molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: هل أنت من الطيبين؟ - أمير بن محمد المدري الخميس 27 أكتوبر - 5:42:20 | |
|
هل أنت من الطيبين؟
أمير بن محمد المدري
الخطبة الأولى
يقول تعالى: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ [المائدة:100].
اسمع ـ يا عبد الله ـ إلى كلام العزيز الحميد الذي بيَّن لنا أنه لا يستوي عنده الخبيث والطيّب، فالطيّب في أعلى الدرجات، والخبيث في أسفل الدّركات. والله جعَل الدنيا دار ابتلاء وامتحان، لماذا؟ ليميز الخبيثَ من الطيب. والله تعالى طيّب يحبّ الطيب من القول، ويحب الطيب من العمل، ويضاعفه لأصحابه. الله جل وعلا يحب الطيّبين من الناس، ويبغِض الخبيث. الله جل وعلا يرفع الطيّبَ ويبارك لأصحابه فيه.
أيها المسلمون، الله أمرنا أن نكون طيّبين في أقوالنا وأعمالنا وذواتنا وأموالنا، ونهانا أن نكون من الخبيثين في أقوالنا وأعمالنا وأموالنا وذواتنا. فانظروا وتأمّلوا هل يستوي من طاب لسانه وطاب قوله فلا يقول إلا طيّبا ولا ينطق إلا خيرا، إذا حضرتَ مجلسَه وجدتَه طيّبا مطيَّبا بذكر الله والصلاة والسلام على محمد رسول الله، هل يستوي هذا مع ذلك الرجل الذي إذا تكلّم تكلّم بغيبة ونميمة وتفريق بين الناس؟! وصدق الله القائل: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [إبراهيم:24، 25].
عباد الله، هل يستوي المؤمن طيّبُ الأعمال الذي إذا رأيتَه رأيتَ عمله طيّبًا، عملَه حسنًا، عملا يحبه الناس ويحبه الله، يؤدّي فرائض الله، طيّبا في أعماله، راعيا لأمانته في وظيفته، هل يستوي هذا مع ذلك الخبيث في عمله وفعله؟! تراه لا يرعى أمانة الله، متقهقرا في الصلوات، إذا استُرعي على مال أكله، إذا استُعمل على وظيفة ارتشى وغشّ وخان، هؤلاء ولو كانوا كثيرين فهم عند الله من أخبث البشر.
أيها المؤمنون، هل يستوي المال الطيب والمال الخبيث؟! فالطيب من المال وإن قل فمآله إلى بركة، مآله إلى خير، وصاحب المال الحلال تستجاب دعوته، ويبارك الله في أهله وأولاده. لا يستوي هذا مع صاحب المال الخبيث ولو كان الحرام قليلا فهو داء وسمّ زعاف، صاحب المال الحرام من أيّ مصدر كان؛ من رشوة أو ربا أو غش أو خيانة لأموال المسلمين فهو مال خبيث، وبالٌ على صاحبه في الدنيا والآخرة.
عباد الله، أهل الإيمان معدنهم أفضل المعادن، فهم كالذهب وأصفى وأطيب، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ [البينة:7]، وقال : ((إن مثل المؤمن كمثل القطعة من الذهب، ينفخ فيها صاحبها فلم تتغير. والذي نفس محمد بيده، إن المؤمن كمثل النخلة أكلت طيّبا ووضعت طيبا))، وقال ((مثل المؤمن كمثل النخلة ما أخذتَ منها من شيء نفع)). النخلة تثمر طوال السنة بلحا رطبا، والمؤمن أينما حلّ نفع، كالغيث والنخلة أغصانها وجذوعها وجريدها يفيد البلادَ والعباد، والمؤمن كله خير؛ كلامه وماله وحركته. والنخلة ترمَى بالحجر وترد بأطيب الثمر، وهكذا المؤمن يدفع الإساءةَ بالإحسان. النخلة أصلها ثابت لا يتزعزع، والمؤمن ثابت لا تغيّره شهوة ولا شبهة ولا غيرها، فهو ثابت على دينه وتقواه. النخلة فرعها في السماء، والمؤمن لا يأخذ زاده وغذاءه إلا من خالق السماء.
قال : ((إن خير عباد الله الموفون الطيّبون، أولئك خيار عباد الله)). معيشة المؤمن طيّبة، ورزقه طيّب، وحياته طيبة، وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، وقال تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48]. فالمؤمنون استلموا الماء الطهور من ربهم، فتطهروا بالماء الطهور، فأصبحوا طاهرين متطهِّرين، ويوم القيامة الجزاء من جنس العمل، وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا [الإنسان:21]. طهارة في الماء، طهارة في الصلاة، وطهارة في الجنة مع سيد الطاهرين محمد .
والحياة الطيّبة لا تكون إلا بالإعمال الصالحة والإيمان، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].
وفي الحياة الزوجية الطيبات للطيّبين، الأقوال الطيّبة لا تصدر إلا من أناس طيبين، الأقوال الخبيثة لا تخرج إلا من أناس خبيثين، والمؤمن وذريته طيبة مباركة، قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا [مريم:4، 5].
فأنت ـ يا عبد الله ـ طيّب، تزوجتَ طيّبة، يعطيك الله ذريّة طيبة. والمؤمن إن أنفق وأخرج من ماله أنفق من الطيبات، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:267]. المؤمن في حياته كلها طيب، في أخلاقه طيب، في سلامه طيب، قال تعالى: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً [النور:61]. والمؤمن رحلته طيبة إلى الله تعالى، فإذا مات جاءته ملائكة بيض الوجوه يقولون: "اخرجي ـ أيتها النفس الطيبة ـ إلى روح وريحان ورب راض غير غضبان"، قال تعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ [النحل:32].
والمؤمن في قبره يأتيه رجل طيب الرائحة طيب الملبس جميل الصورة فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، أنا عملك الطيب، فيفتح له نافذة إلى الجنة، ويوسّع له في قبره. وفي الجنة تستقبل الملائكة المؤمنين قال تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73]، سلام عليكم طبتم فادخلوا دار الطيبين والأزواج المطهرة، سلام عليكم طبتم فالذي طيّبهم فعلُ الخيرات أداءُ الصلوات طاعةُ الوالدين حبّ الصالحين وذكر الله ونصرة الصالحين والحياء والعفة وحسن الخلق.
فيا أيها المؤمن، عنوان السعادة والصلاح في الدين والدنيا والآخرة الإيمانُ الصحيح، فالمؤمن الحق لا يأتي إلا طيبًا، ولا يصدر منه إلا طيب، بدنه طيب، وخلقه طيب، مدخله طيب، ومخرجه طيب.
وأخيرًا، أسأل الله بأسمائه الحسنى أن يجعلني وإياكم من الذين طابت أقوالهم وأعمالهم ونفوسهم، وأسأل الله أن يجعلنا وذرياتنا من الطيبين المطيبين، اللهم أدخلنا دارَ الطيبين يا رب العالمين...
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|