيفة، للزوجة، للأولاد، للسياحة، للدنيا فقط، أن تعيشوا لكرة القدم، فيها توالون وتعادون، ولأجلها تحيَون وتموتون، ألم يمت من مناصري بعض الفرق بضعة مناصرين هذا الموسم؟! رحمهم الله وصبر أهاليهم، وقدر الله وما شاء فعل، لكن أهذه همة المسلم، وهذا مبتغاه، وهذه حياته لأجل الكرة؟!
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً.
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ أيها الآباء والأمهات، فيحفظ أسرتكم، ويحكمها بروابط الإيمان والوئام، لذلك أوجب عليكم القيام بها، وسيسألكم عن ذلك، قال النبي : ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))، وقال: ((كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية وهي مسؤولة عن رعيتها)). هذا ما يريده الله.
أما الذين يتبعون الشهوات فيريدون منكم أن تميلوا عن ذلك ميلا عظيما، فتخربوا بيوتكم بأيديكم، لذلك ترى بيوت العجزة حيث يرمى الآباء والأمهات، وتسمع باتفاقيات حقوق الطفل حيث يمنع الوالد من تأديب ابنه، بعبارة أخرى: ضل الولد أم اهتدى، عفت البنت أم زنت، فلا يهمك ذلك، ولا شأن لك به، فاتفاقيات حقوق الطفل تحميه، والله يقول: قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً [التحريم:6].
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً.
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ أيها الشباب والشابات، فأمركم بالعفة والفضيلة وحماها بأصول:
ففرق بين الذكر والأنثى.
وأمر بالحجاب العام، بالأمر بستر العورات، وغض البصر عن المحرمات: قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:30، 31].
وأمر بالحجاب الخاص، بحجب الرجال عن النساء: فَٱسْـئَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [الأحزاب:53]، وبفرض اللباس الشرعي: يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لأَزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ [الأحزاب:59].
وأمر بالقرار في البيت.
ونهى عن التبرج: وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ [الأحزاب:33].
وحرم الاختلاط، قال : ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء))، وفي الحديث: ((لكن حافات الطريق)).
وأمر بالزواج وجعله رأس الفضيلة، قال : ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)).
وأمر بتربية الأطفال على الحياء، قال : ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)).
ورغب في الغيرة ورتب عليها أجرا عظيما، قال النبي : ((فإن المؤمن يغار))، وقال: ((من مات دون أهله فهو شهيد)).
فالله يريد منكم العفة والحياء والفضيلة والستر، وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27]، فترى الشيطان زين للشباب دخول قاعات اللعب دور كل شر وبداية كل انحراف، حيث اللعب فالدخان فالمخدرات فالخمر فالفجور، لما حذرْنا من هذا في العيد الماضي استغرب البعض وتعجبوا، لكن ظهرت الحقيقة المُرة في تلك القاعة التي ابتدأت بالكرات ثم أصبحت ملهى ليليا يفجر فيه القاصرون غير البالغين فضلا عن غيرهم، وقديما قيل: أول النار من مستصغر الشرر، لهذا قال ربنا: وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ [الأنعام:142].
وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً، فاختاروا لأنفسكم يا عباد الله.
هذه إرادة الله: التوبة عليكم بالإيمان الصحيح وال+ب الحلال وتدبر القرآن والعيش لعبادة الله وحفظ الأسر وحماية الفضيلة، وتلك إرادة الشيطان: أن نميل إلى الشرك وأكل المال بالباطل والإعراض عن القرآن والعيش للدنيا وتفكيك الأسر ونشر الرذيلة.
إنها وقائع تعيشونها، فمنا النصح، وعلينا الاتباع ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أيها الناس، كونوا ربانيين ولا تكونوا رمضانيين، فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان لا يدوم، ومن كان يعبد الله فإن الله هو الحي القيوم، وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَـٰثًا [النحل:92].
أمسلمون في رمضان كفار في شوال؟! ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)).
أضيوف الرحمن في شهر الصيام وضيوف الشيطان في باقي الأيام؟! ((من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا كلما غدا أو راح)).
اعلموا ـ عباد الله ـ أنه مما يعينكم على الثبات على الطاعة أمور:
الصلاة، قال تعالى: وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ [البقرة:45]، ومنها قيام الليل قال : ((عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات)).
القرآن، فإن رسول الله قال: ((لو أن القرآن جعل في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق)).
ذكر الله تعالى، قال : ((وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً حتى إذا أتى على حصن حصين أحرز نفسه منهم، وكذلك العبد لا يُحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله)).
الإحسان إلى عباد الله وعياله، قال تعالى: هَلْ جَزَاء ٱلإِحْسَـٰنِ إِلاَّ ٱلإِحْسَـٰنُ [الرحمن:60].
الدعاء، ففي الحديث: ((يا معاذ، والله إني لأحبك))، فقال: ((أوصيك يا معاذ، لا تدعن في كل صلاة)) ـ وفي رواية: ـ ((دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك))، نعم اطلب العون والمـدد من الله على عبادته سبحانه، وأنت إذا سلكت هذا الدرب المنير لن يخزيك الله أبداً، أليس هو القائل: وَٱلَّذِينَ جَـٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا [العنكبوت:69]، وهو القائل: أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36]؟!
أيها المؤمنون، لا تجعلوا هذا اليوم مناسبة لمعصية الله، صلوا الأرحام، ولا تبذروا أموالكم، وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَاء أَمْوٰلَكُمُ ٱلَّتِى جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَـٰماً [النساء:5]، ولا تنسوا إخوانكم المسلمين بالدعاء.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|